قبل بضعة اسابيع تابعت على إحدى الفضائيات برنامجاً كان الضيف فيه السيد وزير النقل العراقي وكانت إحدى محاوره أوضاع الخطوط الجوية العراقية وفي رده على سؤال مقدم البرنامج حول السبب الذي يجعل تسعيرة التذاكر لشركة فلاي بغداد أقل من مثيلتها في الخطوط الجوية العراقية مع ان الأخيرة هي الشركة الحكومية الرسمية فكانت تبريرات الوزير بأنه لو أخذنا الامتيازات التي تقدم للمسافر على خطوطنا فيمكن الاعتبار بعدم وجود أي فارق بالسعر حيث ان المسافر لدينا يمكنه الانتقال من ساحة عباس ابن فرناس الى المطار وبالعكس بواسطة الباصات الحديثة الفاخرة والمتوفرة بشكل مجاني بينما المسافر على الخطوط الأخرى يدفع مبلغ عشرة آلاف دينار للذهاب ومثلها في الإياب لذلك لايصبح فارق في السعر بين الشركتين وأضاف بأن الوجبات التي تقدم للمسافر على طائراتنا فانها فاخرة وتعتبر من أفضل الوجبات في العالم حيث تم التعاقد مع شركة عالمية محترمة ولها خبرة طويلة في هذا المجال.
شاءت الظروف أن أسافر أنا وعائلتي الى محافظة أربيل وسارعت في اختيار الحجز على الخطوط الجوية العراقية وقد شجعني في ذلك كلام السيد الوزير وتصريحاته الواثقة, وعند وصولنا الى ساحة عباس ابن فرناس لم أجد أي باص فاخر أو غير فاخر ينتظرنا وعند استفساري عن تلك الباصات جائتني الإجابة من قبل الجميع بأن الباصات قد تم توقيف العمل بها منذ أكثر من شهرين ولاتوجد وسيلة نقل الى المطار وبالعكس سوى عجلات مشروع تاكسي بغداد والأجرة فيها عشرة آلاف دينار لكل شخص فركبت فيها مرغماً أما بالنسبة للوجبات الغذائية الفاخرة التي تم تقديمها لنا على متن الطائرة فهي وجبة متواضعة جداً لايتجاوز سعرها بأفضل الأحوال ألفين دينار فهي تتكون من سندويج بائس وقطعة كيك قيمتها 250 دينار وعلبة شربت عادي وقنينة ماء بنفس ثمن قطعة الكيك, وعند هبوطنا في مطار أربيل فقد كانت باصات حديثة ومكيفة بانتظارنا ونقلتنا الى خارج المطار مجاناً وكذلك الحال عند العودة, وهنا أوجه سؤالي الى السيد الوزير كيف تصرّح عبر وسائل الإعلام وبكل ثقة بكلام غير موجود على أرض الواقع ولاتوجد فيه أي درجة من الصحة فهل تعرف بما يجري في المطار أم لا؟ وأقول إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لاتدري فالمصيبة أعظم ولماذا تم إيقاف العمل بإسطول الباصات الحديثة التي كلفت ميزانية الدولة مبالغاً باهضةً ولمصلحة من تم إيقافها وأين هي الشركة العالمية المرموقة ذات الخبرة الطويلة من الوجبات الغذائية البائسة التي يتم تقديمها للمسافرين , وأضيف للسيد الوزير تساؤل آخر هو هل تعلم بأن توقيتات حركة الرحلات الجوية في جميع مطارات العالم تعتبر توقيتات ثابتة ومقدسة وتصل دقتها الى حد الثانية ولاتملك أية جهة تغيير هذه التوقيتات إلا في حالات طارئة جداً وقاهرة وبضوابط صارمة ولكن الذي حصل في رحلة الخطوط الجوية العراقية من بغداد الى أربيل في يوم الخميس المصادف 25 شباط مخالفاً لكل الضوابط والتعليمات العالمية, حيث كان وقت الرحلة
المثبت رسمياً هو الانطلاق بالساعة الخامسة والنصف مساءً فتفاجأ المسافرون بتأخيرهم لمدة ربع ساعة في المطار لسبب مجهول وبعد صعودهم الى متن الطائرة تم تأخيرهم ربع ساعة أخرى بين دهشة الجميع وعدم معرفة السبب الحقيقي ولكن في الساعة السادسة تماماً تم معرفة السبب حيث تبين أن الطائرة تأخرت بسبب تأخر أحد الركاب عن القدوم فتم تأخير الرحلة بالكامل لانتظاره وعند صعوده الى الطائرة تبين أنه أحد السياسيين الذين كانوا سبباً في تدمير العراق وهو وزير التربية محمد إقبال الذي حصل (هو ووالديه) بسبب هذا التأخير على سيل من اللعنة والشتائم من قبل المسافرين الذين تحملوا التأخير بسبب شخص لم يحترم منصبه ولم يحترم الآخرين.
ماشاهدته في هذه الرحلة الاستفزازية على متن إحدى طائرات الخطوط الجوية العراقية الرسمية جعلني على يقين بأن العقوبات والحظر التي تم فرضها على طائراتنا من قبل الاتحاد الأوروبي لم تأتي من فراغ وإنّي أشدّ على أيديهم باستمرار هذا الحظر حفاظاً على سمعة العراق وسمعة الخطوط الجوية العراقية التي كانت من أفضل الشركات العالمية.
مقالات اخرى للكاتب