الدكتور فائق شاكر، طبيب عيون ظريف وفكه ومنكت معروف. ولد في سامراء عام 1891، وتوفي ببغداد عام 1962.
التحق عام 1910 بالمدرسة الطبية العسكرية بالاستانة وتخرج فيها برتبة رئيس، وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى قدّم استقالته من الجيش العثماني المهزوم ورجع إلى الموصل، وعيّن طبيباً في اربيل ثم نقل إلى بغداد. سافر عام 1923 إلى لندن للدراسة فاختصِّ في أمراض العيون، وأصدر في ما بعد كتابا عُدّ مرجعا عن “التراخوما” .
ونظرا الى قربه من الحكم والى كفاءته أيضا عُهد إليه الكثير من الوظائف المرموقة. ففضلا عن اختياره نائبا في المجلس النيابي لإحدى الدورات، عيّن مديراً للبريد والبرق. وتأسست في عهده الإذاعة العراقية وكانت تتبع دائرته، ومنها ألقى أول كلمة بثت عبر الأثير يوم افتتاحها في 22 آذار 1932.
تولى عام 1946 منصب أمين العاصمة بغداد، ثم تولى منصب مدير السكك الحديد، فمديرا للسجون ومتصرفا للواء كركوك، وعيّن حتى مديرا للطيران المدني. ويروى ان مسابقة عالمية للطيران أقيمت أيامئذ، وكانت بغداد من ضمن مسارات المسابقة. فلما هبطت إحدى الطائرات الفرنسية في مطار المثنى، كتبت قائدتها في سجل المسابقة:
– اغرب ما في بغداد ان طبيبا للعيون يعمل مديرا لمطارها.
ويروى أنه كان مرةً موفدا إلى فيينا في مهمة رسمية، عندما تلقى من وزارة الصحة برقية تطلب منه حضور مؤتمر طبي هناك ممثلاً عنها. اذ لم يكن سهلا إرسال طبيب آخر والمؤتمر على وشك الانعقاد. وقد حضر فعلا، لكنه فوجيء بكون المؤتمر ورشة عمل حول الأمراض العقلية، فالمحاضرات تتناول مرض الشيزوفرينيا وما استجد في مجال علاجه. وفي مسعى لإنجاح الورشة تمّ إحضار بعض المرضى لدراسة حالاتهم ومتابعة مدى استجاباتهم للعلاج.
وحسب الأصول جلس د.فائق في مقعد العراق. وبعد دقائق جاءت طبيبة بريطانية وجلست جنبه، وبعد التعارف والمجاملات سألته عن دراساته وبحوثه في مجال الأمراض العقلية عامة ومرض الشيزوفرينيا بخاصة، فأجابها معترفا: في الحقيقة أنا طبيب عيون.
رمقته الطبيبة بنظرة استغراب وتعجب، وغيّرت من لهجتها متسائلة: وفي أية مؤسسة صحية عراقية تعمل الآن؟ فأجابها: أنا الآن مدير عام دائرة السكك الحديد.
فعادت وسألته: وقبلها أين كنت تعمل؟ فأجاب: كنت أمينا لعاصمتنا بغداد أي ما يشبه العمدة عندكم.
ابتسمت الطبيبة ونهضت من مكانها بهدوء وذهبت إلى المشرفين على الورشة، بعدها جاءه احدهم وسأله: عذراً سيدي هل جنابك الدكتور فائق ممثل العراق؟
أجابه: نعم سيدي.. هل ثمة مشكلة؟
قال: كلا ولكن يبدو ان هناك التباساً أو سوء فهم، لان الطبيبة التي كانت جالسة جوارك تصورتك أحد المجانين الذين أتينا بهم إلى هنا، وانه احتل المقعد المخصص للعراق.
هنا صاح بهلول: الله يرحمك دكتور فائق، تعال وشوف هسه، هاي مقاعد العراق يا دكتور احتلوها الشيزو الصدك، وجماله يكولون احنه هيبة!
مقالات اخرى للكاتب