الأصول العملية:هي نوع من الأدلة التي تساهم في تحديد الموقف العملي تجاه الحكم الشرعي المجهول ويأتي دور الأصول العملية في حالة عدم إحراز الحكم الشرعي بسبب عــدم توفر الدليل المحرز أو ضعف الدليل ففي هذه الحالة يكون الحكم الشرعي مجهول والحكم الشرعي المجهول أما أن يكون محتملاً أو مشكوكاً وبسبب هذا التقسيم تنـوعت الأصول العملـية ففي حالة الشك بالحكم يكون العمل بالأصل العملي البراءة أو الاستصحاب مثـال ذلك : مسألة التدخين يقوم المجتهد من اجل تحديد الحكم الشرعي أو الموقف العملي بما يلي :-
أولاً: الجواب على هذا السؤال ما هو نـوع الحكم الشرعي الذي تعلق بالتدخين ؟ ويكون الجواب عن طريق إجراء عملية الاستنباط القائمة على أساس الدليل المحرز(الدليل الشرعي أو الدليل العقلي) فإذا لم يتوفر لديه دليـل محرز يحدد نوع الحكم الشرعي أهو وجوب أم حرمة استحباب أم كراهة أو إباحة هنا سوف يكون الحكم الشرعي مجهول وبالحقيقة يكون التدخين مشكوك الحرمة
وهنا يستبدل المجتهد السؤال بسـؤال آخر وهو: ما هـو الموقف العملي تجاه حكم التدخين المجهول (المشكوك أو المحتمل) ؟ ويكـون الجـواب عن طريق إجراء عملية الاستنباط القائمة على أساس الأصـل العملي فالأصل العملي يحدد الموقف العملي تجاه الحكم الشرعي المجهول أي أن الحكم الشرعي للتدخين يبقى مجهولاً ولو على نحو الشك .
الأصول العملية هي : البراءة والاستصحاب والاحتيـاط والتخير. والبراءة والاستصحاب موضوعها الشك أي أن يكون جريانها وتطبيقها في مـوارد الشك في الحكم الشرعي كما هو الحال في مثال التدخين فالتدخين مشكوك الحرمة ومقتضى اصل البراءة واصالة الحل هو عدم التكليف وعدم التحفظ أي أن المكلف يتصرف اتجاه التدخين كما يحلو له . أما الاحتياط والتخير فأنهما يجريان في حالة الظن والعلم الإجمـالي أو في مورد الشبهة المحصورة فمثلاً لو كانت الحرمة على نحو الشبهة المحصورة أو العلم الإجمالي فمقتضى الأصل العملي هو الاحتياط الوجوبي مثال ذلك طريـق الاحتياط فأنه مردد بين الجواز والمنع فمقتضى الاحتياط هو ترك طريق الاحتياط ..
والخلاصة:- أن الشك موضوع لأصالة البراءة والاستصحاب . والعلم الإجمالي موضوع للأصل العملي الاحتياط والأصل العملي التخير .
بقى شئ آخر وهـو الشروع في شرح الأصول العملية واحدة واحدة وعلى الله التوكل . 1-أصالةالبراءة: وهو دليل عملي يحدد الموقف العملي تجاه الحكم الشرعي المجهول المشكوك عند عدم توفر دليل محرز معتبر من دليل شرعي ودليل عقلي . وقاعدة البراءة معناها هو أن الأصل في حالة الشك بالحرمة أو الوجوب هو عـدم الحرمة وعدم الوجوب فكـل تكليف إلزامي مشكوك فأن الأصل هو عدم التكليف وعدم التحفظ تجـاه هذا التكليف وهناك أدلة كثيرة تبرهن حجية هذا الأصل وهذه القاعدة نذكر واحد منها وهو حديث الرسول (صلى عليه وآله وسلم ) الذي جاء فيه ((...رفع عن أمتي ...ما لا يعلمون )) والشك مصداق واضح فهو جهل وليس علم وبالتالي يكون مرفوع عنه قلم المؤاخذة وهذا دليل محرز معتبر حجة على قاعدة البراءة .
