قراءة سريعة لمشروع ( إصلاح الانتخابات وانتخاب الإصلاح ) الذي أعلنه زعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر يوم أمس الموافق 10 كانون الثاني 2017 , يعكس بشكل أو بآخر رغبة وفهم زعيم التيّار الصدري للدستور العراقي والعملية السياسية الجارية وقانون الانتخابات , فالنقاط الخمسة والثلاثون التي جائت في ورقة الإصلاح , قد عبرّت جميعا عن رغبة زعيم التيّار الصدري في شكل قانون الانتخابات الذي يطمح إليه والذي يعتبره الأقرب إلى قلوب المواطنين , وكما أسلفت أنّ جميع النقاط التي وردت في مشروع الإصلاح هي رغبة السيد مقتدى الصدر في شكل قانون الانتخابات الذي يطمح إليه بغض النظر عن كون هذه الرغبة عملية أو غير عملية , تتفق مع الدستور العراقي والقوانين النافذة أم لا تتفق , فالكثير من هذه النقاط التي وردت في ورقة المشروع تتقاطع مع الدستور العراقي , وبالتالي فإنّ هذه النقاط ساقطة من الناحية القانونية ولا يمكن أن تدخل ضمن إصلاح النظام الانتخابي , والبعض الآخر من النقاط تحتاج إلى تشريعات قانونية جديدة , وأخرى بحاجة إلى تغيير قوانين موجودة ومعمول بها كقانون مجالس المحافظات وقانون الانتخابات , وبعضها الآخر تدخل ضمن الإجراءات القانونية التي تضبط سير العملية الانتخابية في البلد .
ولا أعلم كم من الوقت والجهد قد أخذ هذا المشروع من السيد مقتدى الصدر كي يخرجه بهذا الشكل ؟ فكان الأولى به أن يعرض هذه النقاط على مختّصين في الدستور والقانون قبل إعلانه إلى الشارع , وكان الأولى بمستشاري السيد مقتدى الصدر أن ينصحوه أنّ القادة السياسيون لا يغرقون في التفاصيل , بل هم يطرحون مبادئ عامة توّضح موقفهم من هذه القضية أو تلك , وبالرغم من أهمية صدور قانون جديد للانتخابات يحقق العدالة من جانب والإنصاف من جانب آخر , كان من المفترض أن يستعين السيد مقتدى الصدر بخبراء يرشدوه إلى صيغة قانونية ودستورية لمشروع قانون للانتخابات يحقق العدالة والإنصاف فعلا وأن لا يتقاطع مع الدستور والقوانين النافذة وأن لا يزّج نفسه بما ليس له به علم .
وعلى ما يبدو من خلال هذا المشروع الذي طرحه السيد مقتدى الصدر أنّه لا يستشير الهيئة السياسية لتياره أو مستشاريه القانونيين , فليس من المعقول لقائد سياسي أن يطرح شروطا للمرّشح للانتخابات تتقاطع مع الشروط التي وردت في الدستور العراقي , فهل يتوّقع السيد مقتدى الصدر أنّ مجلس النوّاب العراقي ومن خلفه المحكمة الاتحادية العليا المسؤولة عن الرقابة على دستورية القوانين سيوافقون على مقترحاته ويخالفون الدستور العراقي ؟ أي منطق هذا وأي إصلاح هذا الذي يقفز فوق الدستور والقوانين النافذة ؟ وهل من المعقول أن يكون هدف السيد مقتدى الصدر بهذا المشروع المتهافت دستوريا وقانونيا هو إشغال وسائل الإعلام والرأي العام العراقي بمشروع إصلاح هو بحاجة إلى إصلاح ؟ أتمنى من السيد مقتدى الصدر أن يسحب هذا المشروع المخالف للدستور والقوانين وأن يستعين بخبراء للقانون والدستور يرشدوه إلى الصواب حتى لا يقع مرة أخرى بمثل هذه المطبات التي ليست من اختصاصه .
مقالات اخرى للكاتب