المتشائل مفردة منحوتة ابتدعها الكاتب الفلسطيني الراحل أميل حبيبي جمعاً لمفردتين هما المتشائم والمتفائل، والنحت في اللغة العربية امر معروف فنقول البسملة والحوقلة عوضاً عن بسم الله الرحمن الرحيم ولا حولة ولا قوة الا بالله، ولكن مفردة المتشائل مفردة ادبية صوفة في النص الروائي لأميل حبيبي عن شخصية سعيد ابي النحس وهما اسمان مترادفان يجمعان التشاؤم والتفاؤل معاً.والمتشائمون في واقعناً اكثر من المتفائلين، ليس بسبب ظروف الحياة وقسوتها بل لانحسار صفة التفاؤل عن كثير من مجربات الامور في حياتنا، فلا تفاؤل في اوساط الشباب وهم يعانون البطالة، ولا تفاؤل في اوساط الشيوخ من ذوي الامراض المزمنة ممن يدوخون السبع دوخات من اجل الحصول على الدواء اللازم، ولا تفاؤل لرب الاسرة برزقه المحدود وهو الذي يعيل عائلة كبيرة بكل متطلبات افرادها من الملبس والمأكل والمشرب وصولاً الى التعليم ونفقاته الباهظة.لذلك استشرت في الاوساط صفة التطير او الطيرة كما تعارف عليها اهل اللغة، وهي صفة تلازم الكثيرين من ابناء المجتمع ولاسباب نفسية كثيرة، وفي حالنا يلجأ الكثيرون الى عالم الغيب بكل مقترباته من قراءة الطالع الى دراسة النجوم ومن البحث في الابراج الى الايمان بقدرة الحصى والخرز على ان يحدد لهم مستقبلهم، فصار اذا راى قطاً اسود اكفهرت ملامحه واذا نبح في طريقه كلب سائب عاد ادراجه الى داره مقرراً عدم الخروج ذلك اليوم، وهكذا حتى استفحل الامر الكثيرين ولله الحمد على كل شيء!. لقد ذكر المؤرخون ودارسو تاريخ الادب اشياء كثيرة عن التطير والمتطيرين ولعل ابرزهم الشاعر ابن الرومي الذي كان يؤمن بهذه الخرافات ايماناً شديداً يعقده الامر اذ راى قطة في طريقة داره عدة ايام لا يخرج منها ابداً. ان شيوع ظواهر من هذا النوع ينم عن جهل مطبق ولكن العقول لها مداراتها واستفحال هذه الظاهرة لها مسبباتها التي يعرفها علماء النفس البشرية وباستطاعتهم تحديد معطياتها ونتائجها السلبية على المجتمع، خاصة وان هناك مكاتب وفضائيات تروج لهذه الانواع من الخزعبلات. ينتشر الجهل فتنتشر معه الخرافات وتستفحل الظاهرة ليس في اوساط النساء الباحثات عن حلول مع ازواجهن المتطرين فحسب بل في اوساط الشباب الذين غاب العلم عن عقولهم وصاروا يلجأون الى الوساوس والايمان بالحصى والخرز والبحث عن نملة ارملة توضع في لفافة تحت مخدة شخص ما!.
مقالات اخرى للكاتب