بغداد – وسط أجواء التوتر السياسي والأمني الذي تعيشه البلاد هذه الأيام بعد الحكم بإعدام نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي ووقع تفجيرات إرهابية في العديد من المدن والمحافظات العراقية راح ضحيتها ما يقارب 500 شخص بين قتيل وجريح. أراد نوري المالكي الظهور في وسائل الإعلام العراقية بموقف المستجوب امام ممثلي الشعب من أجل زيادة شعبيته أولا وأياهم الجميع أنه ليس معصوما من المحاسبة مما يسهل على الجميع تقبل قرار المحكمة الجنائية العليا بحق الهاشمي.
وروجت دولة القانون أن زعيمها نوري المالكي سيقف يوم السبت المقبل أمام البرلمان العراقي لمناقشته فقط بمشروع قانون البنى التحتية والقطاعات الخدمية. وقال عضو ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي ان "جلسة استضافة مجلس النواب لنوري المالكي ستتركز على مناقشة وتوضيح ابعاد مشروع قانون البنى التحتية لما يحمل من اهمية وبيان الحاجة الماسة له لغرض اقراره". وأضاف ان "جلسة التضييف لن تشهد التطرق الى مناقشة اي موضوع سياسي"، مشيرا في الوقت ذاته الى ان "حلحلة الأزمة السياسية في الوقت الراهن تعتمد على موقف الكتل الاخرى ومدى تجاوبها مع طرح المالكي خلال التضييف المرتقب".
وصرح المالكي، في حزيران الماضي أنه ضد أي استجواب له أو سحب ثقة منه قبل أن يتم "تصحيح وضع البرلمان"، الأمر الذي انتقدته رئاسة مجلس النواب، وشددت على ضرورة حضور المالكي إلى الاستجواب عملاً بما يمليه الدستور.
ويشهد العراق منذ اشهر أزمة سياسية تمثلت بمطالبات سحب الثقة من حكومة الرئيس نوري المالكي من قبل التحالف الكردستاني والقائمة العراقية والتيار الصدري، فيما أعلن التحالف الوطني عن تشكيل لجنة الإصلاح، لحلحة الازمة، قدمت ورقة تتضمن 70 مادة أبرزها حسم ولاية الرئاسات الثلاث والوزارات الأمنية والتوازن في القوات المسلحة والهيئات المستقلة وأجهزة الدولة المختلفة.
ويأتي مثول المالكي امام مجلس النواب بناء على طلبه بعد ان فشل خصومه في سحب الثقة عنه او استجوابه امام البرلمان حيث تم الاستعاضة عن ذلك باعداد التحالف الوطني الحاكم الذي ينتمي اليه المالكي ورقة للاصلاحات السياسية في البلاد لم يجر بعد الاعلان عن مضمونها او موعد بدء تنفذها. في وقت ينتظر ان يعود إلى العراق مطلع الاسبوع المقبل الرئيس جلال الطالباني من رحلة علاج في المانيا استمرت حوالي ثلاثة اشهر. وسيباشر طالباني فور عودته اجراء اتصالات مع قادة القوى السياسية من اجل عقد مؤتمر حل الازمة السياسية في البلاد والذي كان دعا له قبل سفره.
وكان حزب الطالباني أستبق عودته إلى العراق بهجوم قاسي على نوري المالكي متهما اياه بأختلاق الازمات التي تعقد من الاوضاع السياسية وانتهاج سياسة دفع الاوضاع باتجاه التعقيد بدل العمل على خلق ظروف أكثر مرونة لبدء الحوار والتوصل إلى رؤية مشتركة بين جميع الكتل لتصحيح مسار العملية السياسية وتصحيح الاداء الحكومي الذي يعاني من عوامل ومظاهر الفشل في شتى المجالات الحيوية. وأشار آزاد جندياني في تصريح صحافي وزعه مكتب اعلام الاتحاد الوطني الكردستاني إلى أنّه مع إقتراب موعد عودة الرئيس الطالباني من المانيا فأن الجميع ينتظر بدء موسم جديد للحوارات السياسية بين القادة والكتل العراقية لايجاد مخرج حقيقي من الأزمة السياسية في البلاد وتبني برنامج إصلاحي لإدارة الدولة التي تعاني من مُشكلات ونواقص بُنيوية حيث سببت كل هذه التناحرات والإنقسامات والمشاحنات.
