في السيرك وحده بامكاننا ان نسلي انفسنا بالمواقف والعروض الكوميدية ،وهي عروض بلا مخاطر أو ان مخاطرها محسوبة ومسيطر عليها ...ولو نقلنا بعض اجتهادات "البلياتشو" من السيرك الى السياسة فان نتائج الخطأ تكون كارثية وان جاءت بنوايا حسنة ، وكما يقال من ان مئات من النوايا الحسنة تودي الى الجحيم .
مشهدنا السياسي سيرك من نوع آخر .. سيرك ثمن الخطأ في عروضه دماء ودموع ..ومشهد اقتناص المصالح مدفوعة الثمن الآن وفي المستقبل ..وللاسف ان سيركنا السياسي هذا يبدو مغريا للجميع والفرق بين السيرك الحقيقي وسيركنا السياسي هي ان الأول منظم وهدفه امتاع الجمهور واشاعة الفرحة والسرور في نفوسهم، فيما سيركنا السياسي يركب على ظهورنا ويشيع الحزن والاسى في نفوسنا ويجعلنا ندفع الثمن المر للاخطاء المرتكبة في العروض غير المنظمة!!
انظروا رجاءً لسيرك البرلمان ، ولنأخذها "من الآخر" كما يقول المصريون .. بالامس كان نواب دولة القانون ينهالون على نواب الكرد والعراقية بسياط السنتهم السليطة مكيلين لهم الاتهامات يمينا وشمالا بسبب مقاطعة اؤلئك النواب أو كتلهم لاجتماعات مجلس النواب وكان نواب القانون عادة مايناظرون الآخرين من ان حل المشاكل داخل قبة البرلمان افضل من المقاطعة والتباعد وضياع الفهم المشترك.
عاد الكرد بعد حسم ملفاتهم مع الحكومة الاتحادية وكانت امامهم فرصة ذهبية للضغط على المالكي ، واستثمروا الفرصة و"حلبوا" الرجل الى النهاية !
العراقية بتشظياتها أسيرة الجو الشعبي لساحات الاعتصلم وعودتها تعني سقوطها بالقاضية في ترنحها الحالي !
دولة القانون القابضة على السلطة طولا وعرضا يقاطع نوابها اجتماعات مجلس النواب ضاربين عرض الحائط كل حججهم التي كانوا يناظرون بها نواب الكرد والعراقية ، والمقاطعة ،برأي، واهية الاسباب لان تجريم البعث ان حصل الآن أو بعد سنة لاتأثير له على حياة الناس اليومية ولم يعد البعث خطرا على الحياة السياسية لان اغلب قياداته من الشعب والفرق انضمت الى الاحزاب الاسلامية تحديدا وهي ترفل بالنعمة والعز والرفاه والجاه !
الآخطر من كل هذا التهريج هو ان المقاطعة تأتي في وقت يتعرض فيه البلد الى كارثة حقيقية وتحديدا في المناطق الجنوبية الشيعية ، فالناس هناك منشغلون ببلاويهم مع الامطار والسيول والجيش منشغل بعمليات انقاذ ، فيما الجماعة في دولة القانون يقاطعون جلسات مجلس النواب لعدم ادراج قانون تجريم حزب البعث المنحل على جدول اعمال الاجتماعات !
هل صدقتم الآن اننا في سيرك .. اليس من حقنا ان نتسائل على الاقل ..هل نحن في سيرك؟ ألم يكن من الاجدى بنواب دولة القانون حضور الاجتماعات والمطالبة بخطة وطنية سريعة للانقاذ تشارك بها كل الكتل السياسية ، لان ماتتعرض له بعض محافظات الجنوب يرتقي الى مستوى الكارثة !
ألم تقضي قيادات دولة القانون الليالي الطويلة في ضيافة هذه المحافظات قبل انتخابات مجالس المحافظات ؟. هل كان جوهر برنامجهم الانتخابي تجريم البعث "وبس" ؟ وماذ سينفع المنكوبين ان ادرجت فقرة تجريم البعث على جدول اجتماع البرلمان الآن أو عام 2014؟
سيرك لكن مشاهده مؤلمة وثمن كل الفوضى فيه ندفعها نحن .. ولكن الى متى ؟
مقالات اخرى للكاتب