حين دنا حلم الصبح الندي من خلجات روحه الشفيفة ، واستيقظت الحياة في عينيه عام 1952في أحضان طوزخورماتو ..لم تتعب فصوله بل ارتوت من أناشيد الفجر، فبدأ يخط هواجسه في مجلة ألف باء البغدادية ، وهو على بوابة عمره الندي ، يعزف على قيثارة الشباب في مرحلة الإعدادية .

أكمل الشهيد (محمد مهدي بيات) المشوار فتخرج عام 1975من كلية الآداب و بدأ مربيا ينثر ألوان الطيف و الآمال والدروس والعبر على طلابه . وحفر بأزاميل الوفاء طريقه في الأدب التركماني ..

كان ينقش على جسد قصائده ، حبه الأبدي لوطنه ، ويمنح القيم الروحية لكتاباته ويسطر بوحَهُ على صفحاتٍ خطها بأزاميل ، خلدته أبد الزمن . فعبر عن شغفه بشعراء خالدين وسيرهم  وقصائدهم (كنسيمي البغدادي والشاعر الكبير فضولي البغدادي – صفاء خلوصي – مصطفى جمال الدين – معروف الرصافي- محمد حسين شهريار وآخرون) .

أي قلم يعطي حقك ؟! .. يا شهيداً سما بك الله .. أيها الغائب الحاضر.. .. مضى بك العمر على عجل ! حين غادرتنا ، هل لوّحتَ لمدينتك طوزخورماتو؟ وهل رددت ملحمة (قه يته ز بابا) ملحمة الحياة ؟؟

* قه يته ز بابا سنا وطن سويله دم

باص باغرينا جانم قربان أيله دم

طوبراغيندان يانغين بير سس دينله ديم

وطن قدرن يوردسيورلر بيله لر

قوخوسنا بين جان قربان ديله رلر

هل ستعزف على أوتار القلب (90) مخمسه شعرية رائعة ، أودعت فيها ميثولوجيا  حياة أهل مدينتك ؟ ورسمت من ينابيع تراثها الثر ، لوحات تستمد من سر ماضيها وهج حاضرها . .(قه يته ز بابا) يزينها خضرُ السنابل وجدائل الأمهات وهن يجمعن أشلاء أحلامهن في مواويل يرددن بها للبراعم الفتية بلغة شعرية قريبة إلى النفس.

جوجوقلارين معصوم معصوم باقيشي

بولوطلارين كورولتوسو جاقيشى

آننه لرين، كوز ياشلارى آقيشى

يادلاتيرر غريبلره وطنى

وطن ده ردى أويانترى ياتانى

كان محبا لآل البيت-ع-  لم تلوث شوائب الحياة قلمه بل بقي رصينا يخط قصائدَ يدب فيها دفءُ الومضات ..

فقد أودع في قصيدته (في قلبي عشق اسمه الحسين)

بوحاً لعشق سرمدي للشهيد الحسين-ع- إذ لم يذبل شغفه وشوق الكتابة في أعماقه، بل كانت الآمال تتقد في عينيه ، حتى زين مكتباتنا بديوان شعر منح له اسم (لجمت فرسي).

يا شهيداً رحلتَ عنا بصمت ..لكنك تركت لنا صدىً من ذكريات رحلاتك الأدبية، حين كنت في ترحال دائم وأنت تحمل ذاكرة الوطن .وفي أعماقك مخاض لذيذ، وأنت تطرق أبواب البلدان سفيراً للأدب التركماني .

لكن الغدر كان على الأبواب ! فرحلت دون وداع ...دون ميعاد.. كيف غابت شمسُ عينيك دون أن تستأذن محبيك.. فأسدلت الستار على آخر نبضة من نبضات عشقك السرمدي للوطن.. فبكتك القلوب..

حق اوغرونجه تميز قانم اقاركن

عالم دوروب اولوممه باقاركن

فتوى سندان زاهد دونوب  قاجاركن

(نسيمي) يم بيجاق التده سويلرم

حق اوغرونجه جانم قربان ايلرم

تاريخلرى شانلانديران شهيددى

كونوللرده هيكل قوران ايكيتدى

شهيدلره تاريخلر باش أكيتدى

زمان كيجر، شهيد يادى سيلنمه ز

آدى قالير، قبرى نيرده ، بيلينمز

كنت أعظم من جراحاتك ، حين اخترت العلياء بكبرياء الشهادة ..  فبقت ذكراك مرتعشة في أعمق زاوية في القلب..

* القصائد المذكورة مقتبسة من ديوان ( قه يتز بابا ) للشاعر الراحل