نظام صدام اوصل الانسان العراقي الى الاذلال والمهانة اينما يتجه فأصبح لا يستطيع ان يسأل اي أشخاص يعترضونه في الطريق ويأمرونه بصعود أي سيارة ان يسألهم اين يأخذونه وماهو السبب, كما وصل الحال بالعراقي أن يقف ساعات وأياماً امام محلات بيع المواد ومحطات التعبئة من أجل طبقة بيض او عدة لترات من الوقود دون أن يظهر تضجره من تلك الحال, ناهيك عن القتل والتعذيب والسجن لأتفه الاسباب بل احيانا بلا سبب. حتى وصل الخوف من الكلمات التي يقولها الانسان داخل بيته وبين افراد عائلته.
ولّى زمن صدام لعنه الله وتأملنا خيرا بالعهد الجديد ولكن ... وآه من "ولكن"!!!
لم تهان كرامة العراقي فقط بل تعدتها الى مرحلة الذل والهوان التي لا يقبل بها كل انسان يمتلك ذرة من شرف وخلق سوي وكرامة.
وصل الحال بالعراقي في هذه الايام ان يراق دمه ويصبح ارخص من الماء ولا يستطيع ذويه ان يطالبوا بحقهم وثأرهم من القاتل رغم انه حر طليق يشاهدونه وهم صاغرون, عدا عن الهوان والمذلة التي يلاقيها اينما حل وفي أي دائرة او مكان داخل البلد وخارجه!!! كيف؟
العصابات الاجرامية التي تسرق الناس من موظفين ونصابين ومبتزين وسراق من الذين يأخذون اموال الناس بالسطو المسلح وبالارهاب يتمتعون بكامل حريتهم في النهب ومن اي مكان وبلا وازع ولا رادع يردعهم حتى وصل الحال ان تنقل مليارات الدولارات من الاموال ومن خلال مسؤولين كبار بالدولة استغلوا مناصبهم ايما استغلال في غسيل الاموال وتهريبها ونهب حقوق الناس. بل وصل الحال بقيام العصابات الاجرامية بالسطو على محلات الصيرفة والمصارف ومحلات الصاغة وأمام دوريات الشرطة فيقتلون ويسرقون ويذهبون ولا احد يردعهم.
معاملات المتقاعدين وذوي الشهداء والرعاية الاجتماعية اصبحت سوقا رائجة للنصب والاحتيال بل ان ملفات تعويض ذوي الشهداء والمتضررين نائمة من سنين عديدة تنتظر التفاتة من احد الاشخاص الذين قد تكون عندهم ذرة من مخافة الله.
يقف الناس في طوابير طويلة وتحت حرارة الشمس وبرد الشتاء عسى ان يأتيهم الدور لتسليم معاملة من أجل 100 الف دينار لا تكفي لسد حاجة العائلة لاسبوع واحد فيصرف المواطن آلافا من الدنانير عسى ان تصل معاملته كاملة بيد هذا الموظف او ذاك.
كل هذه المهانات والمصائب التي يواجهها الانسان العراقي لا شئ مقارنة بما تفعله الدبلوماسية العراقية والقانون العراقي بحق دماء ابناء شعبه ..!!
مسؤول كبير في الدولة يشكل عصابات قتل وذبح ومنذ سنين طويلة والحكومة تعرف به جيدا وعلى لسان رئيس وزرائها الذي يعلنها صريحة امام وسائل الاعلام من انه يمتلك الادلة والوثائق التي تدينه ولكنه يتركه حرا طليقا ليوغل في القتل والتخريب بعد أن علم ان هكذا رئيس وزراء احقر من أن يستطيع ان يوقف مجرما ويطبق عليه القانون!!!.
ارهابي من الاردن او من السعودية او من اي بلد عرباني آخر يأتي الى العراق فيستبيح دماء اهله ويقتل منهم المئات يقابله احتقار واستهتار من حكومات تلك الدول بحكومة وشعب العراق بل اعلان ذلك بشكل جلي في كل المحافل العربية والدولية ... ومع كل هذا يتحرك المسؤولون في العراق وبكل مناصبهم وبكل حرص يقوموا بعمل اتفاق مع تلك الدول على أطلاق سراح هؤلاء المجرمين وتكريمهم وأيصالهم الى بلدانهم معززين مكرمين بلا مقابل لماذا؟ ومن هو الذي اعطاكم هذا الحق؟ لا جواب.
بالامس قامت مجموعة من الرجال الشرفاء في السفارة العراقية في الاردن بإعطاء ثلّة تافهة من جلاوزة البعث الاردنيين الدرس الذي يستحقونه بعد أن حاولوا الدخول الى احتفالية السفارة والتظاهر بهتافات مضادة لكل الشعب العراقي ... فثارت ثائرة كل الاردنيين حكومة وشعباً على قيام العراقيين بمس كرامة هؤلاء الدخلاء وخرجوا متظاهرين ضد سفارة العراق واعتدوا على الكثير من العراقيين المقيمين في الاردن والى اليوم لا يزالون يتظاهرون ويطلقون الهتافات والتصريحات المضادة للشعب العراقي وحكومته.