2-قاعدة الاستصحاب:- وهو أصل عملي يشمل الشبهة الموضوعية والشبهة والحكمية على حدٍ سواء بنـاء على رأي السيد محمد باقـر الصدر (قدس) وخلاف لرأي السيد الخوئي(قدس) حيث أنه يرى في علم أصول الفقه إنّ الاستصحاب كأصل عملي يجري في الشبهة الموضوعية فقط .
وفكرة الاستصحاب هي (في حالة الشك في بقاء اليقين فأنّ مقتضى هذه القاعدة هو استصحاب اليقين السابق) ولهذه القاعدة شروط :
الأول: اليقين السابق
الثاني: الشك في بقاء اليقين
الثالث: وحدة الموضوع
فمثلاً لو أن لديك إناء فيه ماء نجس يقيناً وبعدها طرأ الشك في بقاء النجاسة أم لا فمقتضى قاعدة الاستصحاب هو البناء على النجاسة واعتبار الماء نحساً استصحاباً للحالة السابقة وهناك عدة أدلة معتبرة على حجـية وصحة هذه القاعـدة (الاستصحاب) وبسـببها اصبح من الممكن اعتـبار الاستصحاب دليل عملي ونذكر أهمها وهي صحيحة زرارة والتي جاء فيها بما مضمونه (إنّ الشك لا ينقض اليقين) ولكن ينبغي مراعاة الشروط لكي تكون هذه القاعدة سارية المفعول .
ونقصد بوحـدة الموضوع أي عدم تعدده واختلافه فمثلاً الماء النجس يقـيناً عندما يصبح ثلجاً ثمّ طرأ الشك على الثلج من حيث النجاسة والطهارة لا يمكن أن نجري قاعدة الاستصحاب على هذه الحالة بسبب عدم توفر الشرط الثالث وهو وحدة الموضوع وذلك لأن الماء موضوعه يختلف عرفاً عن موضوع الثلج فالمهم هو توفر جميع الشرائط التي ذكرناها .
3- قاعدة الاحتياط(الاشتـغال):وهي إحدى الأدلة العملية التي يعتمد عليها الفقيه في تحديد الموقـف العملي تجاه الحكم الشرعي المجهول على نحو الشبـهة المحصورة أو العلم الإجمالي ولكن بشرط عدم التـعارض بين الوجوب والحرمة أي تردد الحكم الشرعي بين الوجوب والحرمة...
أما إذا كان أحد المحـتملات الوجوب فإنّ مقتضى الأصل العملي هو الفـعل وأما إذا كان أحد المحتملات الحرمة فإنّ مقتضى هذا الأصل العملي هو الترك والدليل على شرعية هذا الأصل عدة أدلة منها (الاحتياط طريق النجاة) . والأمثلة كثـيرة في الرسائل العملية بل إنّ الأعم الأغلب من الاحتياطات في الرسائل العملية هي مصاديق ونتائج لهذا الأصل سواء كان الاحتياط وجوبي أم استحبابي .
4-التخيير:- وهو أصل عملي يحدد الموقف العملي تجاه الحكم الشرعي المجهول الذي يكون على نحو العلم الإجمالي أو الشبهة المحصورة ولكن في حالة الـتعارض الغير مستقر ويكون مقتضى هذا الأصل هو التخير بـين الترك والفـعل في التعارض بين الوجوب والحرمة وذلك لتـعذر العمل بالاحتـياط لأن الترك يوافق حكم الحرمة ويخـالف حكم الوجوب وكذلك الفعل يوافق حكم الوجوب ويخالف حكم الحرمة .
وحيث أن التـعارض مستقر وثابت فإنّ هذا الأصل العملي يكون ساري المفعول والتعارض على قسمين :
الأول: التعارض المستقر الثابت:- وهو العـارض الذي لا يمكن الجمع العرفي بين الدليـلين المتعارضين بقـواعد الجمع العرفي الإطلاق والتقـيد والعموم والتخصيص والحـاكم والمحكـوم
وهذا هـو موضوع لهذا الأصل العملي التخير بأن يكون المكـلف مخـير بين الترك أو الفعل .
الثاني : التعارض غير مستقر:- وهو العام مع الخـاص والمطلق مع المقيّد والحاكم مع المحكوم وهذا النوع من التـعارض يمكن الجمع فيه بقواعد الجمع العرفي كما هو مسطور في محله في علم أصول الفقه
اقرأ ايضاً