وأضاف "كان من المفروض أن نعمل جميعاً في هذه المرحلة لخلق أجواء أكثر ملائمة لبدء حوارات الكتل السياسية ودفع الاوضاع بإتجاه عقد المؤتمر الوطني المزمع عقده بعد التوصل إلى تفاهمات بين الكتل بشأن مفاهيم و آليات الإصلاح ولكن نرى عكس ذلك حيث ان نوري المالكي يتجه نحو فتح ملفات متأزمة جديدة كتحريك قطاعات الجيش بإتجاه المناطق التي تعاني أصلاً من عدم البت في امرها وفقاً للدستور، كالذي حدث قبل أسابيع في منطقة زمار والقرار الذي اصدره رئيس الحكومة بصفته قائداً عاماً للقوات المسلحة العراقية حول تشكيل قيادة عمليات لكركوك وديإلى، والذي رفضه مجلس محافظة كركوك ورفضته الاحزاب الكردستانية جميعاً مما تسبب في خلق أزمة جديدة بين إقليم كردستان وبغداد. أخيراً وربما ليس اخراً فان اصدار حكم الاعدام بحق طارق الهاشمي زاد الطين بلة حيث رفضت أطراف مؤثرة في العملية السياسية إصدار ذلك الحكم وشككت به واعتبرته قراراً سياسيا".
وتساءل جندياني قائلا "لماذا يختار المالكي سياسة دفع الاوضاع باتجاه التعقيد بدل ان يعمل على خلق ظروف أكثر مرونة لبدء الحوار والتوصل إلى رؤية مشتركة بين جميع الكتل لتصحيح مسار العملية السياسية وتصحيح الاداء الحكومي الذي يعاني من عوامل ومظاهر الفشل في شتى المجالات الحيوية".
وأشار إلى أنّه "بعد غلق ملف سحب الثقة من رئيس الوزراء، والذي تم بصعوبة قصوى، كنا ننتظر منه أن يجنح إلى التهدئة والابتعاد عن إختلاق مشاكل جديدة، ولكن مع الأسف الشديد نرى انه يجنح إلى التصعيد، رغم معرفته التامة بأن العراق وأصدقاء العراق أيضاً ينتظرون عودة رئيس الجمهورية لبدء حوار وطني شامل ومعمق لإخراج العراق من براثين الازمة التي تتعقد يوماً بعد آخر، و يعتبر الكثيرون هذا التعقيد وليد عدم اكتراث رئيس وزراء العراق بالحوار الوطني وحل الازمة التي أصبحت شبه مستديمة".
في غضون ذلك تسود اجواء من القلق والتوتر الساحة السياسية العراقية اثر الحكم الاحد الماضي بالاعدام على طارق الهاشمي وسط اتهامات لانصاره بالمسؤولية عن التفجيرات التي تشهدها البلاد منذ خمسة ايام واوقعت حوالي 500 قتيلا وجريحا. وقد طالت الاعتقالات مجموعات من عناصر حركة تجديد التي يتزعمها الهاشمي في عدد من المحافظات العراقية باتهامات مسؤوليتها عن التفجيرات التي وجهت الاتهامات فيها ايضا إلى الحزب الاسلامي العراقي الذي كان الهاشم احد قادته البارزين.
لكن الحزب هدد في بيان صحافي اليوم بمقاضاة من اسماها بالاطراف المأجورة التي قال انها تقود حملة مقصودة لتشويه سمعة ومسيرة الحزب من خلال اتهامه بالضلوع في التفجيرات الأحد. وأضاف انه "في غمرة انشغالنا مع أبناء شعبنا بجراحاتهم النازفة خلال اليومين الماضيين طالعتنا بعض الأصوات النشاز التي تتاجر بدماء الأبرياء وتوجه سهامها المسمومة للحزب الإسلامي العراقي متهمة إياه بالضلوع في تفجيرات الأحد الدامي".
وأشار إلى أنّه "على الرغم من افتقار هؤلاء لدليل واحد على ما يقولون ظلت أصواتهم تتعإلى متخذة بعض وسائل الإعلام ساحة لتفريغ حقدها فيها، مما يؤكد وجود توجه عام لدى هؤلاء لتشويه الأحزاب الوطنية وعرقلة مسيرتها". وشدد الحزب على ان هذه الادعاءات "أقل ما يقال عنها أنها باطلة وواهية ولا قيمة لها فالحزب بتاريخه الناصع لم يتورط بدماء الأبرياء كغيره وساهم بكل جهد ووقته من اجل صون دماء العراقيين وقدم مئات الشهداء من قادته وأعضائه فداء للوطن في وقت أوغل الآخرون في ذلك أو اكتفوا بجني المكاسب عبر المتاجرة بهموم شعبهم".
وكان حسن الاسدي النائب عن ائتلاف دولة القانون بقيادة المالكي أتهم خلايا مرتبطة بالهاشمي بالوقوف وراء التفجيرات، وقال الأسدي "هناك خلايا مرتبطة بطارق الهاشمي مازلت تعمل في العراق وتسعى لارباك الشارع العراقي من خلال التفجيرات على اعتبار ان الحرب الطائفية هي الوسيلة الاساسية لحماية الهاشمي وأمثاله". وأشار إلى أن "أعمال العنف تزايدت في يوم الحكم بالإعدام وقبل النطق به". وتشهد محافظات عراقية حاليا حملة اعتقالات لانصار الهاشمي واعضاء في حركة تجديد التي يتزعمها وسط اتهامات بمسؤوليتها عن التفجيرات التي تتصاعد في البلاد.