في صفحتها على فيسبوك كتبت أستاذتنا وصديقتنا الرائعة سلوى زكو أمس مقالاً اختارت له عنوان ((انتخبوا لا تنتخبوا)) خلصت فيه إلى ضرورة أن نذهب جميعاً، نحن الذين نريد التغيير ونتطلع الى الخروج من هذه الحلقة الجهنمية الاسلاموية، الى صناديق الاقتراع لننتخب مَن يستحقون أن نصطفيهم نوابنا في البرلمان.
المقال قرأته بعد عودتي من الطبيب الذي زرته ليطلعني على نتائج فحوصات أمر هو بإجرائها (نتائج مطمئنة). خلال دقائق الانتظار وجدت أحد العاملين في العيادة صافناً، ولما سألته عما به تحدث بألم عن "المسخرة".. كان يقصد الانتخابات البرلمانية المقبلة وما يرافقها من حملات. أكد بلهجة قاطعة وحاسمة انه غير عازم على تحديث سجله الانتخابي والاقتراع.
سعيتُ لإقناعه بعدم رجاحة رأيه، فالمقاطعة ستصب نتائجها في صالح الفاسدين والمفسدين والساعين للاستئثار بالسلطة والثروة واحتكارهما، إذ يمكنهم بما يحوزون من نفوذ في الدولة وما يملكون من مال عام منهوب، أن يشتروا أصوات الجهلة والمغفلين من الناس.
بدا الرجل مقتنعاً، لكنه طرح السؤال التالي: اذا ذهبتُ واقترعتُ لصالح من يستحق أن أصوّت له، هل تضمن لي ان صوتي لن ينتهي الى شخص آخر لم انتخبه ولا أريد لأحد ان ينتخبه؟
هذا سؤال جوهري للغاية، فقانون الانتخابات المعدّل أبقى على النظام المتعارض مع مبادئ الديمقراطية، أعني نظام المقاعد التعويضية الذي يسمح بترحيل أصوات مُدلى بها لصالح مرشحين غير فائزين الى مرشحين آخرين غير فائزين أيضاً يقررهم رئيس القائمة!
ليس في وسع أحد أن يجيب بالايجاب على سؤال الرجل الراغب في الانتخاب والخائف من أن يذهب صوته الى مرشح فاشل لا يستحق أن يحتل مقعداً في مجلس النواب.
برغم هذه الاشكالية فانني أحرّض على الانتخاب، كما فعلت أم عمار في مقالها، فثمة أمل في ان بعض اصواتنا ستذهب الى من يستحقونها فعلاً ويستحقون أن يمثلونا في البرلمان.. اما عدم الانتخاب فهو يشبه التوقيع على بياض لمن لا نريد لهم ان يكونوا نوابا.
أستعين بما جاء في ختام مقال استاذتنا لأضعه برسم الصديق عامل العيادة وسواه ممن يطرحون السؤال الجوهري نفسه:
تقول سلوى زكو: "لا الدستور ولا قانون الانتخابات يستطيع أن يُبطل برلماناً حتى وإن انتخبه عشرة بالمائة فقط من جمهور الناخبين، بل ان المقاطعة سوف تصبّ في صالح الكتل السياسية المتنفذة التي ستدفع بجمهورها التقليدي الى صناديق الاقتراع في غياب اصواتنا"، لافتة الى "ان هناك هامشاً يمكننا المناورة من خلاله بأن نختار وجوهاً عابرة للطائفية والولاءات العشائرية والمناطقية كي تكون صوتاً لنا في البرلمان القادم. ولعل الطريق طويل، لكن ما من سبيل آخر أمامنا مادمنا غير قادرين على الاحتشاد في الشوارع والميادين بالملايين وليس لدينا سيسي يخرج من جيش لا تمزقه الولاءات كي ينتصر لارادة الشعب".
نعم ان الأمر كذلك استاذتي أم عمار وصديقي عامل العيادة.
مقالات اخرى للكاتب