لم يكن صعباً أن أعرفَ سببَ إختناقِ ذلك الرجل السبعينيّ الذي ملأ صفيرُ أنفاسِهِ سمْعَ المكان ،
مع شِفاهٍ مُزرقّةٍ وأسنانٍ مُصفرّةٍ وأناملَ مُسْودّةٍ وسُحْنةٍ يحتدمُ فيها الدمُ الفاسد .. وعينٌ تتجولُ ملهوفةً هنا وهناك علّها تغيّرُ قوانينَ الكون وترى ذلك الهواءَ ليقفزَ إليهِ بكلّ ما تبقّى في جسدهِ من قوّةٍ أفناها حُكمُ الزمانِ وانتحارُهُ البطيءُ بغيومِ الموتِ السوداء ..
ولكنّ الصعبَ كان في إقناعهِ بتغييرِ علاجِ إرتفاع ضغطِ الدم ( أتينولول : تنورمين ) والذي رافقَهُ في عَدِّ ثوانيهِ الراحلة وأوراقِهِ المتساقطةِ لستةِ خريفاتٍ سالفة !!
" وصفلي اياه دكتور نجم " ..
يا لكَ من سعيدٍ ونجمٍ يا نجم !! .. لا أدري من بطْنِ أيِّ كتابٍ أتيتَ بعلمكِ الذي جعلكَ تصِفُ هذا الدواءَ لرجلٍ بهذا العمر لا يعاني من خَطْبٍ في القلب ، بل ومصابٌ بالتهابِ القصباتِ المزمن !!
ولا أدري من أين أتيتَ بعصاكَ السحريةِ التي تضربُ بها على بصائر وأبصار مرضاكَ فلا يرونَ إلاّ ما ترى ولا يهتدونَ إلا بسبيلِ رشادك !!
أخذَ وصفتي بيدٍ مُجاملة ، وبعينٍ عليها سَفْعةٌ من وُجوم ، وبشفاهٍ تكادُ أن تنفجرَ وتقول :
" العتب مو عليك .. قابل إنت تلحك دكتور نجم !!؟؟ "