عام 1970 تحديداً في 11/ آذار/ وقعت اتفاقية بين الحكومة العراقية وقيادة الحركة الكردية التحررية ممثلة بالمرحوم الملا مصطفى البرزاني , اتفاقية تم بموجبها وقف القتال بين الجيش العراقي والاكراد (بين الاخوة العرب والاكراد)…
المسألة الكردية من المسائل التي لم تحل بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى وظلت معلقة وتُسبب مشاكل مًستمرة بسبب مطالبة الشعب الكردي بالاستقلال ونيل حقوقه المشروعة ورفض ذلك من قبل الدول على سبيل المثال تركيا/ايران/سوريا/….
في العراق مرت الحركة التحررية الكردية بمراحل منذ حركة الشيخ محمود الحفيد,ضد بريطانيا حيث تمَ نفيّه الى الحضر… كانت الهند المنفي المفضل للانكليز كُلما عارضهم سياسي تمَ أبعاده الى الحضر….
العودة للعراق
بإيجاز بسيط للحركة الكردية العراقية …بعد ثورة 14/تموز/1958 التي غيّرت نظام الحكم من الملكية الى الجمهورية .استدعى المرحوم عبد الكريم قاسم المرحوم الملا مصطفى البارزاني حيث كان لاجئاً في الاتحاد السوفيتي السابق في موسكو حيث عاد البارزاني بعد موافقة عبد الكريم قاسم والايذان له بالعودة الى بلده العراق.. ولحُسن نوايا اعترف دستور الجمهورية العراقية بالاكراد كشريك في الوطن له حقوق وعليه واجبات أضافة الى المكونات العراقية الأخرى وكحسن نوايا ثبت ذلك في علم الجمهورية العراقية حيث احتوى الشعار قرص الشمس الذي كان شعار القائد صلاح الدين الايوبي (من اصول كردية)فاتح بيت المقدس … في ايران اعلن (قاضي حمد) جمهورية مهاباد الكردية دولة مُستقلة اعدم على أثرها ولم يعترف بجمهوريته . في تركيا لازال حزب العمال الكردستاني في مشاكل مستمرة مع الجمهورية التركية وزعيمه السياسي والمفكر (عبدالله اوجلان) معتقل في سجن الموت بجزيرة آمرلي … في سوريا الاكراد لم ينالوا ابسط حقوقهم المشروعة… العراق هو البلد الذي تفهمَ القضية الكردية وهو افضل البلدان في المنطقة من حيث منح الاكراد حقوقهم المشروعة.. في ستينات القرن الماضي بالتحديد في حكومة المرحوم طيب الذكر (عبد الرحمن البزاز ) رئيس وزراء كفوء جداً يحمل شهادة الدكتوراه في القانون كان متفهماً لموضوع المسألة الكردية دخل في حوار مع الشخصيات الكردية الوطنية لحل هذا الموضوع وايقاف نزف الدم بدون مبرر كذلك وقف استنزاف الموارد المالية للدولة العراقية من ضمن الشخصيات الكردية التي قدمت له تصوراتها لحل المسألة الكردية الاستاذ جلال الطالباني رئيس جمهورية العراق السابق احد الحكماء في السياسة يعاونه المرحوم الاستاذ حلمي علي شريف رئيس تحرير جريدة النور العائدة للاتحاد الوطني الكردستاني زعيمه مام جلال وجريدة هاو كاري الناطقة باللغة الكردية والاستاذ حلمي علي شريف من الشخصيات الوطنية الكردية المعروفة توصل عبد الرحمن البزاز وحلمي علي شريف الى الاتفاقية التي تضمنت بنوداً كثيرة عالجت المسألة الكردية ووضعت اسساً سليمة لمعالجة الموضوع اعلاه. في 28/حزيران/1966 تمّ الاتفاق بين حكومة البزاز وممثلي الاتحاد الوطني هذه الاتفاقية جهّزت الطريق الى مفاوضات اخرى بشأن المسألة الكردية… الاستاذ السياسي الكردي مكرم الطالباني له روايات اخرى بشأن موضوع الحل السلمي والحكم الذاتي الكردستاني العراقي . يقول بعد تموز 1968 اتصل بي مبعوث من القصر الجمهوري الحضور الى القصر بطلب الرئاسة …. يقول الدكتور مكرم الطالباني دخلت بسيارتي الشخصية الى القصر الجمهوري دون اية معوقات وصلت الى القصر الجمهوري كان الحضور رئيس الجمهورية الرئيس احمد حسن البكر كذلك النائب صدام / وحردان/ وعماش ….
