أتذكر أنني ومنذ اللحظة التي تسلم فيها العبادي منصبه رئيساً لمجلس الوزراء كنت متشائماً الى حد النخاع وفي حينها تعرضت لأنتقادات كثيرة من اصدقاء ومقربين . وكانت حجة المنتقدين أَن الرجل حديث عهد في حكومة جديدة ينبغي أن نعطيها فرصة . وكانت حجتي الأقوى أنه ليس بجدين عن العملية السياسية بل أنه فيها منذ أ، كان بريمر يدير شؤون البلاد حاكماً مدنياً لحكومة احتلال ومن ثم استمر العبادي في عمله وزيراً ونائباً ورئيساً للجنة مالية في برلمان الدورة التي كان فيها المالكي في حكومته الكارثية الثانية .
العبادي وطوال عمله في السلطة لم نستمع منه او نلمس عملاً يشير الى أنه يفكر بالبلاد والعباد لينقل تجارب بريطانيا التي يحمل جنسيتها بل كان همه مثل باقي رجال السلطة من حزبه وبقية الأحزاب التأسيس لأمبراطوريات من المال تخدم الأحزاب التي جائت من الخارج ليس لديها مايديم عملها ولتتحول الى أحزاب تملك أموال وعقارات وجماعات تهتف ( بالروح بالدم نفديك ياهو الجان ) . وبنفس الأتجاه ولكن المعاكس نجد أن البلد يتراجع يوماً بعد آخر نتيجة للأهمال المتعمد . فلا حزب المالكي الذي يمسك بالسلطة طوال 10 سنوات قد قدم الخدمات وساهم في تطوير البلاد ولاباقي الأحزاب المشاركة في الحكم قد وقفت لتدافع عن البلد ولتقف ضد سوء الخدمات وانتشار الفقر والعوز بين المواطنين بل على العكس تصرفت كل الأحزاب مع الشعب على أنه كالديدان وما عليها سوى تأمين لقمة الخبز له ليستمر بالحياة البائسة بينما هي تواصل عمليات النهب المنظم للثروات دون وازع من ضمير !
وبمقارنة بسيطة بن ماكانت تملكه احزاب السلطة في العام 2003 وماتملكة اليوم ونحن في العام 2016 سيكتشف من يجري المقارنة حجم انتفاخ الثروات وانتشار العقارات وبشكل لم يتمكن قارون من ان يفعله في زمانه . فبغداد على سبيل المثال قد تم ابتلاع نسبة كبيرة منها من قبل تلك الأحزاب كما النجف وكربلاء والبصرة وباقي المحافظات التي شهدت انتشار حلة من الثراء لشخصيات بعينها دون ان تؤدي عمل يذكر .
ومع تدمير كل مرافق الصناعة والزراعة والتجارة وصلنا اليوم بعد ان انهارت اسعار النفط الى حالة لم يسبق للعراق لو اي دولة قد مرت بها . فنحن اليوم في مرحلة تتسم بالكثير من الكوارث ليس اقلها مايعانيه المواطن من شح ذات اليد والتهديد الواضح في قطع الرواتب وازدياد الضرائب والغاء التأمين الصحي المجاني وتحويله الى تأمين مدفوع الثمن وفوضى عارمة في ادارة البلاد التي تعيش حالة من عدم الأستقرار نتيجة لتوغل الأرهاب في عدد من المحافظات بسبب سوء الأدارة والفساد في الوزارات الأمنية وباقي الوزارات .
منذ العام 2011 والشارع العراقي يشهد حراكاً معارضاً للعملية السياسة كونها عملية طائفية كرست المحاصصة وقسمت البلاد وزرعت بذور الفرقة بين ابناءه . ومنذ ذلك التاريخ لم نتلمس تجاوباً حقيقياً مع حاجيات الوطن والمواطن وبالنتيجة فأن من تسلم منصباً بقي يفكر في مكاسبه المادية التي تنتفخ شهراً بعد آخر وليس للمواطن سوى راتباً وضع له برنامجاً شهرياً يقوم بتوزيعه بين أجور الماء والكهرباء وهي خدمات هزيلة وكذلك تحمل المواطن أجور الكهرباء المنتجة من القطاع الخاص واجور الوقود ومصاريف الدراسة للأبناء وأجور الخدمات الصحية الهزيلة هي الأخرى . وبالمقابل تفاقمت أزمات السكن والبطالة ماتسبب في انتشار العشوائيات والتجاوز القسري على الأراضي الغير مستغلة . .
قبل أكثر من سبعة أشهر خرج الشارع العراقي في تظاهرات احتجاجية للمطالبة بأصلاح أمور البلاد فوعد العبادي انه سيقوم بالأصلاح ومنذ ذلك التأريخ والعبادي يخادع الناس ويخطب بينهم خطابات لاتغني عن فقر ولاتسمن من جوع . يعتمد على ذات الخلايا الشيطانية اتي استعان بها المالكي لتدمير البلاد لتتواصل عمليات التدمير دون توقف حتى خرج علينا العبادي بلعبته الجديدة التي اطلق عليها حكومة التكنوقراط . وفي نفس لحظة خطابه التكنوقراطي الجديد قلنا انها لعبة لسببين رئيسيين الأول هو أن حكومة التكنوقراط لايمكن ان يكون اختيارها من قبل احزاب لأنها ستفقد صفة من صفاتها المهنية والسبب الآخر ان مشكلة العراق في افلاس خزينته من قبل احزاب السلطة وبالنتيجة فأن أي حل لمشاكل العراق لايمكن أن ينجح بوجود ذات الأحزاب التي جائت له بالمشاكل . هذه الأحزاب لاتمانع من حرق العراق بالكامل مقابل عدم اعادة الأموال التي نهبتها وهربتها الى الخارج . ولذلك فأن اي حكومة مهما تكن نزيهة لايمكن لها ان تقدم شيء قبل اعادة اموال العراق المنهوبة وأبعاد أحزاب السلطة التي خربت البلاد وتغيير الدستور بشكل كامل بحيث يكتب دستور يمنع نهب المال العام ويحافظ على وحدة البلاد ويؤمن كرامة العباد . أما حكومة العبادي التكنوقراطية فهي زوبعة في فنجان وتكريس لخطابه المخادع للشعب والذي يهدف بالأساس الى أرضاء أحزاب السلطة التي ارسل لها خطابات يطالبها فيها لابترشيح وزراء جدد .. ليذكرني بالمثل الشعبي الدارج ( صب بيها جب بيها ) … وعلى الشعب العراقي أن يشرب من البحر أو ينتفض بشكل أكثر قوة لأنقاذ البلاد والثأر لكرامته ….
مقالات اخرى للكاتب