لستُ حزينا على فرار محافظ الموصل أثيل النجيفي من مقر مجلس المحافظة وربما جلوس عزت الدوري مكانه كما يُشاع ولا على أي مسؤولٍ هرب او سيهرب مستقبلا...لأن الكثير من المسؤولين العراقيين ليس بالمستوى الذي يؤهلهم للدفاع عن الأرض والعرض . ولم يكن همّهم إلا الأستحواذ على السلطة والغنائم وهذا كان شأن النجيفي وأمثاله فهروبه ليس فيه مفاجئة لنا ، ولكن حزني على إنهيار المنظومة العسكرية والأمنية والتي قوامها أكثر من سبعين ألف مقاتل تاركين أسلحتهم ومعداتهم العسكرية نهبا لمجاميع إرهابية يُقال أنها قادمة من الخارج وهذا الإدعاء الأمني بحد ذاته يعتبر إدانة إضافية الى القوات العسكرية المرابطة على أراضيها ...وفي موقع دفاعي أن تترك أسلحتها أمام مجاميع ارهابية دخلت راجلة بأسلحة خفيفة وبعضهم على الخيول !... لانعلم خفايا الأمور ومالذي يجري خلف الكواليس ؟ ولكنّ الذي نعرفه عن بعض القادة العسكريين خصوصا من بقايا النظام السابق أولئك مشهودٌ لهم في تسليم البلاد والفرار ساعة الحسم ... وهذا هو شأنهم في الحروب مع العدو الخارجي.. إلا على ابناء شعبهم ! فقد ملأوا ارض العراق بقبورنا عام 1991 . وهم اليوم يرتدون الملابس المدنية وينهزمون في غفلة من جنودهم ! وحزني على الأبرياء الآخرين من المدنيين الذين لم تلوّثهم سموم الحقد الطائفي الذين قتلوا اوهجروا من مناطقهم !!! ولكن الذين فتحوا بيوتهم وأحياءهم للإرهابيين ومنذ أكثر من عشر سنوات ومعهم شيوخ الفتنة والنفاق والدجل ليوفروا لهم الملاذ الآمن وليتخذوا منها مقاصلا لذبح الأبرياء من الجيش العراقي وكل من يتعاون معه هؤلاء لايستحقون التضحية ! وهؤلاء هم الذين فتحوا شهيّة الداعشيين لإحتلال مدنهم وبهذه السرعة ..ولكن ثمّة عامل خارجيٌّ آخر له أثرٌ مباشرٌ وسلبي على المشهد العراقي ..وهو لعنة دول الجوار التي عانى منها الشعب العراقي الويلات ومنذ عشرات السنين مع غباء السياسيين العراقيين الذين سقطوا تحت تأثير هذه اللعنة قديما بإشعال الحروب وحديثا بالإنجرار خلف المشاريع الطائفية وزج العراق في محرقة الحرب السورية بضغوط إيرانية مع تمسّك مستميت بكراسي السلطة التي أعمتهم عن قراءة الأحداث بصورة واضحة...ومثلما تحولت الأراضي السورية الى ساحة لتصفية الحسابات بين دول الجوار خصوصا تركيا وإيران... الأولى تدعم المعارضة والثانية تدعم النظام بعيدا عن زج شعبيهما في هذه المحرقة ومع الإحتفاظ بعلاقاتهما التجارية والسياسية على حساب العراق وسوريا...ولأجل تعزيز العلاقة بينهما وتطويرها بشكل متصاعد لابد أن يضعوا حدا لخلافاتهم حول الملف السوري وبما ان هذا الملف لاينتهي الا بإنهاء المواجهة بين النظام السوري المدعوم ايرانيا وبين المعارضة المدعومة تركيا وأن وضع حدا لهذه الحرب لايتم إلا بأيجاد ارض بديلة تنتقل اليها المجاميع المعارضة للنظام ولم يجدوا افضل من ارض العراق بديلا لقربها اولا ولضعف القيادة السياسية وتشتتها ثانيا ... مع خصوبة الأرض التي يتحركون عليها طائفيا فهي بحكم إنتماءها الطائفي توفر عمقا ستراتيجيا للمجاميع الأرهابية ، إذن ثمن تقارب دول الجوارالخبيث هو تسهيل مهمة احتلال داعش البعثية لمحافظة الموصل كثاني ولاية بعد الفلوجة يتم إحتلالها على أنغام الصراعات السياسية العراقية داخل المنطقة الخضراء على الولاية الثالثة ! هكذا أرادوا العراق أن يكون جزءا من الحل لهذه الخصومات .. وهذه ليست مبررات للسياسيين العراقيين بل هي عارٌ عليهم سيلاحقهم وستلعنهم الأجيال ..جيلٌ بعد جيل على إخفاقهم في حماية أبناء وطنهم بعد ما أعمتهم سكرة المناصب والتكالب على السلطة حد الغفلة عمايحيط بهم من مؤامرات لايعلم نهايتها إلا الله ، وواهمٌ جدا من يعتقد أن أهداف داعش تتوقف عند أقاليم السنّة ومناطقهم ، وهم الذين لم يتوانوا يوما من إطلاق الشعارات والوعود والتهديدات لأبناء الرافضة ...
حمى الله العراق وشعب العراق وتعسا للخونة والجبناء.
مقالات اخرى للكاتب