العيد كما عرفنا وكما علمنا أهلنا مناسبة سعيدة ..تتميز بالفرح واالسرور .. ولهذا يحرص الكبار على تجنب المشاكل وحتى المنزلية لحين انتهاء العيد ..ولهذا كنا نسمع عبارة يرددوناها ( ماتبطلون من المشاكل ..مو هاي الايام ايام عياد والله واكبر ) ...هاي العبارة وهذه الاجواء كانت تفرض نفسها على كل عائلة صغارا وكبارا .. وكما اتذكر ..كان اهم هموم الاب توفير ثمن ملابس العيد و(جيل) مؤونة العيد من المواد الغذائية والاستعداد لتغذية الزوار المعيدين .. اما ام البيت هي وبقية النسوان فتراهم كخلية االنحل يتراكضون ويتسابقون في تنظيف المنزل وتوظيبه وترتيبه لاستقبال العيد ...ويتعاونون على اعداد الكليجة والتفنن في ابداعها وتحشيتها بالتمر ومبروش جوزالهند والجوز العادي .. اهم ما تفكر به العائلة بالنسبة للاطفال ...هو الملابس ...واهم الملابس بالنسبة للولد ..دشداشة العيد البيضاء ..وربما اجراء عملية الختان ( الطهور ) او الزواج ( زفة العروس للعريس ) هذه كانت عادات ..ولازال البعض يطبق حتى اليوم .. واهم التحضيرات للعيد بالنسبة للذكور كانت ...هو الذهاب للحلاق (زيان العيد ) والانتظار في طابور المنتظرين ..وقبل يوم من حلول العيد (ليلة العيد ) الذهاب الى حمام السوق ( حتى ولو كان في البيت حمام خاص ) ..ورؤية (المدلكجي ) وهو ينعم ضلوع المستحم بضربات خاصة لايعرفها الا هو ...وهناك تلقى البسمة والفرحة على الوجوه ...وتبادل عبارات التمني الحلوة ( نعيما ابو فلان ...انشاء الله حمامك يكون حمام العافية ) ..وتسمع الهرج والمرج الى درجة تطغى الاصوات على بقية الاصوات ..الكل تصم وتصيح ..ومن هنا جاء الوصف (صايرة هوسة مثل الحمام ) ..وبما ان مجتمعنا ذكوري ..فالصق الصفة كالعادة بالنسوان واصبح الشائع القول مثل (حمام النسوان) .. وان انسى فلن انسى ...الاستراحة بعدالخروج من الحمام ..والجلوس على الدكة وباسترخاء شديد وانت ملتف (بالخاوليات البيضاء ) وكان من لوازم عملية الاسترخاء شرب ( استكان الدارسين ) وهو حار وتتصاعد منه الابخرة ( البوخة كما كانوا يسمونها انذاك ...وسواء رضيت او لم ترضة ..فاستكان الدارسين يوضع امامك ..لان صديق ابيك او احد الاقرباء وتعبيرا عن الحب والتقدير ( صاح وير وعزمك على حسابه لشرب الدارسين ) واذكر كان الكبار يوصونا (عيب على الواحد يرد الوير والعزيمة .. لازم تقبله حتى ولو لم تشربه ..) وفي اول ايام العيد ..الكل يستيقظ باكرا لاداء صلاة العيد ..وتقبيل الايادي والخدود وتبادل التمنيات ...وبالنسبة للصغار انتظار اهم فقرة بالعيد ..وهي استلام العيدية ..التي كان وقعها على النفس رائع ومريح ومفرح ..وحتى الصغار الذين لايعرفون ماهية العيدية ..يشاركون او يقلدون الكبار فرحتهم .. وبعدها يخرج الاطفال راكضين لركوب المراجيح او دولاب الهوا الخشبي الذي يدار باليد وفي كربلاء كانوا يركبون العربة التي يجرها حمار واحد ويفرهم بالازقة .. والبعض منا يذهب لاستئجار بايسكل ( من البايسكلجي اللي في المحلة )..ولمدة عشر او ربع ساعة .. والبايسجلجي يضاعف الاجرة اذا تجاوز الطفل التوقيت دقيقة واحدة ...وان لم تدفع ..