لم يكن الشاب المغدور(منتظرعلي غني الحلفي ) معارضا سياسيا ولا ارهابيأ ولا بعثيأ صداميأ، ولم يحلم بسقوط الحكومة، بل كان يرغب في تحصيل (حقه) الشرعي، نعم (حقه ) كمواطن عراقي، والقضاء على فساد يطاله ويزيد من معاناته ومعاناة اهله واصدقائه ورفاقه.
استشهد (منتظر) وهو في ريعان شبابه بطلقات الأجهزة الأمنية العراقية التي فتحت النار على المتظاهرين الذين كانوا يعبرون عن غضبهم لتراجع الخدمات في بصرة الفيحاء التي تعد هي الأغنى في العالم سيما من الناحية النفطية.......
نعم... استشهد (منتظر) وهو يهتف مع رفاقه ويقول: ( خبز، حرية، دولة مدنية ).
وللتاريخ علينا ان نقول: ان استشهاد المغدور (منتظر ) كان الشرارة التي انطلقت فأضرمت النار في ساحة التحرير والعديد من مدن العراق والتي تمددت من مدينة إلى أخرى بسبب تراكم معاناة الشعب من جراء الظلم والفساد والنهب والمحاصصة المقيتة وانعدام الخدمات بشكل عام في بلد يغرق بالخيرات والثروات.
حيث طالب المئات من المحتجين الذين تظاهروا في البصرة وفي ساحة التحرير في بغداد السلام بتسليم ملف الكهرباء لرئيس الوزراء شخصيأ، وتطهير المؤسسات الخدمية من الفساد، وتفعيل دور المدعي العام، وإحالة الفاسدين للقضاء، وعدم التهاون مع المتسببين في تردي الوضعين الأمني والخدمي في البلاد....،كما طالب المتظاهرون بحل البرلمان ومجالس المحافظات.
وعليه أصدر رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قبل يومين، توجيهات بموجب المادة( 78 ) من الدستور العراقي والتي تنص على أن: ( رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، والقائد العام للقوات المسلحة، يقوم بادارة مجلس الوزراء، ويترأس اجتماعاته، وله الحق باقالة الوزراء، بموافقة مجلس النواب)،و ألغى العبادي بمقتضاها جميع مناصب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس مجلس الوزراء، كما قرر إلغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين، وتقليص شامل وفوري في أعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة، بما في ذلك الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة والمدراء العامين والمحافظين وأعضاء مجالس المحافظات ومن بدرجاتهم.
وقرر العبادي ايضأ إبعاد جميع المناصب العليا، من هيئات مستقلة ووكلاء وزارات ومستشارين ومدراء عامين، عن المحاصصة الحزبية والطائفية، على أن تتولى لجنة مهنية يعينها رئيس مجلس الوزراء اختيار المرشحين، على ضوء معايير الكفاءة والنزاهة.
كما طالب العبادي بفتح ملفات الفساد السابقة والحالية، تحت إشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد، تتشكل من المختصين وتعمل بمبدأ (من أين لك هذا)، ودعوة القضاء إلى اعتماد عدد من القضاة المختصين المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين.
وطلب العبادي من مجلس الوزراء الموافقة على القرارات، ودعوة مجلس النواب إلى المصادقة عليها لتمكنه من إجراء الإصلاحات التي دعت إليها الشعب.
نعم... نعم....أنّ شرارة واحدة تكفي لإشعال اللهيب الشعبي ضدّ الفساد، وعليه وفي ضوء الوضع المتردي الحالي في العراق واقليم كردستان لا يمكن التصدي له ومعالجته إلاّ بإعادة الاعتبار للدولة ومؤسساتها وهيبتها وسلطتها الحقيقية، وتطبيق القانون على الجميع دون أي تفرقة أو تمييز، وتجنب اللجوء إلى حلول (فردية او عشائرية او حزبية ) التي لاتجلب إلا نتائج عكسية.
وهنا نسأل: هل تنتقل شرارة المظاهرات إلى مدن اقليم كردستان، وخاصة ان الإقليم يعاني من الفساد الذي استفحل في الدوائروالمؤسسات الحكومية، بالاضافة الى استخدام غير القانوني للسلطة واحتكار السوق، وتردي الخدمات ونقص في الكهرباء والماء ومشكلة البطالة وتردي الوضع المالي والاقتصادي؟
هل يصل لهيب الغضب الى مدن الإقليم وخاصة بعد ان دخل برلمان الإقليم (غرفة الانعاش) بسبب الصراعات الحزبية الضيقة الدائرة بين الفرقاء السياسيين حول مشاكل انية ومسائل مصيرية هامة منها قضية الدستور وتحويل النظام الرئاسي إلى برلماني وتحديد صلاحيات رئيس الإقليم و( تمديد ولايته )*؟
الى متى تتهرب حكومة الإقليم من مسؤولياتها الوطنية ازاء الوطن والشعب، مما قد يفتح المجال امام تخبط وارتباك كبير, و(ضياع جديد) للفرص الوطنية الثمينة التي سبق ان ضاعت وهدر معها الوقت والموارد والامكانيات والكفاءات بسبب الصراعات الحزبية المقيتة بين (الإخوة الاعداء).
مقالات اخرى للكاتب