الأبواب لا تغلق إلا بعد ان توصد القلوب بوجه الحب ، و يقفل الوطن برتاج الظلم كوة سجنه الكبير...
الباب (1)
_مالذي تذكر؟
_الجدار
_و ماذا بعد؟
_شرخ فيه؟
_و ايضا ؟
_خيوط العنكبوت
_و بعد؟؟؟؟؟
_هذا كل شيء....
جلس بإعياء و قد انتابه اليأس..
_انا ايضا...لا أذكر أكثر من هذا
_صوت صفير الفراغ..يملأ جوفينا..
_لا جدار يعيد الصدى..، لا أرض تتلقفنا ، لا سماء فوق رأسينا؟؟.
غادرت دموعه المحجرين بصمت..تركها تنتشر على خديه و تضيع بين تجاعيد وجهه..
_لا جدوى من رفقة تائهين..سأسير بأتجاه مغاير..
اغلقتُ باب المدى..و حملتُ الطريق الوهمي على كتفي..
الباب (2)
الغيوم تتضرع لقطرات المطر ان تثقل و تهزها الريح لتجهض اخر حمل لها...
ارتعشتُ غيظأ..
صهوة مسرجة تقتنص حلم الرحيل في انتشاء كسول..و انا انتظر ان تنمو ارجل الحصان المفترضة..
قيود ما تربطني بغيمة عاجزة عن النبض في عروق السماء المتشابكة مع جفاف الارض و تشققها..
رميت بكل كلمات التوسل و الرجاء على عتبة الوداع......
اغلقت باب الدنيا.......
و عانق الدهليز جسدي ببرودة قبر مجهول......
الباب (3)
انحنت ثلاث مرات و التقطت الكثير من حبات البـَرَد....
_انها تباشير قطن السماء.....
ضحكنا.. ثم التقت عبراتنا..
_يا لسذاجة سنين البراءة
لم تمنحني كف رفيق طريق ، و لا كلمة راعدة بحجم السنوات الضوئية التي احتازت شجرة التوت عند المفرق ، حيث كان للمطر مليون عذر ليغرق ملابسنا بطيشه ، و يعري الشهوات المتبرعمة بخجل تحت تضاريس جسدين فتيين..
الان لا اشجار هنا تشبه شجرتنا تلك ، ولا البـَرَد يشبه حالوبنا*
_هل تعلمين ان المواسم لا تتكرر؟؟؟
_و لا اي شتاء يشبه شتاء سبقه!!.
اغلقنا بابين مختلفي اللون و الاتجاه..
كلانا لم يقف خلف ستارة النافذة مترقبا الآخر!!!.
الباب (4)
صغيرة قرب البنايات الكبيرة..لم تعرف شغف الطفولة ، خوفها من الشارع..من المارة ..من السيارات..من البنايات الضخمة..يرتسم كجدول رقراق في عينين واسعتين..
_خالة اتشترين علكة؟؟
_نعم حبيبتي هات العلبة كلها..
ابتسمت..
كان القاطعان الاماميان قد سقطا ، فعلمت انها بسن المدرسة..
_اين تقطنين؟؟
_انني هناك في الحواسم..
ابتعدتْ كما اقتربتْ بخوف و توجس..
_اي اسم غريب هذا لموطن الفقراء؟؟؟.
ركلت بقدمي كل الأبواب المفتوحة على الجروح المتقيحة..و انشغلتُ بالبحث عن موضع جديد لسيارتي بين زحام المفرزة.
_____________________________
*حالوبنا ، الحالوب باللهجة العراقية هو البـَرَد