انتقدني الكثير من جمهور دولة القانون واتهموني بالتسقيط السياسي، بسبب تصريحي قبل الانتخابات بعدم أمكانية تحقيق أغلبية سياسية ،والطريف أنهم وبعد ظهور نتائج الانتخابات الأولية ما زالوا متمسكين برأيهم!!!
في الحقيقة لم يكن هدف دولة القانون تحقيق الأغلبية السياسية ،بل كان الهدف من رفع هذا الشعار هو حث المواطن على انتخابهم للوصول إلى 130 مقعد مع حلفائهم من قوائم العرب السنة وأحدى القوائم الكردية، وبالطبع فإن هذا الرقم لا يؤهلهم لتشكيل حكومة ولكنه يمكنهم من عرقلة العملية السياسية، حيث ينص الدستور العراقي على انتخاب رئيس الجمهورية قبل رئيس الوزراء، وانتخاب رئيس الجمهورية يحتاج ثلثي مقاعد البرلمان، فكانت خطة دولة القانون عرقلة وتأخير انتخاب رئيس الجمهورية حتى تضطر بقية الكتل إلى التفاوض معها على منصب رئاسة الوزراء.
ولكن مع الدعاية الضخمة، وقضية ابتزاز المواطنين بالأراضي التي كان بطلها القاضي محمود الحسن، والتجاوزات التي حدثت، ألا أن دولة القانون لم تستطع الحصول على عدد المقاعد المطلوب، وبدأ حلفائها بالتنصل من وعودهم وانتقاد سياسة المالكي.
وهنا بدأ التخبط ونشر الأخبار مغلوطة من قبل ماكنتهم الإعلامية، في البداية كانت عن عدد مقاعد دولة القانون وعدد الأصوات، وكان الهدف الوحيد تطمين الجمهور، والرغبة في اجتذاب الكتل الصغيرة، ثم بدأت دولة القانون تروج لسيناريو مفاده أن أمريكا تتآمر على السيد المالكي، كون الجمهورية الإسلامية تقوم بدعمه!!
والهدف من هذه الإشاعة هو الرغبة في استمالة الجمهورية الإيرانية ثانية، ولكن الحقيقة هي أنه، وبرغم أن جمهورية إيران الإسلامية قامت بالضغط على بقية الأطراف الشيعية للقبول به في الولاية الثانية، ألا أن السفارة الأمريكية هي من قامت بتثبيته فعلا آنذاك،ولكن الأمر مختلف هذه المرة، فكلتا الدولتين لا تفضلان تولي المالكي للمرة الثالثة، لأن الدولتين لديهما أولوية في بقاء شكل الديمقراطية سليما في العراق، وبقاء المالكي للفترة الثالثة يؤثر على هذه الصورة.
ومن ثم بدأت وسائل أعلام دولة القانون بطرح سيناريو جديد ، وهو أن احد نواب الكرد صرح أنه لا خط أحمر على تولي المالكي، وأن بعض الشخصيات المؤثرة في الكتلة العربية متحالفة مع المالكي، والأهم أن هنالك اتفاقيات سرية مع بعض النواب من التيار الصدري لدعم دولة القانون، وطبعا إن هذا بعيد كل البعد عن الواقع، فرؤساء الكتل الكردية والعربية والصدرية صرحوا بعدم قبول تولي المالكي ولاية ثالثة، والأمل في تفكيك هذه الكتل ما زال بعيد المنال وهو اقرب للخيال منه إلى الواقع.
أما الحقيقة التي بدأنا نلمسها الآن هو أن دولة القانون نفسها معرضة للتفكك، وذلك لأسباب عديدة منها أن المكون الرئيسي لها وهو حزب الدعوة تلقى خسارة فادحة في الانتخابات السابقة، حيث أن اغلب قادته لم يستطيعوا الوصول إلى الحد الأدنى من الأصوات التي تؤهلهم للوصول إلى مجلس النواب، أو أن يكونوا أعلى الخاسرين على الأقل.
وهذه الخسارة أتت على حساب زيادة عدد المقاعد لباقي مكونات دولة القانون، مما رفع سقف مطالبهم من جهة، وجعلهم يعيدون النظر في تحالفهم مع السيد المالكي، لأنه إذا فشل في مسعاه ستتحول دولة القانون إلى كتلة معارضة داخل البرلمان والتي كان ينادي بها السيد المالكي لغيره من الكتل، وبالطبع في نهاية الأمر فلا احد يرغب في ترك المناصب والاكتفاء بالمعارضة في الحكومة الجديدة، إذا فالمالكي يعاني بسبب الأغلبية التي دعا أليها سابقا، لأنها إلى الآن أغلبية ضد توليه رئاسة مجلس الوزراء للمرة الثالثة.
مقالات اخرى للكاتب