لم نكن نعرف من القضايا الا القضية الفلسطينية، منذ الخمسينات ونحن أبناء الاجيال المتعاقبة تظل قضية فلسطين شغلنا الشاغل فالمؤتمرات لها والندوات والمحافل لها والقصائد والروايات لها والتوصيات لها، فهي البؤرة والمركز في السياسة كما في الاقتصاد، ومؤتمرات القمم العربية لا كلام فيها الا عن فلسطين وأرقام هائلة من مصادر الثروات العربية ممن يمتلكون الثروات تجير لصالحها ولصالح منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني الذي عانى من التهجير والقهر والترهيب بعد أن استحل الصهاينة أرضه وملعون الى أبد الأبدين ووعده المشؤون.
وظل اليشماغ الفلسطيني باللون الازرق رمزاً للثورة الفلسطينية بكل فصائلها من ابو عمار الى جورج حبش الى نايف خواتمه وسواها من الفصائل الاخرى يرتديها الفتية والشباب في المهرجان تعبيرا عن التضامن العربي مع ثوار فلسطيني من المغرب الى الخليج العربي، ويكفي أن يتم الاعلان عن امسية لشاعر من فلسطين في اية بقعة عربية لكي يتحول المهرجان الى تظاهرة شعبية للتضامن مع حيفا ويافا والجليل والخليل وبيت لحم والمسجد الاقصى، وهكذا تمت تربية اجيال تتبعها أجيال على أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الاولى والاخيرة ولاقضية اخرى سواها.
الان، لننظر الى الخارطة العربية لنرى كم من القضايا التي تتابعت وانشطرت وتكاثرت على حساب قضية العرب الاولى، فقضية الصحراء المغربية وقضية ليبيا وقضية السودان وقضية سورية وقضية اليمن بشماله وجنوبه وقضية الصومال وقضية ارثريا وقضية تونس ومن ثم وثم وثم قضية العراق. اصبحت للعراق قضية اذن، نعم وهي قضية كما في القضية السورية فيها مهرجرون ونازحون تماماً كا هو حال الفلسطينيين حين حل اليهود على أرضهم محلهم، وأتساءل كثيرا مع نفسي ثمة على الخارطة قضية اخرى جديدة تضاف الى عديد القضايا التي ذكرتها والتي فاتني أن اذكرها، وهل سيكون لكل قضية شعار وواجهة وجماهير ومهرجانات واحتفالات واحزاب وتجمعات وجمعيات وهل سيتوسع عمل اللجنة الدولية لشؤون اللاجئين لكي تشمل تجمعات بشرية اخرى، ويقف الانسان العربي أمام شبابيك الاونروا بحثاً عن لقمة خبز وصحن حساء!
مقالات اخرى للكاتب