الحضارة كيان بالغ التعقيد ويحتاج الى تنظيم عقلي بالغ التعقيد أيضا لكي يتعامل معها.
فاذا كان للانسان أن يرتقي فأن عليه أن عليه ان يتطور عميقا وان يطور سيطرته على اعماقه الخاصة.
أن أفتقارنا الى القدرة على النظر من بعيد وافتقارنا الى التجربة وعدم نضجها في حل المشاكل المعقدة للظروف الانسانية جعلنا ننساق وبسرعة كبيرة مع تيار الحياة دون اتخاذ اي قرارات أخلاقية عظيمة.
أن حضارتنا او ثقافتنا ركدت وتعفنت حتى وصلت الى درجة الانهيار والتحلل أنها حضارة دون مثل عليا.
اكاذيب وغباوة وضعف واستسلام واتكالية مقيته.
أن تقدم الحياة وارتقاءها لم يكن حدثا عارضا وقع مصادفة وانما شكلته ووجهته قوى تملك الذكاء والهدف.
ان أبسط الكائنات العضوية الحية لابد أن تتقابل باستمرار من أجل الوجود والبقاء ومشكلتنا ان نعيش دائما مع الواقع القائم على الدوام تحت أنوفنا.
أفضلنا لايستطيع أن يقنع أحدا.
بينما اسوأنا مليئ بكثافة حادة تلهب الخيال.
ان الاحساس بأن هذا العالم المبتذل الذي يلوح لنا قد الصقنا به.
هو عالم لم يكن الافلات منه اننا جميعنا في وضع أنسان (متوتر نفسيا يدور حول نفسه لايعرف أين يتجه ونحن الان في عصر تغير سريع يطفر به التطور أحدى طفراته الكبيرة. فان الامم المتمرنة والشرائع لها معارف ومفاهيم وخطط ومناهج وأهداف يمكن وبسهولة تغيير شرائعها ومعارفها ومفاهيمها ومناهجها واهدافها،،اما الامم المتخلفة المتأخرة عن الركب الحضاري لها عاداتها وتقاليدها وخرافتها فيصعب عليها تغييرها او محوها لانها تعتبر في عرفها قدس الاقداس هل تستطيع ان تحيا حياة صحيحة وهي تسير أسيرة طريق الماضي بعيون مقفلة تتلقى موارثيها على أنها قضايا مسلم بها وسنن لا تحيد عنها. وقد كان تقدم الحياة دائما نتيجة الصراع بين عوامل المحافظة التي تنطوي عليها المواريث القديمة وعــــــوامل التجديد التي تؤدي الى التغـيير وانعدام هذا الصراع لايدل على السلام والاستقرار بل اقرب الى الدلالة على الركود والخمود.
عوامل جديدة
والتفاعل بين مواريثنا القديمة وهذه العوامل الجديدة التي تعمل على تغييرنا يحتاج منا الى الكبر الاهتمام والتقبل لانه العنصر الاكبر من مقومات حياتنا الانسانية الحاضرة والمستقبلية وعندما لانستفيد من الثقافات العالمية المتقدمة نظل غارقين في التفاهات والخزعبلات والزخارف اللفظية التي كانت قد صرفتنا عن كل تفكير اصيل او احساس انساني حي.ان الثقافة يجب ان تكون حقيقية وليست بريقا ظاهريا أو طلاء مزورا فانها تمثل الاتحاد الحيوي بين نظام التربية والتعليم والنظام السياسي وذلك ان الثقافة لم تعد ترفا عقليا بل وسيلة حياة نستطيع ان ندرك قيمتها.ان كل عمل ثقافي ايا كانت قيمته الفكرية الخالصة جانبا سلعيا وجانبا دعائيا.
فأن اخطر مايهدد الثقافة هو تحولها الكامل الى سلعة كما ان أخطر مايهددها هو تحولها الى دعاية. ان نشر الثقافة وحسن استخدام ادواتها واجهزتها تعد من العوامل الفعالة في اصلاح وتغيير ما نشكو منه من فساد الخلق وضعف في الشخصية او عجز عن تحمل المسؤولية وحل للمشكلات التي تواجهنا في الحياة. ان التخلف الحضاري يؤدي دورا بشعا سلبيا في مساندة ومؤازرة الاستبداد والطغاة والدكتاتورية والفساد الاجتماعي ان التوجه الى الجماهير لا يعني بالضرورة موقفا تقدميا في القضية الانسانية.
فلربما كان الرخص والابتذال والركاكة والسطحية سبلا اذ ليس كل مانعرفه حقيقيا اننا لانزال نعيش مجتمعا زراعيا فقيرا الى جوار حضارات صناعية ضخمة هائلة تمد ذراعا فولاذية فتطول القمر والمريخ . وتمد اذرعا استعمارية تغرس اصابعها لتدخل في اعناقنا وتأخذ بريقا وتسرق خيراتنا وثروتنا وتعمل جاهدة على تفريق شملنا وتمزيق وحدتنا واذلالنا وتركيعنا وتجعلنا خاضعين مستسلمين ومطيعين منفذين لأوامرها على الدوام فلنواصل الكفاح لتضميد جراح هذه الأمة ولنبذل كل جهد يواصلنا. الى أقامة صرح سلم عادل ودائم بيننا وبين الامم التي سبقتنا في مضمار الحضاري والتقدم ولنواصل هذا العمل بقلوب خلت من الحقد والعقد وامتلات حبا واملا وثباتا على الحق كما يريدنا الله ان نراه.
مقالات اخرى للكاتب