بغداد- العراقتايمز: يشهد العراق عاماً بعد عام زيادة سكانية، وعلى الرغم من ذلك تغيب الإحصائيات الرسمية حول التعداد السكاني النهائي، إذ عجزت الحكومات المتعاقبة بعد 2003 عن إجراء تعداد سكاني بسبب الظروف الأمنية والعديدة التي شهدتها البلاد خلال العقدين الماضيين، لكن وزارة التخطيط، اكتفت بأحدث تقديراتها لعدد سكان العراق ونسبة الذكور والإناث والنمو السنوي، وفيما أوجزت أسباب تأخر تنفيذ مشروع التعداد العام، أكدت أن المشروع سيُدرج ضمن الموازنة الاستثمارية.
تقديرات سكانية
وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، في تصريح صحفي تابعته وكالة" العراقتايمز" إن آخر تقديراتنا لعدد سكان العراق بلغ 41 مليوناً و150 ألف نسمة، نسبة الذكور منهم 50.5 في المئة، والنساء 49.5 في المئة، أما نسبة النمو سنوياً فتبلغ 2.6 في المئة".
وبين، أن "الوزارة سجلت في عام 2020 نمواً بواقع مليون و258 ألف ولادة، بينما في عام 2021 سجلت نمواً بواقع مليون و284 ألف ولادة، وبذلك عبرت سقف النمو السنوي، والذي يبلغ مليون ولادة".
وأضاف الهنداوي، أن "التعداد العام للسكان تأخر كثيراً ولأسباب قاهرة في عام 2020 لعدم وجود موازنة، وتفشي جائحة كورونا، ما حال دون تنفيذه، وفي عام 2021 لم تحصل الوزارة على مخصصات مالية كافية، إضافة إلى تزامنه مع موعد الانتخابات".
ولفت إلى أن "وزارة التخطيط استكملت جميع المتطلبات الخاصة لتنفيذ الإحصاء العام للسكان، ولكن حتى الآن لا توجد موازنة"، مبيناً أن "الوزارة تحتاج إلى 120 مليار دينار لتنفيذ التعداد العام للسكان"، مؤكدا، أن "جهود الوزارة مستمرة في الاستعدادات، وتم تنفيذ مجموعة من التجارب في 7 محافظات بشكل ميداني"، موضحاً أن "التعداد العام للسكان سينفذ إلكترونياً، ولا بد من اختبار الجهود ميدانياً".
وأشار إلى أن "هناك مجموعة من المراحل التي يجب استكمالها، وصولاً إلى تنفيذ التعداد مثل تأمين الأجهزة اللوحية (التابلت) التي نحتاج إلى 150 ألف جهاز منها، وأيضاً الحاجة إلى تدريب وتأهيل 150 ألف عداد، وإجراء تعداد تجريبي في عموم العراق لاختبار القدرات والإمكانات، وإجراء عملية الترقيم والحصر التي تمثل العمود الفقري للتعداد، وبناء مركز متطور لمعالجة البيانات، وتأمين شبكات التراسل الإلكترونية من الميدان إلى مركز البيانات"، مؤكداً أن "هذه المراحل ينبغي استكمالها قبل الوصول إلى يوم التعداد".
وتابع أن "التعداد سيتحول من مشروع تشغيلي إلى مشروع استثماري، بمعنى أنه يدرج ضمن الموازنة الاستثمارية، وليس ضمن الموازنة التشغيلية"، موضحاً أن "الموازنة التشغيلية محصورة بسنة محددة، ولكن الاستثمارية تكون مستمرة"، مبينا، أن "التعداد سيكون إلكترونياً من خلال الأجهزة اللوحية المرتبطة بالمركز الوطني لمعالجة البيانات، بالتالي إرسال البيانات يكون بشكل فوري لحظة إدخالها من قبل العداد، وهو جالس مع الأسرة، إذ تنتقل بشكل مباشر إلى المركز الوطني لمعالجة البيانات".
كارثة مجتمعية
في المقابل، كشف المدير التنفيذي للتعداد السكاني في العراق، سمير الخضير، عن أن بقاء العملية السياسية معلقة سيؤول إلى كارثة مجتمعية بالنسبة للسكان في سن العمل البالغ نسبتهم في العراق وإقليم كردستان نحو 60 في المئة.
