الملف الامني يلقي بظلاله مرة اخرى على الشارع العراقي رغم انه بقي هاجس العراقيين جميعا بعد الاعمال الارهابية التي تطال المدنيين الابرياء والتي مازالت مستمرة واخر العمليات الاجرامية تلك التي ضربت بغداد العاصمة وعددا من المحافظات يوم 10 آب الجاري. العبرة في التفجيرات الارهابية ليست بعدد الضحايا، ولكن يبدو ان هناك اجهزة امنية تقيس الخروقات على اعداد الضحايا وليس على كيفية اختراق الاجهزة الامنية وخططها واعداد السيارات المفخخة والاحزمة والعبوات التي تنفجر في كل شارع، الدم العراقي وحرمته لايمكن قياسه بالعدد بل ان ضحية واحدة ومائة ضحية لا فرق بينها لان الدم هو الدم العراقي لايمكن ان يكون مستباحا، وهو امانة في اعناق المسؤولين والاجهزة الامنية وعلى ضوء التصريحات الامنية المواطن يتساءل عن المعايير التي تعتمد لمعرفة ان كان هناك خرق امني، عندما يتساءل الشارع العراقي عن اسباب الخروقات لايعني الانتقاص او انكار الانجازات الامنية، لان المواطن هو الركيزة الاساسية في دعم الاجهزة الامنية وانجازاتها بل كيف تحدث هذه الخروقات؟
العراق في حرب شرسة مع الارهاب اسوة بالعديد من دول العالم ولكن الطريقة تختلف من دولة الى اخرى، وهذا يعني الحرب هي مع تلك الدول التي تدعم الارهاب والارهابيين في العراق، والشارع العراقي يعرف جيدا تلك الدول الداعمة للارهاب رغم ان السياسيين والمسؤولين في الدولة يتحدثون عنها دون تشخيصها بالاسم، حيث لايجوز التستر على اسماء هذه الدول في مجاملة سياسية ولكن قطرة دم عراقية تسمو على المصالح والمجاملات السياسية.
الاجهزة الامنية تتهم بعض الفضائيات لعدم تناولها الاعمال الاجرامية التي تستهدف العراقيين بمهنية وانما بطريقة تهدف الى زعزعة الثقة بالشعب واجهزته الامنية كما ورد في بيان وزارة الداخلية، هذه الوسائل الاعلامية معروفة بتبعيتها منذ سنوات، ولكن اين انتم من الاقلام الحريصة والوطنية التي تكتب دوما وتمجد انجازات الاجهزة الامنية رغم الخروقات المتكررة؟، العمليات التي تجري الان ثأر الشهداء وعمليات الجزيرة في ملاحقة اوكار الارهابيين هي موضع اعتزاز لجميع العراقيين، ولكن لايجوز للاجهزة الامنية ان تنتظر الشكر الان على واجباتها، الامان الذي سيحصل عليه العراقيون هو اجمل كلمة شكر لهذه الاجهزة، وتأتي بعد الانتهاء منها، الاعتراف بالانجازات هو بناء جسور الثقة بين المواطن والاجهزة الامنية.
المواطن يتساءل بعد هذه الاجراءات الامنية غير المسبوقة والعمليات العسكرية كيف تحدث مثل هذه الخروقات؟ بعد احداث سجني ابوغريب والتاجي وسلسلة التفجيرات التي ضربت العاصمة والمحافظات الاخرى خلال شهر رمضان كانت التوقعات ان تكون الاجهزة الامنية في اقصى درجات الحذر لمنع تكرارها ولكن الذي حصل هو العكس وهنا يكمن تساؤل المواطن عن اسباب الخروقات، الشعب العراقي اكثر الشعوب في العالم واجه الارهاب بكل صلابة، وما جرى على العراقيين لو حدث في اية دولة ربما انتهت من الوجود، ولكن صلابتهم افشلت وستفشل جميع المخططات الارهابية، العراقي بحاجة الى مصارحة امنية وبحاجة الى رسائل اطمئنان اكثر من اي وقت مضى، ويحتاج الى معرفة اسباب تكرار هذه العمليات الاجرامية، وهل الخلل في الخطط الامنية ام في تطبيقها؟ ام يكمن في قلة الاجهزة والمعلومات؟ هذه بحاجة الى الاجابة الصريحة.
الاعلام الوطني الحريص عندما يتساءل ويبحث عن تشخيص الخلل لحماية امن العراقيين ليس القصد منه تجاهل الانجازات التي تحققت بل يدعو الى ترسيخ الانجازات بانجازات اكثر.
مقالات اخرى للكاتب