رغم انه من المفترض ان تقوم حكومة الاردن بالاعتذار للعراق على قيام هؤلاء المشاغبين باقتحام احفالية السفارة واطلاق الهتافات المناوئة للشعب العراقي وتمجيد الطاغية المجرم صدام إلا ان الذي حدث هو العكس حيث قامت وزارة خارجية العراق بالاعتذار عما بدر!!!.
وليت الدبلوماسية العراقية اخذتها الحمية على الاعتداءات التي حدثت وتحدث حتى هذه الساعة على العراقيين المقيمين في الاردن ويطالبوا حكومة الاردن بالاعتذار كما اخذت الحمية حكومة الاردن على شخصين او ثلاثة من الاردنيين ضربوا داخل احفالية السفارة العراقية بعد ان اساءوا الادب.
الذي يدمي القلب هو أن حكومة العراق تقابل كل اهانة توجه الى شعب العراق من تلك الحكومات الطائفية بأهانة اشد منها توجهها نحو شعبها وضحاياه. فقد قامت حكومتنا الموقرة بالاتفاق مع كل من السعودية والاردن بأن تعيد لهم كل الارهابيين والمجرمين الذين اوغلوا في دماء ابناء العراق واعادتهم الى دولهم من خلال عفو خاص لهم رغم ان السعودية اصدرت حكما بالاعدام على مايقارب الاربعين مواطنا عراقيا قبل عدة ايام ... فهل هناك في الكون كله حكومة تهين شعبها وضحاياه اكثر مما تفعله حكومة المالكي بشعبها وضحاياه.
الامر الاكثر عجبا ومثاراً للدهشة ورغم ان هذا الارهاب يحصد عشرات الضحايا كل يوم وبتغاضي كامل لهذه الحكومة الضعيفة المتهالكة ترى هذا الشعب يقف صامتا ساكنا وكأن على رؤوسهم الطير.
الطامة الكبرى التي تجعلنا ننفجر من الغيض والحزن هو الجرائم التي يفعلها الارهابيون بحق الاشخاص المسافرين على طريق الاردن من خلال معبر طريبيل من خلال ذبحهم وحرق جثثهم ... فبدلا من ان تقوم الحكومة بتشخيص هؤلاء الارهابين وتقولها صراحة انهم ينطلقون من ساحات الاعتصام في تلك المناطق نراها ترسل جيشها في الصحراء الغربية المترامية الاطراف لكي تقول للشعب العراقي ان هذه العمليات الاجرامية تقوم بها مجاميع ارهابية تعيش في رمال الصحراء !!!...
ويح الحكومة وويح الشعب إن صدق هذه الاكاذيب المخزية لان الشعب يعرف بشكل يقين ان هؤلاء المجرمين ينطلقون من ساحات الاعتصام ولهم عيون تراقب الطرق ومن كل المحافظات وتتابع حركة المسافرين بالدقيقة والثانية وماهو نوع المسافرين وكم هو عددهم وبأي سيارة تحركوا. فلماذا "ياحكومتنا الموقرة" تتعبون افراد الجيش وتصرفون الملايين وتحرقون آلاف البراميل من وقود العجلات والطائرات على أمر تعتقدون انكم تموهون به على عقول الناس ولكن الناس في العراق يعلمون ان ذلك خزي وعار يبقى امد الدهر يطال هذه الحكومة التي تعرف اين الارهاب ولكنها تتركه لتذهب عكس الاتجاه.
فحتام يبقى دم العراقي مهان, وكرامة العراقي ممسوحة بالارض, وقيمة العراقي بين اقرانه من ابناء الدول الاخرى رخيصة بل ارخص من التراب ..
كل هذا بسبب حكومته ودبلوماسيتها الى تجاوزت دبلوماسية الاذلاء والمتملقين رغم ان العراق بما يملكه من امكانات هائلة يستطيع ان يحفظ كرامة ابنائه ويجعل كل متجاوز على ابن بلده يحسب الف حساب قبل ان يتجاوز عليه ولو بكلمة بسيطة... فماذا نفعل لهكذا حكومة يقودها اقزام صغار يشعرون الذلة والمهانة في انفسهم لانهم اعتادوا عليها فعكسوا تلك الذلة والمهانة على ابناء العراق كله غير اسقاطهم ورميهم في المكان الذي يستحقونه قبل ان يفوت الاوان ونكون اكثر منهم ذلة ومهانة.
مقالات اخرى للكاتب