في حديث خاص مع أحد الضباط (الواصلين) قبل يومين أخبرني بأن شيئا كبيرا يتم التحضير له ثم سكت فجأة وكأنه كان يخشى الاسترسال بالحديث ، وعندما قاربت الساعة من 12 ليلا فجر يوم الأثنين وعلى وقع الأغاني الوطنية التي كانت تبثها قناة العراقية الحكومية (على طريقة يوم الزحف الكبير) وتمهد لخطاب منتظر من رئيس الوزراء أدركت بأن ماقصده الرجل قد وقع وان كلامه لم يأت من فراغ ، وما أن سمعت الخطاب (التاريخي) أيقنت بأن السيد المالكي قد أرتكب انتحارا سياسيا ووقع في المحظور عندما هاجم رئيس الجمهورية وأتهمه بخرق الدستور مرتين!! ودعا البرلمان الى محاسبته وقرر اللجوء للمحكمة الاتحادية بشأن الكتلة الأكبر التي سبق وأن قررت في العام 2010 مفهومها وهو مامكنه من ولايته الثانية المأساوية ، وقد سبق خطابه وتبعه اجراءات أمنية حيث شهدت العاصمة بغداد انتشارا أمنيا مكثفا وقطع للجسور والطرقات (خصوصا مداخل ومخارج المنطقة الخضراء) ومحاصرة رئاسة الجمهورية والقيادات السياسية في البلاد ليكون واضحا للعيان بأن انقلابا عسكريا على الدستور والعملية السياسية قد وقع .
ان ماحصل يفسر سبب اصرار المالكي على الانفراد بادارة الملف الأمني وتولي حقائب الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات طوال السنوات الماضية واردافها بقوات النخبة الخاصة ومكافحة الارهاب (سوات) وميليشيات متنفذة وتعزيز سلطته من خلال سيطرته على الاعلام الحكومي (حيث تحولت قناة العراقية الرسمية للناطق الاعلامي بأسمه) والمفوضية العليا للانتخابات ومجلس القضاء الأعلى لتكتمل صورة المسرحية الانقلابية التي دبر لها مسبقا تحسبا منه ليوم يفقد فيه شرعيته وسلطته .
وهنا لايفوتنا أن نوجه الشكر للأصابع الأثمة من أبناء شعبنا والتي ساهمت يوم الثلاثين من نيسان / ابريل الماضي بفرض ديكتاتور رسمي على العراق والعراقيين تحقيقا لمصالحهم الخاصة أو نتيجة لفقدانهم الوعي السياسي ، كما لايسعنا الا أن نوجه رسالتنا الى منتسبي وزارتي الداخلية والدفاع ونذكرهم فيها بكونهم أبناء لهذا الوطن وحماة لشعبه في المقام الأول بغض النظر عن الحاكم وان مكانهم الحقيقي بين أبناء جلدتهم من الأغلبية الساحقة المسحوقة من المواطنين لا أن يكونوا سيوفا مسلطة على وطنهم وشعبهم تحقيقا لارادة الانقلاب .
كما ينبغي توجيه الاشادة لقادة التحالف الوطني الذين سرعان ماردوا بتوحيد صفوفهم وتقديم الدكتور حيدر العبادي لرئيس الجمهورية لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة وهو ماسيساهم بعزل المالكي وأتباعه محليا واقليميا ودوليا والذين لم يدركوا جيدا بأن زمن الانقلابات قد ولى الى غير رجعة وان القوى الدولية والأقليمية لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه الانقلاب والانقلابيين . ومايترتب عليه من اتخاذ اجراءات فورية للتعامل مع القوات والميليشيات التي تحكم سيطرتها على بغداد حتى لايكون الدكتور العبادي رئيسا للوزراء على الورق فقط.
مقالات اخرى للكاتب