من أيام (تموز وعشتار ) والبكاء على نهر الفرات ..من يوم ذي قار ونهر السواد …من أيام كربلاء والحسين ونهر العلقمي ..إلى نهر الكرخة ودماء الكارون وجثث الجنود على ضفتي نهر (جاسم) ..إلى سبايكر ودجلة ومأساة العصر العراقي المخضب بالدم ..من تلك الأيام ..وهذه الأيام ..مازالت مذابحنا على الأنهار …تجري دماؤنا من الشمال إلى الجنوب ..تختلط مع مياه الرافدين …تجري وتجري ..وتجري دون أنقطاع .
هذه الأنهار التي كانت لنا مصدراً للخصب والنماء …صارت اليوم مصدراً من مصادر الموت والغدر والفناء ..حتى غدت دماء العراقيين فيها مبعثا لحياة الحيوانات .وغذاء لعروق النباتات..!
الشاعر صلاح حسن السيلاوي قص لنا هذه الحكاية المؤلمة يقول :
قبل أيام ذهبت إلى النجف في ضيافة أحد أصدقائي المقربين .وكان هذا الصديق قد عودنا في كل مرة أن يقدم لنا (السمك ) الذي يشتريه من الصيادين قرب نهر الكوفة ..فأعتذر منا هذه المرة ..ولما سألناه عن السبب بكى بحرقة ولوعة …وقال : كيف نأكل من سمك العراق وخصوصاً أسماك (أنهاره وروافده) وهي مليئة بجثث قتلانا ..فأنا أخشى عندما أأكل هذا السمك أنما أأكل من لحم عراقي مغدورقد تغّذى السمك على لحمه ودمه الطافي في النهر .!!!
هذا هو قدرنا …هذا هو ألمنا ..هذا هو حالنا …أصبحت مذابحنا على أنهارنا ..وأصبحت أجسادنا جداول وروافد صغيرة تسيل بدماء حمراء ..لتكون أنهاراً عظيمة من دم قان تتدفق في بلاد الرافدين …
الشجر والطير والسمك وحتى الفراشات وشقائق النعمان ..صارت تتغذى من دمائنا
هل نحن من يولد في العراق من خصب ونماء ……أم أن العراق يولد فينا من دمـاء وفــناء..!!
مقالات اخرى للكاتب