ليس بالضرورة أن يكون لك رأي في كل نازلة، أو مسألة، أومشكلة.
وإذا كان لك رأي في شيء من ذلك فليس بالضرورة أن تبديه، وإذا أردت إبداءه فليس بالضرورة أن تبديه لكل أحد أو في كل مناسبة.
وإذا أبديته فليس بالضرورة أن تتشنج في إبدائه، أو تتعصب له، أو تظن أنه حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وإذا خالفك الرأي أحد من الناس فليس بالضرورة أن يكون ذلك المخالف عدواً، أو متربصاً، أو حاسداً.
وليس بالضرورة إذا انتقدت أحداً من الناس أن تسعى لتجريحه، وإسقاطه، والإساءة إليه، وتجريده من كل حسنة.
وليس بالضرورة إذا اختلفت مع أحد أن تعاديه، وتدعو إلى عداوته، وتشهر به قدر ما تستطيع.
وليس بالضرورة إذا كان بينك وبين أحد من الناس خصومة أن تنتقل هذه الخصومة إلى كل من يتصل به أمرك حاملاً شعار: (معي أو ضدي) ، بل يكفي أن تنحصر الخصومة بين أصحابها قدر المستطاع.
وليس بالضرورة إذا كتبت مقالة، أو قصيدة أن تطول كلماتها، أو صفحاتها، أو أبياتها، بل يكفي في ذلك وصول الفكرة، فإذا وصلت بأقل كلفة وأقصر عبارة فذاك.
وليس بالضرورة إذا تكلمت، أو داخلت، أو أبديت وجهة نظر أن تتزيد بالكلام، فتثقل على السامعين أو الحاضرين دون مسوغ لذلك طالما أن الغاية من الكلام تحققت، ولأن يقال :
(ليته واصلَ خيرٌ من أن يقال : ليته سكت).
ولو أخذ هذا الشعار حظه من نفوس كثيرين لسلمنا من تخمة التكرار والإثقال، وصداع الإطالة، والإملال.
وليس بالضرورة أن تكون المتصدر في كل مجلس، السابق لكل حديث، ولو بلغت ما بلغت من العلم والثقافة، فليس كل جو جوك، ولا كل يوم يومك.
وليس بالضرورة إذا قصرت في يوم ما، أو قصرت في حق أحد ممن لهم حق عليك أن تجعل ذلك التقصير ذريعة لاستمراء التقصير، وترك الإحسان.
وليس بالضرورة إذا كرهت أحداً أن تخبره بذلك بحجة أنك صريح، بل الحكمة تقتضي أن تحتفظ بذلك لنفسك، ف{عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً}.