يقول كان البكر بحالة عصبية سالني أنتم الاكراد ماذا تريدون منا؟ اتركونا لقد تسببتم بخراب وهدر الميزانية اضافة الى الضحايا الابرياء الى متى يبقى هذا الحال؟ نحن نريد بناء دولة… يقول الاستاذ مكرم لاطفته وهدأت من عصبيته وقلت له انتم اتركونا وشأننا .قال ماالحل؟.. قلت له الحكم الذاتي ويستمر حديث الاستاذ مكرم الشيق والممتع والحكيم يقول طلبوا مني أن أقدم لهم ورقة عمل او تصور للحكم الذاتي يقول بعد يومين قدمت للقيادة العراقية آنذاك ورقة عمل بهذا الخصوص والذي وضعت بموجبه اتفاقية 1970 المعروفة بـ11 آذار لوضع حد للقتال بين الاخوة في الوطن … الحديث ذو شجون الاستاذ مكرم واحد من الشخصيات الكردية الوطنية الذي كان يحظى بأحترام وتقدير الحكومة العراقية وممثلي الاحزاب اليسارية والاكراد وكان وسيطاً ناجحاً في الازمات اضافة الى كفاءته في وزارة الري وكل المهام التي كلف بها … عام 1970 وقعت الاتفاقية في بغداد وبذلك توقف القتال بين الاخوة العرب والاكراد … بعدها بسنوات حصلت اتهامات متبادلة بين الاكراد والحكومة العراقية من ضمنها محاولة اغتيال الملا مصطفى البارزاني خريف سنة 1971 ادى ذلك الى توتر في العلاقات …
عام 1975 في قمة دول الاوبك النفطية وقع العراق مع ايران المنعقد في الجزائر اتفاقية بواسطة هواري بومدين تنازل بموجبها العراق عن نصف شط العرب لصالح ايران مقابل وقف المساعدات للاكراد وفعلاً انهارت الحركة الكردية انهياراً تاماً وسلم المقاتلون الاكراد اسلحتهم للحكومة العراقية كان شاه إيران يقول مفاتيح شمال العراق او الحركة الكردية أنا اتحكم بها …
اتهامات متبادلة
عام 1980 بدأت الحرب العراقية الايرانية بإتهامات متبادلة بين الدولتين اثناء الحرب تمّ ضربت مدينة (حلبجة) بالاسلحة الكيمياوية قُتل على اثرها ما لايقل عن خمسة آلاف مواطن كردي بريئ وكانت مجزرة مأساوية قُتل فيها الاطفال /النساء/الشيوخ/ أنها من المجازر في التاريخ كمجزرة هيروشيما/ صبرا وشاتيلا في لبنان إزاء الفلسطنيين المسؤول عنها أريل شارون / مجزرة العامرية في بغداد / المسؤول عنها بوش الاب وادارته …. والشيئ بالشيئ يذكر بوش الابن كأبيه هو وادارته دمروا العراق …عام 1991 بعد احداث الكويت فرضت الادارة الاميركية خطوط حماية للاكراد ولجنوب العراق. لم تستطع الحكومة العراقية مهاجمة الاكراد حيث كانت تهاجم من قبل الطائرات الامريكية واصبح شمال العراق تحت حماية الولايات المتحدة الامريكية… كان الاكراد يطالبون بكركوك المدينة النفطية عوضاً عن ذلك استحدثت الحكومة العراقية آنذاك (محافظة دهوك) والحقتها بالحكم الذاتي اسوة باربيل والسليمانية …. بموجب اتفاقية 11 آذار 1970 كان نائب رئيس الجمهورية كردياً الاستاذ طه محي الدين معروف كان شخصية هادئة المرحوم عصمت كتاني كان من ابرز المندوبين للعراق في الامم المتحدة رجل دبلوماسي كفوء جداً…
استوزر عدداً من الاكراد في مناصب وزارية داخل تشكيلات الوزارة العراقية نوري صديق شاويس وزيراً للاسكان والمرحوم صالح اليوسفي / الاستاذ المغيّب دارا توفيق الذي تولى رئاسة تحرير جريدة التتآخي في السبعينات وحبيب محمد كريم /عزيز شريف / المرحوم احسان شيرزاد وزيراً للشباب واحد من المهندسين المعماريي الكفوئين احد انجازاته ملعب الشعب الدولي وغيرهم من الشخصيات الكردية الكفوءة ساهم الكثير منهم في بناء العراق….فترة فرض خطوط الحماية من قبل طيران التحالف الدولي ازدهرت المنطقة الكردية وازداد العمران وحصل تطور رائع في الخدمات والبنى التحتية وتحسن الحالة المعيشية لذلك الآن المنطقة الكردية من افضل مناطق العراق بالمشاريع المتنوعة وفي سباق مع الزمن لازالة التخلف الذي كان يسود المناطق الكردية بسبب انعدام الامن والامان…. بعد عام 2003 واحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية اصبحت منطقة الحكم الذاتي ( اقليم كردستان)…تولى جلال الطالباني رئاسة الجمهورية بحكمة واقتدار قيادة رشيدة قبلها تولى الاستاذ مسعود البارزاني رئاسة مجلس الحكم الانتقالي الذي تولى ادارة العراق قبل الانتخابات … الكثير من اهل المحافظات في الشمال يمارسون حياتهم اليومية شأنهم شأن اخوتهم في فترة الصيف وارتفاع درجة الحرارة يذهب اليه الكثير وهذا مهم جداً للاقليم حيث تشكل السفرات السياحية الجماعية للاقليم مورداً مهماً يحرك عجلة الاقتصاد في الشمال خصوصاً الآن حيث يعاني الاقليم شحاً في الموارد المالية …
مقالات اخرى للكاتب