فيا ويلك وسواد ليلك ...لان البايسكلجي عادة من الشلايتية والشقاوات والسرسرية ..ولهذا كانت العائلة تكرر وتؤكد لنا التوصية ...اياكم تؤجرون بايسكل ...او ممنوع منع بات تاجير البايسكلات .. اما مجال التسلية البريئة الثانية ...فهي دخول السينما التي كانت تفتح ابوابها بالعيد وتعرض افلام الكاوبوي باستمرار ..في العيد وبلا استراحة او انقطاع ..يعاد عرض الفلمحال انتهاءه مرة ثانية وليس كما في الايام العادية ينتظرون امتلاء القاعة بالمشاهدين ... واذكر ان شارع الرشيد كانت تتمركز فيه معظم سينمات بغداد المعروفة ..مثل ريكس وروكسي والقاهرة والزوراء والحمراء وبردواي ...وغيرها مما لا اذكرها الان ..وواحدة منها كانت تسمى بالوطني ..دلالة على اهمية المواطنة انذاك .. اليوم وبعد مرور ما يقارب السبعين سنة على حادثة طريفة وقعت حينها ولا زلت اذكرها بالرغم من وفاة كل شخوصها .. بعد ظهر احد ايام العيد ..جاءت المرحومة احدى قريباتي ( فاحطة من الركض ) تولول وتبكي وتسأل (الرايح والجاي ) ..هل رايتم طعمة ؟؟؟ طلع من الصبح ولم يعد لحد الان ؟؟..وهنا اعلن النفير العام بين شباب وشابات العائلة والمحلة ..اما برفع الايدي بالدعاء او للتفتيش وسؤال الرايح والجاي عن طعمة ..والكل تصيح ضاع طعمة ..ووين راح طعمة ؟؟ وبعد اكثر من ثلاث ساعات ..قال احد الاطفال بانه التقى ورأى طعمة صباح اليوم في سينما الزوراء .. فتراكض الشباب الى السينما وبعد انارة الاضواء وجدوا طعمة مندمج في مشاهدة الفيلم وقابع في احد الكراسي التعبانة ...رحمك الله يا طعمة برحمتك الواسعة ( كنت طيبا وبسيطا وعلى نياتك ) ...وبعد الاستفسار منه ..ماذا أكل وماذا شرب من الصبح وحتى الليل ..قال اشتريت لفة عنبة وصمون بخمس فلوس ..وشربت بطل ( سيفون ) باربع فلوس والذي كان منتشر ومعروف في بغداد وقبل انتشار ومعرفة الكوكا والبيبسي ..اما الدوندرمة فكانت تعرف بالازبري ... ما احلى تلك الايام .. وهنا اجاب المرحوم طعمة وكانه انتصر في معركة ..مو زين أني شفت الفلم 4 مرات ب 40 فلس ...وهذا سعر شوفة الفلم مرة واحدة .. وهنا نزلت عليه (الكفخات ) من حيث يدري ولا يدري ... الف رحمة على روحك ياطعمة ...كم كنت طيبا وبريئا ..ونفتقد لامثالك اليوم لىتذكر طيبة ايام زمان .. بالامس ..العراقيون كانوا يحتفلون بعيد الفطر الذي كنا نطلق عليه الشهر الكريم والشهر المبارك و شهر الطاعة والغفران..ولكن قوى الشر والحقد والكراهية ..القوى التي تسلب البسمة من وجوه اطفال العراق ...حولت العراق من ساحات واماكن العاب اطفالنا الابرياء وعوائلهم ...الى مقابر لاشلاء تتناثر هنا وهناك ...لا لذنب اقترفوه سوى انهم فرحين بعيد الله واكبر ..قتلوهم وبدم بارد ..جمدوا البسمة على وجوه الاطفال وعوائلهم ..حيث وزعوا السيارات المفخخة والعبوات الناسفة في كل مكان ..ولا احد يدري ؟؟ ماذا يريد هؤلاء الارهابيون والقتلة المجرمون ... هل يريدون الانتقام من اسرائيل ؟؟ فما علاقة مدينة الالعاب في الناصرية واسرائيل ؟؟؟ هل يريدون الضغط على امريكا ؟؟..الامريكان يعيشون في امريكا وهم ينشرون الموت في كربلاء وبغداد والناصرية وبقية محافظات العراق ؟؟؟ هل تريدون قتل المسلمين من الشيعة او السنة ؟؟؟ ومن قال لكم ان من قتل لبارحة ..كان سنيا او شيعيا ؟؟؟عربيا او كرديا او تركمانيا ؟؟؟ لماذا تستهدفون طوز خرماتوا ؟؟ او كركوك ؟؟؟ الآنها مناطق متنازع عليها ؟؟ ماقيمة الارض اذا هجرتم اهاليها اوقتلتموهم ؟؟ ان كنتم تريدون ...تبديل او تغيير نظام المالكي ومن معه ؟؟ فكما يبدوا لي أن المالكي وكل الاحزاب والكتل الحاكمة التي تعرفونها ؟؟ متفقين فيما بينهم ولن يتنازل عن الحكم او يتركوا السلطة لكم بسلام .. ومهما فعلتم وحتى لو قتلتم الشعب العراقي كله ؟؟ فالطلباني كما يعلم الجميع غائب ..ولكنه حاضر و موجود في منصبه ( وبذلك يخالف كل قوانين الفلسفة المعروفة .. هوغائب اذن هو موجود ) وكم تعلمون فالمالكي ايضا باقي ويخطط لثالثة ..سواء رضينا او أبينا ؟؟متنا او عشنا ؟؟؟ النجيفي ومن معه ...لاادري من اية سماء نزلوا علينا ؟؟ وايضا هو واخيه وعشيرته امسك بتلابيب السلطة والثروة ولن يفكها ولو على جثثهم كما يقولون ؟؟ والارهابيون كما ترون وتسمعون ...يقتلون فقراءنا ومساكين شعبنا ..وبلا تمييز او استثناء ...شبابنا ونساءنا واطفالنا ...واقولها لكم بصراحة ..نحن اناس منكوبين وكتب علينا الظلم والقمع والارهاب كما كتب على اباءنا واجدادنا من قبل .. الكل بدءا من امريكا وبريطانيا .. وايران وتركيا والسعودية ..وحتى من ابناء جلدتنا واخواننا العراقيين ..الكل اتفقوا على تدمير العراق وشعبه وقتلنا ونهب اموالنا ... وقول لمن يفجر ...كائن من كان ؟؟ان كنت تريد دولة اسلامية ..فليس هذا هو الطريق ... وان كنتم تريدون تحرير فلسطين ...ففلسطيين في القدس وليس في بغداد.. وان كنتم طائفيون ...فغالبية ابناء العراق يكرهون الطائفية .. وان كنتم تريدون محاربة ايران او تركيا او السعودية ؟؟...فحدودهم معروفة لكم ولغيركم ...وما علاقة العراقيين بهم ؟؟ وان كانت حرب مصالح نفطية .. فتلك مصالحهم وحقول وشركات النفط منتشرة في كل انحاء العالم ...فلم تقتلون فقراء وتتركون شركات النفط تنهب اموال الفقراء العراقيين ؟؟ وانتم تقتلوهم ..؟؟؟ فاتركوا شعبنا وهو يصارع الفقر ولجوع والجهل والمرض ..الا يكفيه ذلك ؟؟؟ واناشد اهلنا ..يا شعبنا العراقي المظلوم ... استيقظ ودافع عن حياتك وكرامة ومستقبل اطفالك ...فالى متى يبقى الارهابيون مهما كانت انتماءاتهم ومذاهبهم واديانهم ...يتلاعبون بمصيركم ؟؟فالى متى ؟؟؟ لاتتركوهم يسرقون الفرحة من عيونكم وعيون اطفالكم ؟؟؟..هبوا يرحمكم الله..الايكفي الثمن الذي ندفعه كل يوم ؟؟ دعونا نكون صريحين .ولا نكذب على بعضنا البعض..تذكروا كيف عايد بعضنا البعض وتمنى كل منا لاخيه احلى الامنيات والتمنيات...فهل تركنا القتلة والمجرمين نحلم بغد سعيد ؟؟ وعيد مفرح بهيج ؟؟ ولكنهم لم يتركونا نفرح ..لاننا للاسف جبناء ومخدرين ولانستحق الفرح والحياة والاعياد ؟؟ وكما ترون ..تجدون وبكل حرية وامان .. وتلاحظون يوميا كيف يزرع اللئام على الارض الموت الزؤام ..الا لعنة الله عليهم اجمعين .. اللهم احفظ العراق واهله ...اينما حلوا او ارتحلوا.