بقلم :ايستير تشابوت
ترجمة: العراق تايمز
في مارس المقبل سيدخل العراق سنته العاشرة من الغزو الامريكي بعد الاطاحة بنظام صدام حسين، في حرب قالت انها ستحمل الديمقراطية لهذا البلد ولكن الصورة لازلت ملطخة بدماء العنف والقتل وعدم الاستقرار . لا يكاد يمر أسبوع واحد الا بتسجيل هجومات إرهابية و تفجيرات دموية تحصد العشرات من الابرياء في حين أن الجهاز الحكومي، برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي، يؤكد مع حلول كل يوم جديد انه تلقى توجيهات و عليمات بفرض الهيمنة لصالح طائفته، من اجل تقديم البلاد فريسة سهلة للتناحر و الاقتتال الطائفي، لانه لا يبدو امستعدا لإجراء اي عملية حقيقية للمصالحة والوحدة الوطنية بقدر ما هو عازم على سياسة التهميش واالتمييز والعنصرية ضد مكونين هامين للشعب العراقي ألآ وهما: السنة والأكراد
المحللون السياسيون الذين يتابعون عن كثب ما يدور في ساحة العالم العربي يقولون في كل مرة بان العامل الاساسي في هذه القضية الشائكة التي تلف بالمنطقة، يكمن في الصراع السني الشيعي. وفي العراق تتجلى بكل وضوح وطأة هذا الصراع، مع العلم ان الشيعة في العراق يمثلون الاغلبية و لطالما عاشوا و ذاقوا كل انواع التهميش والاضطهاد والقتل والابادة من طرف النظام السني الذي مثله صدام حسين طيلة سنوات.
لدى يبدو ان ردة الفعل اتت شبيهة بالانتقام ابان الحصول على السلطة التي خولها الغزو الامريكي للشيعة، وبالتاكيد ان النظام الشيعي الإيراني المجاور كان عاملا أساسيا في تعزيز هذه الديناميكية، وتقديم الدعم من جميع الأنواع حتى يصبح العراق جزءا من المحور الشيعي، بقيادة طهران، التي تتطلع الى توسيع فضاءات قوتها الاقليمية.
يعلم الجميع ان الحرب الأهلية التي حطت اوزارها في سوريا هي حرب بين الأقلية العلوية التي تمثل الشيعة و الأسد، مع الأغلبية السنية في البلاد ومع غيرها من الأقليات العرقية والدينية، انها حالة من الحالات التي يظهر فيها نظام المالكي موقعه الفعال لصالح القضية الشيعية،عبر مد الحكومة السورية بالنفط، فضلا عن السماح باستخدام مجالها الجوي والطرق البرية لنقل الأسلحة الإيرانية إلى ترسانات بشار الأسد.
ان نظام المالكي يتسم بالمناورة و المكيدة من اجل تهميش اوازاحة المسؤولين السنة عن طريقه، والذين هم جزءا لا يتجزأ من جهاز الدولة، متهما اياهم في كثير من الأحيان بالإرهاب والفساد من أجل التخلص منهم.
ان الطرف الآخر من الشعب من الذي يعاني من جشع القوة المالكية في العراق هم الأكراد، الذين عاشوا التهميش، ومن خلال دوامة التغيرات التي طرأت في العراق منذ عام 1991، ابان حرب الخليج الأولى، انقلب الاوضاع لصالحهم ، بفضل التدخل الغربي وإنشاء منطقة الحكم الذاتي الكردية في شمال العراق. هذه المنطقة الهامة للغاية شهدت تطورات اقتصادية وسياسية خلال العقدين الماضيين، و يعتبر واحدا من النجاحات الملموسة القليلة التي يمكن تسجيلها في سياق عدم الاستقرار الحاد في البلاد.
وكنتاج للانتخابات وتقاسم السلطة ،الكردي جلال طالباني، استطاع ان يبقى في كرسي الرئاسة الى جانب نوري المالكي.
ومع ذلك، فقد كانت العلاقات بين البلدين أكثر من متوترة، بسبب النزاع حول توزيع النفط.
والآن، نتيجة الجلطة الدماغية التي ألمت بالطالباني مؤخرا ،أبان نظام المالكي انه غير مستعد لوضع شخصية كردية اخرى مكان الطالباني ، ولكن يهدف الى تنصيب شخصية شيعية .و هكذا اقبل المالكي على الخطوة الاولى في عملية تفكيك الأمة العراقية، الذي يعد تعد استقرارا وأكبر ضحية للعنف