اليوم و بعد ان صارت الثورات لغة الشعوب ، على الحكومات العربية ان تعيد بنــــاء العلاقة مع ( عبدالله ) الذي ينتظر توقيع مذكرة التفاهم مع حكومته ، مذكرة تؤمن له حياته و اسلوب معيشته و تؤمن بقاءه آمنا فيشعر ان حكومته تطبق فيه قانون ( كلكم راعٍِ و كلكم مسؤول عن رعيته ) .
أن تكون لـ( عبدالله ) المواطن البسيط كلمة مؤثرة على حكومته هذه ثقافة جديدة على الحكومات و ذلك لان عبدالله يقبع تحت السلطة و السيطرة منذ عقود و لا يعترض و لايثور بل و حتى لا يناقش .
غير أن اليوم الصورة مختلفة و على الحكومات ان تعيد النظر اكثر من مرة قبل ان تضع مصالح شعوبها على المحك بإصدار قوانين تهدد نمطية عيشهم .
الشرارة الاولى في الثورات العربية و التي طالــت عدد من البلدان العربية كانت اعتراضا على ــ اسلوب عيش ــ و جاءت بشكل تمرد سلبي مقهور بسبب قوانين لم تراع حق الشعب بالعيش بكرامة .. فأحرق البوعزيزي نفسه تمرداً على تهديد قوته اليومي و ليحرق بعدها أنظمة قائمة منذ عقود و حكومات و أنظمة و أحزاب سياسية حاكمة كانت تظن نفسها قد أخذت كل التطعيمات المطلوبة ضد الانقلابات .
كما يعتبر فشل تجربة ( الأخوان المسلمون ) - هذا الفشل الذريع - أحد الأدلة على ذلك فالتهديد بالتغيير السريع لنمطية الحياة مع عدم الأخذ بنظر الإعتبار مصالح الشعب في مصر كان كنخر السوس الذي قوض حكمهم ... فأنقلب ضدهم حتى ممن كانوا في الأمس القريب قد صوتوا لهم و هكذا سقطت الاجندة الغبية ذات الأهداف المشبوهة التي جاءوا لتنفيذها ... و سقوطهم يعتبر دليلأ قوياً على أن الشعوب ماعادت تتقبل التهديد في نمط عيشها و لا تتقبل التغيير اذا كانت ترى أنه تغيير نحو الاسوأ .
إن تشريع القوانين أو إصدار القرارات و حتى قبل تحويلها الى البرلمان في أي دولة لابد من مرورها قبل ذلك على لجنة مكونة من خبراء اقتصاد و علماء إجتماع و رياضيات ( لجنة يتم إختياراعضائها على أسس علمية بحتة بعيدة عن الولاءات السياسية أو الحزبية ) و إرتباطها يكون بالمسؤول الأول عن الرعية بالدولة ، لجنة يقتصر دورها على دراسة أوضاع المجتمع دراسة دورية واستقراء و تشخيص تبعات هذا القانون على المواطن و المجتمع و ما مديات تأثيراته على الأمد الطويل و دوره في حياة الجيل الناشيء كالقوانين التي تتعلق بالحالة الاقتصادية من تحديد نسب زيادة الرواتب او الضرائب او قانون الايجار او الضوابط الموضوعة على تزايد الاسعار في القطاع الخاص .
ان المختصين من الدارسين و الباحثين و علماء الاجتماع قادرون على تحقيق الاستقرار و مسؤولون عن حماية حقوق كلا طرفي المعادلة ، الشعب و حكومته ، خصوصاً اذا ما كانوا أحرار من الإنتماءات السياسية والحزبية ، فيكونوا بذلك العون للشعوب و الحكومات على حد سواء ... على الحكومات ان تتقبل شراكة العلم ليتحقق الاستقرار و التطور برسم بياني منتظم و نسب طردية مدروسة ... و بذلك تكون الحكومة سقف الأمان الفعلي للمواطن لتضمن تطبيق المعادلة العامة مابين الحقوق و الواجبات .
اليوم صارت الحكومات وحدها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن مدة صلاحيتها و بعدما كانت القطب الوحيد ، صار الأن الشعب الطرف الأقوى في المعادلة و لم يعد الجبروت هو ضمان البقاء على الكراسي .
مقالات اخرى للكاتب