ما حدث في مجلس محافظة بغداد - ونقصد هنا إقالة المحافظ السابق وانتخاب محافظ جديد والصراعات السياسية التي رافقت هذا التغيير - يثبت وجود تغيير في بوصلة التحالفات السياسية والسؤال هنا هو: هل سنشهد توافقات جديدة وردة فعل في محافظات أخرى؟ وهل ستتصارع القوى السياسية لخدمة المواطن؟ والسؤال الاهم هو: هل ستنعكس تلك التوافقات على الانتخابات البرلمانية بما يساهم في تغيير الخارطة السياسية؟.
ما يهمنا هنا هو ضرورة ان تأتي التحالفات والتوافقات السياسية خدمة للمواطن وباتجاه تصحيح مسار العمل السياسي ومكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وان لا تكون هذه التحالفات لخدمة مصالح حزبية وفئوية وشخصية ضيقة. ولقد أثبتت عملية التصويت على المحافظ الجديد هشاشة التوافقات داخل البيت الشيعي في مجلس محافظة بغداد والدليل على ذلك عدم تصويت كتلة الأحرار والمجلس الأعلى على مرشح دولة القانون بالرغم من انها جميعا قوى متحالفة داخل «التحالف الوطني» الذي لا يشكو وحده من الانقسام في المواقف بل وصلت تلك الانقسامات الى البيت السني والكردي لتصل الى ذروتها ما يجعلنا امام فرصة لتغيير الخارطة السياسية في العراق بعد الفشل الكبير للخارطة السابقة في تقديم الخدمات لسنوات طويلة.
وعندما نتكلم عن الخدمات والاعمار والبناء فلا بد ان نذكر حقيقة مهمة وهي ان مهمة مجالس المحافظات لا بد ان تكون محورية باعتبار هذه المجالس هي الحجر الأساس في هيكلية العمل السياسي والاقتصادي والخدمي ولا بد ان يكون لها دور مهم في إدارة الخطط التنموية في جميع القطاعات كالزراعة والصناعة والاهتمام بالجانب الصحي والتعليمي، إضافة الى ضرورة نجاحها في جلب الاستثمارات الأجنبية الناجحة واستقدام الشركات العالمية علاوة على تشجيع رؤوس الأموال للعمل داخل المحافظة بما يساهم في رفع المستوى المعاشي للمواطن، وهذا يتطلب كفاءات علمية قادرة على تقديم الأفضل لمحافظات تشكو الإهمال لعقود طويلة وتفتقد الى البنى التحتية إضافة الى مشاكل اقتصادية واجتماعية كثيرة. وفي خضم الحديث عن الحكومات المحلية ومجالس المحافظات فانه لا بد من القول بأن الحكومة الاتحادية تسعى لمنح هذه الحكومات جميع الصلاحيات التي كفلها لها الدستور العراقي 2005 وبالفعل حصلت على الكثير من صلاحياتها وتخلصت من هيمنة الحكومة الاتحادية لا سيما في ملف الخدمات والأمن الداخلي.. ومن هنا أصبحت للحكومات المحلية فرصة لاثبات جدارتها في تقديم الخدمات لأبناء المحافظات. ولكن ما جرى هو ان تلك المجالس انشغلت في الصراعات الداخلية وفشلت في تقديم اي دليل على قدرتها في ادارة الملفات الخاصة بالمحافظات. ويعزي البعض هذا الفشل لقلة الخبرة في الادارة نظرا لحداثة التجربة بينما يرى البعض ان التجربة فشلت بسبب الفساد المالي والاداري الذي تعاني منه اغلب مجالس المحافظات. وبين هذا وذاك يبقى المواطن العراقي ينتخب من يراه مناسبا على امل تشكيل مجلس محافظة نزيه ينجح في تلبية متطلبات المواطن البسيط.
مقالات اخرى للكاتب