حسن سلمان.. بائع بـ"المُفَرَّق" في السياسة وبـ"الجُمْلَة" في التجارة.
بل، يصح القول، بانه التاجر الذي أراد تعلّم السياسة مثل "مشية الغراب" الذي "ضيّع المشْيَتَيْن" كما في اللهجة العراقية الدارجة.
ومع مرور الزمن، تحوّل الرجل، الى ديناصور غير قادر على التخلص من أعباء ماضيه، ومهما حاول تشذيب ترهلات الزمن في وجههوقوامه السياسي، ازداد قبحاً.
قصته الحقيقية، مع الواقع العراقي بدأت العام 2003، مستعرضا امكانياته المحدودة على شكل حوارات تلفزيونية واعلامية لم يتجاوزها، ابدا، فيما لم ينجح في تسلّق سلّم المناصب على رغممُصَاهَرَاته السياسية.
وعبر سنوات تسيّده على فعاليات الاعلام العراقي ، عبر منصبرئيس مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي، كان لا يعبأ لعجزه عنتقديم الجديد، والمُبتكَر، طالما انه يتمتع بالامتيازات، والراتب"الدسم"، وعمولات الصفقات، والتملّق في جلسات السياسيين،حتى بات بالنسبة لكثيرين جعجعة من دون طحن، وديناصور يثير الشفقة لاقتراب موعد انقراضه.
انبرى السلمان في اسلوب التاجر الماكر الى الاجهاز على أي منافس له، والريبة في أي كفاءة أفضل منه، وتوارت شخصيته الحقيقية حول كرسي المنصب الذي يمسكه بأسنانه، لكنه نسيَ ان الزمن والاحداث تعرّي المواقف، ولو بعد حين.
واذ سعى سياسيون معتّقون، الى تجديد خطابهم وتطوير مهاراتهم،تماشياً مع التطورات بعد العام 2003، الا ان السلمان ابى ذلك، أو لم يتمكّن منه بسبب عقلية "الصفقات" التي تتحكمه، فتصور ان الاستحقاقات "الجهادية" والمجاملات مع اقطاب السياسة وعليّة القوم، كفيلة بجعله "مقبولاً" في كل وقت، لكنّه حين انزوى في غيرالمنصب الذي اراده ( كان يحلم بوزارة ومنصب رفيع ) ادرك انتفاخحجمه الحقيقي.
وليس فساد السلمان، بحالة طارئة، ولعل هذا من أسباب ريبة الاطراف السياسية منه، لإدراكها ان الرجل "الحرباوي"، سوف"يسوّد" وجهها ويلحق بها الخسائر السياسية، فمنذ ايام المعارضة لنظام صدام، عُرف عنه تاجراً في قضايا المعارضة العراقية وقتها،حتى نجح في ذلك ذات مرة، في ليبيا، ليضع القذافي بين يديه وجماعة معه، نحو المليون دولار أمريكي، لانفاقها على العمل المعارض لنظام صدام، لكن سلمان استثمرها في معرض سيارات في بيروت،و منزل في الدور السابع في الرويس.
وعلى عادته، ايام العمل المعارضي قبل العام 2003، ظل السلمان مرائياً، ووصولياً يظهر بعشرات الاقنعة التي يحتفظ بها في جيبه،ليرتديها بحسب الحاجة.
مشكلة السلمان لا تتخلص في طموحاته، فهذا حق مشروع له في عراق ديمقراطي، لكنه المشكلة في ان الغرض من هذا الطموح ليس خدمة الناس، قدر اللهاث وراء المال، والتأسيس لمشاريع إثراء جديدة في داخل البلد وخارجه.
لكن هل يستطيع السلمان تجاوز نفسه، بعدما سعى لان يظهر بمظهر المنظّر السياسي والمخطّط الاعلامي ؟..
التجربة تقول لا، ذلك ان السلمان يجترّ الأفكار اجترار البعير للكلأ،حتى اذا شعر بالاسترخاء، نام على وجهه.
السلمان، "المُجمّد" بأمر رسمي، في منصبه في المؤسسة الاعلامية الاكبر في العراق، سيتحوّل الى قالب جليد، بعد ان تطول اقامته في الثلاجة، عندئذ سيُقذف به الى العراء، ويذوب تدريجياً، متساميا الى حالته الاولى قبل 2003، كتاجر متواضع الامكانيات، ليس الاّ.
مقالات اخرى للكاتب