يليق جداً بالجموع التي زحفت نحو كربلاء في العشرين من صفر لاحياء ذكرى اربعينية الامام الحسين واخيه ابي الفضل العباس عليهما السلام ومن استشهد معهم من ال بيت النبوة والصحابة والتابعين رضوان الله عليهم ، نقول يليق بزحف هؤلاء ان نسميه بـ (الزحف المقدس) وذلك لقدسيه المناسبة اولا ، وقدسية صاحب المناسبة ، وكونه عملا لوجه الله يبتغي منه الزاحفون مرضاته عز وجل .
يقول شفيق محمد الموسوي في الكتاب الذي اعده عن السيرة الحسينية المباركة وعنوانه ” الطريق الى كربلاء” والذي صدر عن المركز الاسلامي الثقافي في بيروت ، يقول: سرى نبأ مسير الحسين عليه السلام الى كربلاء ، فاضطرب الموقف الاموي ، وشعرت السلطات بالخوف من انقلاب سياسي يطيح بعرش يزيد ، وماج العراق والحجاز باهله ، وتحدثت الركبان بأنباء الثائر العظيم .
ويمر السيناريو سريعا بدءا من مواجهة علي عليه السلام اعداء الحق واغتصاب الخلافة ، وصلح الامام الحسن عليه السلام ، الواقع الجديد بعيدا عن جوهر الاسلام الاصيل .. ودور الحسين عليه السلام ووصيته الى اخيه محمد بن الحنفية ، والكتاب الذي وجهه الامام الحسين الى بني هاشم ، ومراسلات الكوفة والنصائح التي اسديت للامام الحسين من المقربين له. وارسال مسلم بن عقيل سفيراً للحسين الى الكوفة ، ومن ثم استشهاده على يد الطغمة الفاسدة .
ووصول عبد الله بن زياد الى الكوفة ، وتفرق الناس عن مسلم عليه السلام ، ووصول الحسين عليه السلام الى كربلاء ، ودور الشمر بن ذي الجوشن في احباط العودة ، ومعركة كربلاء واستشهاد الامام الحسين ومن معه ، ورحيل السبايا من ذراري رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام الى الشام ، ومن ثم عودتهم في العشرين من صفر الى كربلاء لاقامة مأتم الامام الحسين ، ودفن الرؤوس مع الجثامين المباركة .
الذكرى السنوية التي تقام في العراق وزحف الجموع من كل صوب وحدب اعتبرته بعض المصادر اكبر تجمع ديني في العالم حيث قدرت الاحصائيات من داخل المحافظة بـ 26 مليون زائر وصلوا الى كربلاء خلال فترة اسبوع .. ومن هؤلاء 17.5 مليون زائر محلي و7.5 ملايين زائر اجنبي .. الاحصائيات تشير الى ان عدد النساء الزاحفات بلغ 60 بالمئة من مجموع الزائرين بينما بلغ عدد الرجال 40 بالمئة ولم تشر الاحصائية الى عدد الاطفال علما ان نسبتهم لا تقل عن 10 بالمئة وهي نسبة من الصعب تجاوزها ، سوى ما يمثله الاطفال من براءة ورمزية سلمية عالية في هكذا مسيرة .
الجهد اللوجستي الذي قدم لتأمين المسيرة توج بـ 300 الف عنصر امني ، وشارك في هذا الجهد 10 الاف عنصر من الحشد الشعبي ، وخمسة الاف متطوع ، كما ان عدد العناصر الامنية من النساء بلغ الفي عنصر نسوي .. الجهد الامني في هذه المسيرة المقدسة اسهمت فيه 9 طائرات من طيران الجيش ، و60 الف مركبة عسكرية مختلفة ، اضافة الى ما يقارب من خمسين الف مركبة من وزارة النقل ، وعشرة الاف مركبة اخرى تابعة لوزارات مختلفة . هذا فضلا عن 1500 حافلة ايرانية تم استضافتها لنقل الزائرين ، و 24 قطاراً ، مطار النجف الاشرف وحده استقبل ما معدله 140 رحلة يومية وعلى مدى عشرة ايام ، سوى مطاري بغداد والبصرة .
من جانب اخر احيت المناسبة مواكب عزاء عراقية واجنبية بلغ عددها 7137 موكبا ، منها 7060 موكباً محلياً و77 موكباً اجنبياً ، وشارك في المسيرة المقدسة زائرون من 80 دولة عربية واقليمية واجنبية . ولا غرابة بعد ذلك ان الصحفيين الذين قاموا بتغطية المناسبة بلغ عددهم 600 صحفي ، وعميت بعض القنوات العربية عن ذكر المسيرة لعدم مهنيتها وطائفيتها واكتفت بنقل اخبار المثليين في العالم والعلاقات القطرية الاسرائيلية .
بقي ان نقول ان 10 الاف عامل نظافة شارك في تقديم الخدمات في مدينة كربلاء اضافة الى ثلاثة الاف متطوع و10 آلاف من الكوادر الصحية الذين قدموا خدماتهم على طول الطريق المؤدي الى كربلاء ومن مختلف المحاور فضلا عن الخدمات داخل المدينة.. المسيرة الملحمة ادت رسالتها بامانة ، وعاد الناس الى مناطق سكناهم ومحافظاتهم سالمين غانمين فرحين بما حققوا دون حوادث امينة تذكر ، خاصة بعد تطهير “جرف النصر” التي كان يتسلل منها الانجاس لقتل الناس السائرين الى كربلاء ، فبوركت الجهود العظيمة التي قدمت لانجاح الزيارة ، وتقبل الله زيارة كل من سار الى كربلاء راجلاً وراكباً بقلب سليم .
مقالات اخرى للكاتب