يعتقد الفيزيائي الانجليزي المُقعد الشهير صاحب نظرية الانفجار الكبير "ذي بيغ بانغ" أن البشرية سَتنقرض في الألف الثالث ربما بسبب فيروس مهجن من صنعها أو بسبب حدث كوني فضائي كبير يُغيرُ صورة الكون الذي نعيش فيه ونحاول سَبر أغواره .يقول لن يكن أمامنا الا البحث عن مكان آخر في الفضاء للعيش فيه.قبل خمسة عشرة مليار سنة كانت مادة الكون كُلها مُجتمعة في مساحة صغيرة ثم انفجرت وهذا ما يعرف بالانفجار الكبير. القوانين التي نعرفها تقر أن كل استمرار للكون في التمدد كلما اتجه فعل الجاذبية الكونية، القوة الرابعة الكونية والتي حتى الآن نَجهلُ كل أبعادها وسبب تَكونها وسر قوانين وجودها، اتجه فعل هذه الجاذبية اتجاها مُعاكسا، أي أنها خلال بضعة مليارات من السنين يبدأ تأثير الانفجار الكبير في التلاشي بسبب الجاذبية ويحدث الانبجاس أي عكس الانفجار ومن ثم نهاية الكون من جديد.
كَتَب لينين كتابه الشهير "الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية " ولكنه لم يتوقع الثورة التقنية الهائلة التي تَحدث الآن وتُغير حياة البشر الى الأبد. كتبت مقالا قبل سنوات قليلة على صفحات الاتحاد الغراء محاورا نفسي قبل أية أحد آاخر عن مصير الفكر الذي توقف عن الابداع وأصبح في أزمة حقيقية مُعاصرة وآنية . تمخض هذا الفكر فَوَلد "العولمة " و"الخصخصة والمزيد من الخصخصة" و "الطريق الثالث" وغيرها من الطرق التبريرية العبثية لمأزق الفلسفة الرأسمالية التي تحاول سباق الزمن الفلسفي التي تعداها وخصوصا بعد سقوط التجربة الاشتراكية الأولى الكبرى في التاريخ .
العولمة – مفهومها الاقتصادي والسياسي هو تصدير الشركات عابرة الحدود والقارات الى العالم الفقير بفضل ثورة الاتصالات وثورة التقنيات المتقدمة الهائلة الحاصلة اليوم. غايتها لبقائها وبقاء تطور رأس المال نقل مصانعها الى دول العالم الفقيرة بسبب الأيدي العاملة الرخيصة هناك، ومن ثم وبنفس الوقت ضَرب الطبقة العاملة والبرجوازية الصغيرة الوطنية المنتجة في أوطانها، ومن الناحية الأخرى القضاء تماما على الاقتصادات الوطنية للشعوب التي تسيطر عليها هذه الشركات المعولمة الكبيرة، كما هو حاصل ويحصل اليوم وفي هذه الساعات والدقائق في اليونان وايرلندا وفي اسبانيا والبرتغال وايطاليا ودول اوروبا الشرقية- الاشتراكية سابقا.
الخصخصة- تعني تجميع ثورات الشعوب ومكونات الوجود البشري على الارض كلها في أيادي قليلة كما هو حاصل الآن في الولايات المتحدة الامريكية اذ أن واحدا بالمئة من السكان هناك يملكون 99 بالمائة من الاقتصاد الامريكي. نتائج الانتخابات الأخيرة تدل على بداية نهاية العولمة وربما بداية نهاية الامبريالية. من نزل لشوارع المدن هناك متظاهرا هم معارضو هذه السياسات الهدامة للأمم والشعوب وترامب الابيض "كقطعة ثلج" جاء للمحافظة وللحفاظ على مصالح المليارات وهي الفئات التي دعمته من الحزبين علنا وسرا وطبعا الحركات السياسية العنصرية الامريكية المعرفة للقاصي والداني.
الطريق الثالث - خدعة كبرى ونفاق كبير وليست طرق محبة ولقاء.هل من المعقول أن تتنازل الرأسمالية المتوحشة يوما عن أرباجها الهائلة مثلا لصالح الجائعين في مالي والصومال وناميبيا وجنوب السودان. ان هذه التعابير الرومانطيقية وكل عصر ما بعد الحداثة التي يدعو لها الغرب الاستعماري ما هي الا رتوش لاطالة عمر الامبريالية المعولمة التي عملت منذ وجودها على نهب خيرات الشعوب وتركيزها في أياد جهنمية وطبقة غنية جدا فوق العادة في الدول الرأسمالية الغنية وخاصة أمريكا التي وقفت وتقف مباشرة وراء كل الحروب التي نشبت في العالم بعد الحرب العالمية الكونية الثانية حتى اليوم، التغيير آت لأن العولمة الراهنة حدث مغاير لمادية وجدلية التاريخ وللعدالة الاجتماعية. هناك طريقان الأول- احداث هبات وثورات شعبية كبيرة تغير مسار العولمة المتوحش داخل الدول الرأسمالية أي نظم وفكر هذه الدول الاقتصادي والاجتماعي بالاساس، وتجعلها أكثر انسانية وأكثر عدلا قبل كل شيء نحو مجتمعاتها ومن ثم نحو شعوب العالم الاخرى في كل أماكن تواجدها. الثاني أن تستمر هذه الدول بغيها وجنون عظمتها وهي مدججة بالاسلحة الذرية وتسبب في حرب نووية تقضي على الحياة على الارض التي لم تحترمها يوما وبكل الصور. الانسانية الحقيقية والعدالة الاجتماعية لن تكون الا بعد انتفاء الفكر الرأسمالي من الفكر الانساني التقدمي.
(شفاعمرو)
مقالات اخرى للكاتب