العراق تايمز ــ كتب اسماعيل مصبح الوائلي:
بلد التناقضات
السعودية بلد يضم أكثر من 26 مليون نسمة، حيث يعد مؤشر التمنية البشرية هناك عاليا نوعا بمعدل 0.812 إذ يحتل المرتبة 27 من الترتيب العالمي بالنسبة لنصيب الفرد من الناتج الوطني الإجمالي. توجد هناك رعاية صحية عامة على أحسن المستويات بمعدل وفيات 2.55 حالة من بين 1000 شخص .
هذه البيانات تجعلنا نعتقد أننا أمام دولة متقدمة ومزدهرة، خصوصا اذا ما نظرنا للبنيات التحتية العامة والمؤن الكبيرة التي يتمتع بها السعوديون في ظل الثروة العظيمة للأسرة المالكة، ولكن بمجرد تجاوز التحليل الاقتصادي، يمكننا أن نرى التناقض الهائل في بلد تحكمه الشريعة الإسلامية دون أي نوع آخر من التنظيمات، في بلد ساكنة محرومة كليا من حق التعبير، في ظل غياب الحريات الأخرى كالحرية الدينية وحرية الصحافة، فلا يمكن لك أن تتخيل مؤسسة أو منصب حساس دون ان يكون اسم آل سعود فوقها.
إن النظام القانوني للدولة السعودية كان دائما مصدرا للشكوك وصراعا من اجل تأسيس بعض المنطق داخل تشريعات دينية بحتة. ففي سنة 1954 تم إنشاء هيئة قانونية تكميلية خصوصا أمام الحاجة الى تأسيس أنظمة بدأت تتشكل سنة 1962 والتي كانت تعرف بمحكمة المراجعة الذي تشكلت من طرف رجال الدين الذين يدققون في المسالة التنظيمية التي تنكب على تفسير القران مع الأخد بعين الاعتبار بعض التغييرات التي قد تطرأ في الأحكام حسب الحالة حيث لاحظنا أن التنظيمات الأولى بحقبة الخمسينيات أصبحت مرجعا لتسيير قطاع النفط الذي هو في حاجة إلى أطار مرجع من اجل التجارة مع الخارج كالجمارك و الضرائب.
لقد اعتبرت السعودية أن الاحتكاك المستمر بالعلماء وحده ساعد على سواد الشريهة لدرجة انه لم يكن أبدا شيء اسمه وزارة العدل إلى غاية سنة 1953 حين تم تأسيس الهيئة الوزارية الأولى.
التعليم كان جبهة أخرى تمكنت الوهابية من التغلغل فيها عبر تشكيل المدارس القرآنية والجامعات الخاصة التي منعت دخول أي طالب ينتمي لبلدان غير "مؤمنة".
جامعة المدينة سوف تصبح مركزا للتدريب التي يوجد فيه 75 بالمائة من طلبتها سيأتون من خارج السعودية. كما سنرى أيضا مستقبلا الدور "القيادي" للوهابية في الجامعة العربية و عملها على التدريب الخاص لجمعية الشباب المسلم منذ 1972 الذي حمل على عاتقه نشر الفكر الوهابي ونشر كتب المودودي والسيد قطب من خلال هذه المدارس الممولة من الدولة لمكافحة موجة القومية العربية العلمانية والتصوف في تلك الفترة..
الإذاعة و التلفزيون والصحافة المكتوبة هي الأخرى توجد عليها رقابة شديدة من الأسرة الحاكمة، وتجدر الإشارة إلى إن أول محطة إداعية بدأت سنة 1948 التي يستحيل لك أن تسمع فيها صوتا نسائيا نظرا لفتاوى العلماء التي حرمت ذلك وبمباركة من الأمير فيصل
في سنة 1995 بدا أول بث تلفزيوني مع وضع الكثير من الشروط والتعقيدات التي خنقت القطاع، حيث كان الفعل بعرض أي لقطة يظهر فيها رجل وإمرة في وضع رومانسي احدث هجوما اعتدائنا على المحطة قبل مجموعه مقادة الأمير مساعد الذي هو واحد من حفده الملك عبد العزيز وكان الجزء الأكبر من البرامج مخصصا للبرامج الدينية حصرا.
يتبع......