وقال الخضير في تصريح صحافي، إن "نسبة الشباب تتجاوز 35 في المئة، والسكان في سن العمل (15 - 64 عاماً) يشكلون نحو 60 في المئة من نسبة سكان العراق وإقليم كردستان"، مشيراً إلى أنه "في ظل ازدياد هذه النسبة وعدم توفر فرص عمل، سيتحولون لكارثة مجتمعية لأنهم المُعيلون للـ40 في المئة من الباقين في المجتمع، لذا إذا لم يجدوا فرصة العمل بهذه الأعمار سيكون العبء إضافياً على 40 في المئة الذين يسمونهم نسبة الإعالة".
ودعا الخضير راسمي السياسة ومتخذي قرار الجهات المعنية إلى "أخذ هذه النقطة بعين الاعتبار من أجل وضع الخطط المستقبلية لكيفية معالجة هذه النقطة بالذات نظراً لحساسيتها العالية"، مردفاً أن العراق "مقبل على دخول الهبة الديموغرافية التي تستغلها الدول لإصلاح اقتصاد البلد والوضع السياسي والاجتماعي للسكان".
وتابع، "وفق تقديرنا للأسر، هنالك تقلص في حجم الأسرة التي كانت تشكل 7 أفراد، إذ إنها حالياً وبسبب الظرف الاقتصادي وانشطار الأسر، قُلّلت إلى ستة أفراد، مع احتمالية حدوث نزول من هذا الرقم خلال الفترة المقبلة".
وبحسب إحصاءات حكومية، فإن سكان المناطق الحضرية للعراق وفقاً لعام 2021 يبلغون 28779201 نسمة، وبنسبة مقدارها 69.9 في المئة من مجموع سكان العراق، أما سكان المناطق الريفية، فقد بلغ عددهم 12411457 نسمة، بنسبة 30.1 في المئة من مجموع سكان العراق.
وأضاف أن "تقديراتنا بُنيت على أسس علمية، يقوم بها الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط، للاعتماد على المشروع الإحصائي في تقدير نسب الخصوبة وتوقع الحياة عند الولادة، وكذلك أعداد السكان بحسب النتائج الأولية للتعداد عام 2009".
ورأى الخضير أن تقلص حجم الأسرة يعود لـ"الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والمشكلات التي تحدث داخل الأسر الممتدة والكبيرة"، لافتاً إلى أنه "في زمن الحصار، أي فترة التسعينيات، كان هناك تجمع للأسر، بحيث تكون الأسرة كبيرة والمستوى المعيشي يعتمد على التكافل بينهم، لكن حالياً بسبب رواتب الموظفين وانخراط أفراد في القوى الأمنية والمشكلات الاجتماعية التي برزت على السطح، أدى ذلك لرغبة الناس في العيش بأسرة مستقلة، التي تتوفر فيها وسائل راحة أكثر مقارنة بالقدم".
ووفقاً للخطة، بحسب الخضير، "من المفروض أن يكون لكل أسرة وحدة سكنية تسكنها باستقلالية، لكن بسبب الوضع الاقتصادي، على الرغم من وجود كثير من الاستثمارات في موضوع السكن، لكن ما زالت هناك نسبة مرتفعة من الأسر تسكن بالإيجار".
ونوه إلى أن "محافظة السليمانية سجلت أقل مستوى لحجم الأسرة، أما محافظات الجنوب فحجم الأسرة فيها مرتفع جداً، بخاصة في شهر أبريل (نيسان) مقارنة ببقية المحافظات".
من المقرر أن يشارك نحو 125 ألف عداد في عملية التعداد العام للسكان في العراق، حيث أكد الخضير أن العمل مع إقليم كردستان "مستمر".
وبين، أن " الفترة التي انقطعوا فيها عن إقليم كردستان، كانت بسبب الضائقة المالية وعدم وجود موازنة للإقليم، مما أثر في بعض الفقرات التي أنجزوها في 15 محافظة عراقية، ولم يتم إنجازها في إقليم كردستان مثل المعلومات الجغرافية في بعض الأنظمة الإلكترونية، إلا أن هناك تعاوناً كبيراً في مجال الاستمارات والتعليمات، وغيرهما".
وأقر المدير التنفيذي للتعداد السكاني في العراق على أنه "في حال بقاء الأمور السياسية معلقة مثل تشكيل الحكومة وتأخر الموازنة، سنجد صعوبة في تنفيذ عملية التعداد"، عازياً ذلك إلى "تأثّر تجهيز بنى تحتية لمراكز البيانات للأجهزة اللوحية للتعاقد مع الباحثين بذلك".