في حوارٍ وعتبٍ شديد سألت الخشبة معاتبةً المسمار بعد أن أوغل في إيذائها ليجيب الثاني : لو تعلمين الطَرق الذي ينهالُ على رأسي لما تساءلتِ أو عاتبني ؟
وهذا ما يختزله المثل الشعبي القائل : إيش جابرك على المر ؟ غير الأمّر منه ، الكل يعلم أن نسبة الفقر في العراق بلغت أرقاماً مخيفة ، رغم كون العراق صاحب الميزانية الإنفجارية التي تجاوزت 150 مليار دولار للعام 2014م فقط بحيث ألجئت الحالة أعداد لا حصر لها أن تعتاش على القمامة والمزابل وتسكن بيوت الصفيح في ظل إنعدام فرص التعيين والتوظيف وإنحساره في إطار ضيق منحسر بالحزبية والفئوية فلم يعُد من خيار يقّي أبناء العراق شظف العيش سوى الإنخراط في المؤسسة العسكرية الجيش أو الشرطة على حدٍ سواء ومع اشتداد ضراوة المعارك في محافظة الأنبار ومدنها وإستعار أتون الحرب ورحى القتل التي لا تكل ولا تمل وإتساع رقعة المعارك في باقي محافظات العراق الشمالية والغربية الأمر الذي جلّ ما نخشاه أن تتسارع الأمور وينفلت الخطام فتكون حرباً أهلية كما يُخطط ُلها بحيث يُجر اليها الشعب جراً ، حرباً تأتي على الأخضر قبل اليابس ، رغم أننا نرى الأحزاب المهيمنة على مركز صنع القرار بشتى مشاربها فئوية تحاول أن تظهر الأمر للسُنة بأنها تُمثل الشيعة ولكن واقع الحال يشهد أن أهلنا الشيعة ليسوا بأحسن حال من إخوانهم السُنّة ، كما هو الحال مع ساسة السُنّة الذين لا يمثلون الإ أنفسهم ومصالحهم وتجاراتهم وعقاراتهم وأرصدتهم التي غصت بها المصارف العربية والأوربية.
في هذه الأثناء تلقيت إتصالاً هاتفياً من أحد أبنائنا في الجيش العراقي في مقتبل العمر من محافظات جنوب العراق الغالي وأبديتُ خشيتي من تتابع الأحداث وتسارع وتيرتها وتخوفي من أن يكون الجميع وخاصةً منتسبي الجيش وقوداً لهذه الحرب وتمنيت عليه أن يحل في ضيافتي خاصةً في هذا الظرف العصيب كوننا مع دويّ كل إنفجار أو سماع أصوات الإشتباكات تهبط قلوبنا خشية أن يكون قد أصابه مكروه كونه المُعيل الوحيد لأسرةً كريمةٍ كثيرة العدد ليُجيبني بصوتٍ أحسست نشيج العبرات يختلج به إنه الفقر والجوع والعوز وكما قال أمير المؤمنين عليٍ (عليه السلام) لو كان الفقر رجلاً لقتلته ، فكيف يواكب الأهل قسوة الحياة وكيف باؤلئك الجياع هل تبقى فاغرةً أفواهها فدبيب الدم في عروقهم مرهون بهذ الراتب الذي لا حول لنا ولا قوة من بعد الله الإ به ؟ إلى الله المشتكى وأردف إن تطلب الأمر سأضحي بروحي عسى أن يكون تقاعدي بعد مصرعي سبباً في أن تحيا أسرتي فموتي يعني حياتهم ويشهد الله أننا ما قدِمنا الإّ من أجل الراتب لا غير ليردف قائلاً : بكت والدتي وهي تودعني فأخبرتها أن لي أهلاً في نينوى كما أنتم فلا تخشي على إبنك فهو وسط اهله ليرسل لي نص الرسالة التالية بعد إنتهاء المكالمة التي تُقّطع نياط القلب.
شكد صعبة المواقف من تُمّر بالناس
جيب اليحكي حق ويّطلع لسانة
يوسف ما بكى لمن وكع بالبير
بس صدك بكى من إشتاق لإخوانة
فلم يكن مني إلا أن أبلغه اننا ستبقى أهله وإخوته في أي ظرف ولن تفرقنا خصومات السياسيين ولله در المهاتما غاندي حينما سُئل عن سبب عدم تعلمه لعبة الشطرنج أجاب : لا أريد أن أرى الجنود تُقتل ليعيش الملك ...؟؟؟
يا ساسة العراق الله الله في أهل العراق
الله الله في الدماء التي تُراق
الله الله في الأرواح التي تُزهق
(وقفوهم إنهم مسؤولون )
مقالات اخرى للكاتب