يبدو ان الطائفية في العراق باتت امرا واقعا وزحفت في كل تفاصيل الوضع العراقي وعشعشت في عقول الناس وباتت رفيقة لهم حتى في أسرة نومهم واسرار وجودهم الذي عاد لا يرى الامور الا من خلال الانتماء لتلك الطائفة وهذا المذهب، أما الوطن فتراخى الانتماء اليه حد التلاشي كما نلاحظ ونتابع ونشاهد وما يخرج من افواه الطائفيين من تصريحات وبتبجح مخجل ان العجلة مستمرة في الدوران ولا سبيل من ايقافها، وكأننا نرى ان الامور تسير من سئ إلى أسوء. فطائفة تتفاخر بأنها تنتمي لمذهب يغاير المذهب الآخر وكأنه مفاضلة عن الانتماءات الأخرى، وطائفة تكرس المذهبية بشكل يثير الاستفزاز دون مراعاة لمشاعر الآخرين الذين يبدو أنهم بدورهم يترصدون الزلات ويتربصون لأي فعل حتى وإن كان غير مقصود ليقيموا الدنيا دون أن يقعدوها، وفئة تنادي بمراعاة انتمائها لطائفتها وأخرى تطلب العون لنصرة مكونها، إلى جانب جحافل القتل الداعشية والبعثية والمخبولين من العراقيين الذين يرفعون شعارات ضد مواطنيهم تتسم بالكراهية ولا نشعر انها تنتمي لأي هدف نبيل، نرى الأمور قد اختلطت بشكل مخيف والمصيبة الأعظم أن السياسيين هم من يغذي ويدفع ويبارك ويدافع علنا عن هذا الوباء وتفشيه المفزع.
هذه الصورة المقرفة عادت واقع حال الوضع السياسي والاجتماعي والتربوي والاخلاقي وبوقاحات لا نعرف كيف يتسنى لفرسانها التفاخر بها، طبعا هناك منافع وامتيازات ولعب على مشاعر البسطاء للحصول على اكبر قدر من المكاسب المندوفة بالخسة، دون أن يعي المواطن المسكين أنه وقود كل هذه الممارسات الخسيسة.
افلحت أخيرا القوى المتناحرة على الكراسي في قبول الحد الأدنى من التوافقات لإخراج العراق من المحنة والنفق المظلم، وصدقوني، ان توافقاتهم لم تكن بمحض ارادات غالبيتهم، بل بسبب الضغوطات الخارجية وكل فريق وما يستلم من أوامر وتوجيهات طيعة دون ان نشعر بوجود ارادة وطنية حقيقية تغلب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، تنفيذا لما يأتي من خارج الحدود طبعا.
بقى أمر في غاية الأهمية لما يكتنفه من غموض وعدم فهم ذلك أن أطرافا سياسية رافقت مطالباتها الغريبة لتشكيل الحكومة الجديدة تلك المطالب التي تسعي لمنح حقائب وزارية للمحافظات بالاضافة الى المكونات، طيب المكونات وعرفناها وعرفنا خباياها، ولكن ما معنى ان يطلب برلمانيو البصرة وبابل والموصل (المحتلة) والناصرية باسناد حقائب وزارية لها؟ هل من مخلوق يشرح لنا مثل هذه المعضلة العصية على الفهم؟
ما علاقة الوزير بمحافظته وهل هو وزير للعراق ام للمحافظة؟ ممكن ان تكون مثل هذه المطالب تنطبق على البرلمانيين واعضاء مجالس المحافظات لخدمة مناطقهم التي ينتمون اليها، أما الوزير فماذا بمقدوره أن يقدم لمحافظته ليترك وزارته حكرا على خدمة المحافظة التي ينتمي اليها؟ اليس ذلك ضربا من الخبل الذي عاد سمة الوضع في العراق، ليصل الأمر بمواطني المحافظات (المهمشة) وزاريا الى اعلان حالة العصيان!!!
ألم أقل لكم بأن الطائفية التي منحها العراقيون تفسيرات ومعاني معجمية عديدة لم تعد مقتصرة على الطائفة والمذهب والمكون، فتعدتها للمحافظة والقائمقامية والقرية؟
ان شر البلية ما يضحك
مقالات اخرى للكاتب