هل تسمعون مثلي دبيب أقدام متسللة ، هل تشمون رائحة احتراق - من غير رائحة مشاوي 2003 التي جعلت شوارعنا تعط زفرا . دعوني أقول : خيوط روائح الخرق الملوثة بالبانزين ، كبريت ، هسيس خشب يحترق ويحتمي بدفئه مسلحون؟
هل تحسون في بطونكم شيئا قريبا من اسفنجة مشبعة بمياه ثقيلة ، عفونة ناتجة من تسمم غذائي ، هذا الذي يسمونه البغداديون فسق معدة ، الشبيه برائحة بيض عفن؟
لكل منا طريقة في الحسّ بالخوف . لكن أنا الذي جربته طوال عمري ، أحسّه على هذا النحو ، وهو يمسكني الآن ، مع فزات من النوم وتعرق ورغبة شديدة بالموت للخلاص منه .
أعترف أنني أوجه الآن انوفكم لما يجري . لا تتظاهروا بالثقة واللامبالاة . حتى الآن أخذنا عطلة من العنف الطائفي المباشر ، لكن ثمة فاسقين غدارين يتمرنون عليه مجددا . انظروا : يتظاهرون في الرمادي ، لكن أصحاب المشكلة يختبئون بالعملية السياسية ، وبعض ملثمي القاعدة السافرين ينتقدون اي تطرف بينما هم يحدون سيوفهم ، والعشائر تضامنت مع بعض افندييها الكذابين. المطالب صحيحة لكن السياسة ضعيفة .
في العراق سيّسوا حتى القبور وأضعفوا سياسة التنمية والفهم. خلطوا التجارة بالسياسة ، فراحت التجارة تصنع سياسة على قدر المصالح ، مرة على قدر العيساوي ، ومرة على قدر الشابندر . فضلا عن ذلك لا سلطة تمارس تعالي الدولة بل تسحبها الى فقرها الفكري ، وأساليبها البوليسية ، من هنا تغيب المعلومات الحقيقة ، وتنمو الشائعات .
والحال أن السلطة لا تتصرف ، لأنها إما أنها لا تريد ، أو تخاف أن تريد ، أو لا تعرف ماذا تريد ، بيد أنها تدرك أن الخنادق الطائفية هي التي راحت تتكلم ، واللهجة السياسية لها مجرد قشرة رقيقة. ما الحل عند عديمي الحل غير التصعيد؟
ههنا تحركت هيئة الاركان السرية ، ودفعت بمفتولي العظل الى الواجهة. ففي ظرف بضعة أيام برز 3 من حزب الله ، واحد منهم أسس جيشا وراح يهدد ، والآخر وجّه صواريخه على نيام مجاهدي خلق وقتل وجرح 100 منهم بدم بارد ، والثالث تبرأ من هذه الافعال غير المسؤولة . من نصدق؟ السلطة أحتجت ايضا وقالت إنها اصدرت أمر القاء القبض ، لكن لا اظنها ستفعل شيئا ، ففي الامر قطة ميتة ، ورائحتها تعط . أنا أصدق أن ميكانيكية طائفية راحت تعمل ، وثمة من يجرب العين الحمرة وبعدها ينتقل الى الذبح!
أدعو كتابنا الى تطوير حاسة شمهم في هذه الفترة الحرجة ، كما أود أن أسجل رائحة جديدة على قوائم الخوف: قطة ميتة!.
مقالات اخرى للكاتب