سبق لي وان تعرفت على المهندس حسين اللبان وهو زوج الاعلامية ومديرة تحرير صحيفة (حرييت) , وكان لي الشرف الكبير أن أكون مدعو في زفافهم في محافظة أزمير , زوج الاعلامية سحر صديقي , وكنا نجلس في الاسبوع مرتين في أحدى مقاهي أزمير والتي كان روادها من العرب وخاصة العراقيين , علاقتي بزوجته الاعلامية سطحية ولم أراها الا في المناسبات والاعياد .
بدأت علاقتي بالاخت سحر عندما كانت بموعد ولادة بنتها سهى , رأيتها بشوشة , وعصبية , وصاحبة حق , وكريمة . كل هذه الصفات حملتها هذه الاعلامية الناجحة . أنا كنت من المعجبين بمقالاتها في الصفحة الأولى من صحيفة ( حرييت) ولكن جل مقالاتها في اللغة التركية , هذا ما جعلني أستعين بصديق لبناني يعرف اللغة التركية , فيقوم بترجمة ما تكتب , فالاعلامية سحر كانت حادة بمقالاتها , لا تخشى السلطات التركية , وسمعت من زوجها حسين , أن الأمن التركي حذرها مرارا بعدم الاساءة لرئيس الحكومة التركية , حتى وصل الامر بي ان أتهرب من عائلة صديقي حسين خوفا أن يتهموني بانني مؤيد لافكار سحر شعبان , كي لا يرحلونني الى العراق , ويتم اعدامي من قبل نظام صدلم حسين !.
عشرون سنة وعلاقتي بهم علاقة عائلية , فسحر شعبان هي فلسطينية جاء والدها الى العراق عام 48 بعد الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين الحبيبة , ولدت في بغداد , ومن الأمور الغريبة التي رأيتها بهذه الامرأة الشجاعة عندما لعب منتخب العراق مع فلسطين في ملعب الشعب الدولي قبل حوالي ثلاث سنوات , كانت الاعلامية سحر تشجع منتخب العراق ؟ رغم أن الخصم هو منتخب بلدها , فقالت لي يا أخي ساجد فلسطين هي قلبي و روحي ولم أشاهدها ابدا في حياتي , اما العراق طينة في جسدي .
الذي يتعرف على سحر شعبان يود أن لا يتركها من الجاذبية التي تملكها , وعندما تتكلم لكنتها بين اللهجة العراقية واللهجة الفلسطينية , خليط بين اللهجتان ما يوحي لك أنها مصلاوية . عصبية المزاج ولكن سرعان ما تنطفي عصبيتها لتتحول الى مبتسمة ومسامحة . ساعدت الكثير من الفقراء والمحتاجين وخاصة العراقيين والفلسطينيين , رغم أنها ليست غنية كثيرا .
قبل فترة ليست ببعيدة أتصل بي زوجها مودعا لي , واخبرني أن الامن التركي أتخذ قرارا بترحيهم من تركيا , بسبب مقالات الاعلامية سحر , وتم مصادرة بيتهم وحجزه , فيبدو أن رئيس وزراء تركيا ترك كل ما يخص الأوضاع في بلده ووضع سحر شعبان في باله , هذا ما اثار غضب الاعلاميين الاتراك ومحبي سحر شعبان , وايضا أستنكرت الجالية العربية هناك ما جرى لهذه العائلة البطلة .
ودعتهم والدمع تسيل من عيني , وقلت لحسين اللبان : ومن سوف يلعب الورق معي في المقهى يا صديقي الذي سوف لن انساك ابدا , بينما سحر شعبان تبتسم لي وتقول : لا تهتم يا صديقنا هذا وسام الفخر والشجاعة قد نلتها من أسوء رئيس عرفته ..
تحية لهذه العائلة البطلة والتي دوما أفتخر بهم
مقالات اخرى للكاتب