الولاية هي القطب التي تدور حولها كل تعاليم الإسلام وما ينتج من نِعمٍ من خلال تطبيق هذه التعاليم ، وهي الماء التي بدونها لا توجد حياة لدين الله إذ يقول الله سبحانه وتعالى (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) ...(1)، فالولاية العمود الذي ترتكز عليه خيمة الإسلام عند فقدان هذا العمود يسقط الإسلام كدين ، فأحداث السقيفة وما نتج عنها من إبعاد أمير المؤمنين عليه السلام عن موقعه الذي نصبه الله به من خلال أخطر وأشد آية على رسول الله (ص) إذ يقول الله سبحانه وتعالى (( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين ) ....( 2) ، ومن خلال هذا الانقلاب الذي أبعد الخليفة الحقيقي المُنَصب من الله سبحانه وتعالى ومن ثم الأئمة المعصومين عليهم السلام عن قيادة الأمة والتصدي لترجمة تعاليم الإسلام على أرض الواقع من خلال كرسي الحكم فلم تطبق تعاليم الإسلام كما أرادها الله سبحانه وتعالى مما أدى الى انغماس الأمة بمصاعب الحياة من فقر وضنك وزوال النعم والخوف والجوع إذ يقول الله سبحانه وتعالى ( ولو أن أهل الكتاب أمنوا واتقوا لكفَّرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم ، ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون) ....( 3) ، ومن خلال استمرار إبعاد أئمة الهدى سلام الله عليهم عن مواقعهم التي رتبهم الله بها ابتعدت الأمة كثيراً عن تعاليم الإسلام بل عن الإسلام كدين واقتربت كثيراً من الرجوع الى عبادة الأصنام وهذا ما ظهر جلياً في أشعار يزيد وأفعاله السيئة ، فأنتفض الإمام الحسين عليه السلام بوجه الانحراف وظلم السلطات بعد أن هيئ جميع الأدوات التي تنجح ثورته التي من خلالها يتم إيصال أهدافه الى جميع الإنسانية ، وزبدة الأهداف والغايات التي من أجلها ثار أبا الأحرار عليه السلام هي عملية الإصلاح في أمة الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذ يقول سلام الله عليه ( وأني لم أخرج اشراً ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي (ص) أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب .... ) ...(4) ، وفي قمة الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي أرادها سيد الشهداء عليه السلام هو إرجاع الأمة الى طريق الولاية التي أراده الله سبحانه وتعالى أن تسير به الأمة ومنه تقطف كل سعادتها وتقدمها التي بها أكمل الدين وتمت النعمة وبها رضا الله سبحانه وتعالى أن يكون الإسلام لنا ديناً نتعبد به إليه وتقول سيد نساء العالمين عليها السلام وطاعتنا نظام للملة وإمامتنا أماناً من الفرقة ......( 5 ) ، فثورة كربلاء واستشهاد أبا الأحرار عليه السلام وأهل بيته وصحبه وسبي نساء الرسالة وما جرى من ظُلامات جميعها من أجل إظهار الولاية ودفع الناس إليها لأن بها ومنها كل سبل السعادة التي أرادها الله سبحانه وتعالى لحياة الإنسان ، فعنوان الولاية أهم عنوان أستشهد من أجله جميع أبطال كربلاء وفي مقدمتهم سيد الشهداء عليه السلام ، فهذا العنوان المقدس يحتاج منا أن نسلط عليه الأضواء في ليالي عاشوراء لأنه هدف الثورة وغايتها الحقيقية ونعرف الناس به ، فذكر مصائب كربلاء وما جرى عليها من مأساة لا تكتمل أهدافها إلا بذكر الولاية بل هي هدفها الأوحد ، لأن كل شيء يسعد البشرية ينهمر من نبع الولاية التي أرادها أن تكون هكذا الله سبحانه وتعالى ، فتخصيص ليلة أو أكثر من ليالي محرم الأولى تحت عنوان ليلة الولاية التي بها يتم تذكير وتعريف الناس بالهدف الأكبر الذي ثار من أجله ابا الأحرار عليه السلام وهو الولاية ، ومن خلال هذه الليلة ( ليلة الولاية) يمكن لنا أن نرشد البشرية قاطبة الى دين الله القويم ومن ثم السعادة في الدارين التي أرادها الإمام الحسين عليه السلام من خلال ثورته العظيمة على حكم يزيد وما يمثل من ظلم وشر مطلق ، ومن خلال تخصيص هذه الليالي وربطها بالولاية عندها سنكمل كل صور أحداث عاشوراء من تخليد سيد الشهداء عليه السلام وأهل بيته وصحبه النجباء وهدف الثورة السامي الذي من أجله زهقت الأرواح وسالت الدماء وقطعت الرؤوس وسبيت النساء وهو ولاية أمير المؤمنين والأئمة المعصومين من ولده سلام الله عليهم أجمعين .
(1) سورة المائدة آية 3(2) سورة المائدة آية 67(3) سورة المائدة 65-66(4) بحار الأنوار – العلامة المجلسي ج44ص329(5) بحار الأنوار – العلامة المجلسي ج29 ص223 ، الموسوعة الفقهية الميسرة – الشيخ محمد علي الأنصاري ص29
مقالات اخرى للكاتب