دخل الشهر الفضيل واستقبله العراقيون بتلك الطقوس الجميلة التي تضفي نكهة عراقية عليه وتجعله يكون مميزا بين الاشهر الاخرى، ولكن منذ سنوات هناك بعض الهموم تتكرر في كل رمضان من دون ايجاد الحلول لها وهي ثقل كاهل المواطن العراقي،الحالة الاولى هي الارتفاع الجنوني لاسعار للمواد الغذائية مما يؤثر سلبا على مائدة رمضان العراقية، ولاسيما لاصحاب الدخل المحدود الذين يشكلون النسبة الكبيرة من شرائح المجتمع العراقي، وفي الدول الاخرى منها المجاورة يتم تحديد الاسعار ومنع استغلال رمضان لرفع الاسعار، والجميع يلقي اللوم على التجار لاستغلالهم هذه المناسبة، ووزارة التجارة تتحمل اللوم ايضا حيث كان بامكانها توزيع الحصة التموينية قبل حلول رمضان، وهذه الخطوة بلاشك تساهم في عدم زيادة الاسعار، ولكن التمنيات والمنطق شيء والواقع شيء اخر، والشارع العراقي لا يأبه بتصريحات المسؤولين في التجارة، لان التصريحات بشان التموينية اصبحت كثيرة دون تحقيقها، والخشية الان ان يتم توزيع العدس المدلل بعد رمضان.
للتعبير عن الافراح والاحزان طرق متعددة تتم ممارستها دون ان تلحق اية اضرار بالاخرين، في العراق المناسبات والفعاليات ترتبط بطريقة واحدة للتعبير عنها وهي اطلاق العيارات النارية، والتي ادت الى وقوع اصابات كثيرة بين المواطنين، العيارات النارية تطلق في الاعراس وفي حال تحقيق انتصارات كروية للمنتخبات الوطنية، وتطلق ايضا عند وقوع العمليات الارهابية لعدم تجمع المواطنين، كما تطلق لفك الازدحامات في السيطرات، وتطلق من قبل افراد السيطرات عند مرور مواكب الاعراس، كما وتطلق ايضا عند مراسم التشييع لوفاة احد، الافراح تفسد عند وقوع اصابات او حدوث حالات وفاة، والذي يطلق هذه العيارات يجب ان يعلم ان هناك اخرين يفرحون مثله بدون اطلاق النار، ولكن يستقبلون رصاصاتهم الطائشة لتحول الافراح الى الاتراح، وهذا ماحصل مؤخرا عند فوز المنتخب الشبابي العراقي على نظيره الكوري الجنوبي، هذه الحالات لابد من اتخاذ اجراءات صارمة لمنعها، وان كانت موجودة فانها بحاجة الى تفعيل ومتابعة للحفاظ على ارواح المواطنين الابرياء من قبل الاجهزة الامنية وان لاتشارك افراد هذه الاجهزة باطلاق العيارات النارية.
الازمة العراقية طال امدها كثيرا رغم وجود بعض الحراك السياسي في هذه الفترة المتمثلة بالاجتماعات واللقاءات المتبادلة هنا وهناك، وعند معاينة حجم الخلافات بين الكتل والكيانات المتابع يصل الى قناعة بعدم ايجاد الحلول لها خلال لقاء عابر وتصريحات عبر وسائل الاعلام، ولكن الامل يحدو الجميع لانهاء صفحة الخلافات هذه والتي اخذت عناوين مختلفة وفي مراحل عديدة ،في هذه الايام الانظار متجهة مع حلول شهر رمضان الى الساحة السياسية وابطالها، حيث في كل عام مع حلول شهر رمضان تتجدد الدعوات للسياسيين لتجاوز الخلافات وانهاء الازمة السياسية، والاغرب ان الدعوات تاتي من السياسيين انفسهم دون ان يتحقق ذلك رغم المبالغ الكبيرة التي تصرف على اللقاءات الرمضانية، والشارع العراقي يقول لو كانت هناك ارادة حقيقية لتجاوز الخلافات كان بالامكان تجاوز الازمة العراقية منذ فترات طويلة دون انتظار حلول شهر رمضان المبارك، المصلحة الوطنية لاتنتظر هذا الشهر او غيره بل تتطلب تجاوز الخلافات والوصول الى تفاهمات مشتركة بما يخدم الصالح العام، وتبقى الامنيات هي سيدة الموقف لحين انجلائه.
مقالات اخرى للكاتب