بغداد – أكد مراقبون ومحللون سياسيون عراقيون أن نوايا نوري المالكي من عملية فبركة إلغاء البطاقة التموينية ثم تجميد القرار وتخيير الناس بين أستلام الفلوس المخصصة وأخذ مفردات البطاقة، بدت واضحة وأنها لا تعدو أن تكون عملية تغطية على كشف عملية الفساد في صفقة السلاح الروسي والمتورط بها المالكي وعدد من المقربين منه، فضلا عن استخدام الورقة كدعاية أنتخابية مبكرة له ولحزب الدعوة.
وأتهم النائب عن التيار الصدري محمد رضا الخفاجي، المالكي بالمساومة على قرار الغاء البطاقة التموينية في الانتخابات. وقال الخفاجي إن "اجراؤه هذا هو لاغراض انتخابية ليس الا"، مهددا الحكومة بان "مجلس النواب سيتخذ موقفاً شجاعاً ومحاسبتها على مثل هذه التصرفات، لانه ممثل عن الشعب وعن رأيه، وهي تمس حياة المواطنين".
وتابع أن "المالكي اتخذ القرار للمساومة عليه في الانتخابات"، معبرا عن رؤيته أن "الحكومة بدأت بمحاولة تسقيط البرلمان وإلغائه من قاموس الانتخابات"، معتبرا أن قرار إلغاء البطاقة التموينية "اعلان حرب ضد الفقراء من ابناء الشعب العراقي، واستخفافا بهم، وهو دليل على ان الحكومة بدأت تتخبط في قراراتها".
ورأى الكاتب والمحلل السياسي علي عبد الأمير أن التنافس الخدمي وتقديم الافضل للمواطن العراقي غاب عن الأحزاب والسياسيين العراقيين، وحل محله التنافس على القتل والإغتيال والتفجير والتهجير ومحاربة المواطن العراقي في رزقه وحياته. فضلا عن خلق الأزمات وتسويق فكرة المنقذ.
وأضاف أن العراق شهد في السنوات الأخيرة, أمثلة كثيرة على هذا الأمر, اغلبها كانت تتمحور حول الأزمات السياسية المفتعلة وما يتخللها من صناعة العدو الوهمي من الأمور التي لم تتعدى التسمية والمحتوى السياسي.
واشار إلى أن المالكي نجح في إثارة الأزمة الحالية، التي سرعان ما تحولت الى حديث الساعة, بين شرائح المجتمع بمختلف مسمياتها وحيثياتها, والتي أضحت لا تملك موضوعا غير مفردات البطاقة التموينية, ومسألة الغائها وإبدالها, ناهيك عن حيازتها على العناوين الرئيسية في مختلف وسائل الإعلام المقروءة منها والمسموعة والمرئية, حيث أمست هذه الأزمة أمرا مهولا, ووحشا كاسرا, ينتظر المواطنون هجومه بين الفينة والأخرى, الأمر الذي جعل الشعب العراقي, وعلى راسه المرجعية الدينية, وشرائح المجتمع الثقافية, تنتفض غاضبة وخائفة من هذا القرار المشؤوم, الذي يعد ضربة قاصمة توجه لكرامة المواطن وما تبقى له من حقوقه المهدورة, وهذا ما يريده بالضبط صانعوا الفبركة التموينية، فهم يتمنون وصول الشعب الى مراحل متقدمة من اليأس والإحباط والعصف بالأفكار، والاستنزاف في التفكير, والتشدق ببصيص من الأمل المفقود, جاعلين المواطن في الوقت ذاته, ينتظر من يبادر لإنقاذه من هذه الأزمة التي ألمت به وضيقت الخناق عليه مستغرقين في هذه الأمور, بعض الوقت لحين الوصول الى الوقت المناسب, فيخرج القائد الهمام الذي اعتاد تمثيل هذا النوع من المسرحيات, ليطل على الشعب المغلوب على امره, ويعلن انه عمد الى إلغاء هذا القرار الذي لا يتوافق ومصلحة الشعب العراقي الذي تهمه كثيرا.
وتابع وبعد ذلك سنشهد إعلاما يسخر وأبواقا تزمر, وطبولا تقرع, وحناجرا تصدح, واصواتا تتعالى هنا وهناك, وهي تنادي باسم رجل المرحلة, والمنقذ الذي أنقذ شعبه، ويبدأ تسويق هذا المنقذ لشرائح المجتمع وباليات مدروسة, تكفل لهم إيهام المواطن والضحك عليه.
