ما دفعني للكتابة هو؛ ما كشفه النائب المهني(د. عادل نوري) عن تهديدات كثيرة وصلته من عدة جهات وتعرضه لضغوطات كبيرة، تمنعه من التوجه لاستجواب وزير الخارجية ابراهيم الجعفري، والتهديدات وصلت الى حزبه، وتوقفت كثيرا عند إصرار النائب المستجوب على استكمال مسيرة الاستجواب حتى نهايتها وانه يستهدف من ممارسته حق الاستجواب تحقيق مصالح مشروعة، وهذا الإصرار تلمسنا منه ريح وطنية لطالما افتقدناها منذ سنوات، ونتمنى ان نسير بالاتجاه الصائب في قضية الأداء البرلماني والرقابة الصارمة على الأداء التنفيذي؛ سعيا لكشف الوزير النزيه من الفاسد من الذين حولوا الوزارات الى كانتونات حزبية او عائلية.//
مهما كانت الدوافع السياسية الكامنة وراء استجوابات الوزراء، والتي قد لا تكون وطنية ونزيهة، فإنها في النتيجة تكشف المستور سابقاً وتزيد من وضوح الصورة أمام الشعب العراقي، ووفق معطيات تتضح ملامحها تباعا.//
ويعد الاستجواب البرلماني أخطر أداة وضعها الدستور في يد أعضاء المجلس النيابي للرقابة على تصرفات الحكومة، وليس هناك استجوابٌ برلماني لأعضاء الحكومة في كل برلمانات العالم غير سياسي، فالاستجواب اتهام برلماني يوجهه النواب ضد المستجوب، وهو يماثل الاتهام القضائي الذي يصدر من المحاكم الجزائية، والاستجواب البرلماني قد يؤدي الى سحب الثقة من الوزير شأنه شأن الاتهام القضائي الذي قد يترتب عليه عقوبة، والاستجواب البرلماني ما هو الا محاكمة سياسية للوزير او غيره، فان مجرد فتح باب المناقشة للوزير المستجوب أمام المجلس النيابي هو بهدف تحريك المسئولية السياسية في مواجهة الحكومة أو أحد الوزراء؛ ولاحظنا في الفترة الأخيرة عندما اعلن عن استجواب السيد الجعفري، كان هناك صراخ وعويل وتهديدات هاتفية ومضايقات وسيل من الشائعات يرافقها حزمة من الاتهامات المسندة للنائب المستجوب بطريقة تشير بان في الامر مصالح لا تخفى.//
واستوقفني تصريح للسيد رئيس مجلس الوزراء: (إبراهيم الجعفري رئيس وزراء سابق، ورئيس تحالف سابق، شخصية سياسية مهمة، ويجب ان يتدخل التحالف الوطني في منع استجوابه، وإذا كان لابد من الامر، فيمكن تشكيل لجنة للتفاوض مع الجعفري بعيداً عن البرلمان) .//
واني أسال السيد العبادي اليس وزير الخارجية وزير في الحكومة وحاله حال بقية الوزراء يجب ان يسال عن حال وزارته؟ وما علاقة انه رئيس وزراء سابق او رئيس تحالف حزبي في عمله الحكومي؟ هل نعمل من الان لأجراء تعديل في الدستور ونسن فقرة باسم (استجواب سياحي للرموز الحزبية)؟ وعلى البرلمان في هذا الاستجواب ان لا يناقش السيد الجعفري ولا يسأله الا بموافقته وبعد اختياره للأسئلة التي ممكن ان تطرح عليه، وان لا يكون هناك أي حكم عليه؟ لتمتعه بسمو ومقام؛ ولأننا نعيش زمن عصمة المنصب وقداسة المسؤول؟ هل نقوم بالصلاة ركعتين قبل استجواب الرموز السياسية؟ ومن هي الرموز السياسية؟ هل وزير الخارجية الجعفري رمز للنبل السياسي العراقي وفي حضرته تحققت إنجازات عظيمة في الميدان الدبلوماسي؟ هل عبر السيد الجعفري بعمله الدبلوماسي بانه ايقونة بعيدة عن المذهبية عملت في أفقها الوطني ولم تكن مواقفه ذات ايقاع طائفي عاطفي شعبوي؟؟؟؟
ولعل العراقيين أكثر من غيرهم تعلقا برمز البطولة الفردية، والرمزية للشخص تأتي من اعمال وانجازات في مجال ما، فهل هناك رمز في دولتنا تنطبق عليه هذه المواصفات حتى نقول لا يجوز استجوابه؟؟؟؟ وهل اكتشف من لا يروق له استجواب شخصية مثل السيد الجعفري؛ بان الاستجواب ستندلع أتونه داخل أروقة مجلس النواب تحت عنوان التسقيط السياسي والاستهداف الشخصي وحسابات سياسية على خلفية صفقات لم تحسم بالاتفاق وانتهت بالتصفية؟ ام انها ستتحول ال جلسات تسفيه كما حدث في بعضها؟ ام ان بعضها، طرق شخصية ذات أبعاد ثأرية لا تخلو من السطو على الحقوق الدستورية والقانونية؟ وهل التصريحات التي سمعناه باللجوء إلى القضاء؛ هو وسيلة لأخذ قسط من الراحة والانتقال إلى مرحلة اخرى من المساومات؟ ام خوفهم ان يخرج الاستجواب من مساراته الطبيعية والقانونية ليدخل في خانة التشهير والتسقيط بالخصوم السياسيين من خلال فبركة الوقائع والوثائق وقلب الحقائق؟ وهل الاستجواب سيكون عنوانه تعكير صفاء الوحدة الوطنية؟ وما شاء الله على الوحدة الوطنية التي يعيشها العراق تبدأ بدماء وتنتهي بدماء.//
لا نريد ان نعيد تشكيل رمزية للبطل المنقذ والرمز الملهم كما في النظام السابق ويمارس الاستبداد ونفقد الميزان ما بين مصالح الناس ومصلحة الزعامة.//
والرمز إذا كان معتز برمزيته فليتنحى جانبا ويترك المسؤولية، والادعاء بالرمزية ما هي الا مزايدات سياسية ومنافع حزبية؛ ولا نعرف ما هي إنجازات وزارة الخارجية على الصعيد الدبلوماسي الوطني؟؟؟؟
ويبدو انها فعلا مزايدات سياسية حزبية بخاصة عندما نسمع تصريح حبيب الطرفي من كتلة المواطن يوم11/10/2016 وكأن السيد الجعفري الرجل الدبلوماسي الأول في العراق عندما يقول “العراق يمر بمرحلة فاصلة من تاريخه لاسيما قبيل انطلاق معارك تحرير الموصل وكذلك الاعتداء التركي الواضح على السيادة الوطنية مما يتوجب جهدا اضافيا لوزارة الخارجية... واشغال الجعفري في ملف الاستجواب او ربما الاقالة سيربك العمل الدبلوماسي في وقت نحن بحاجة لتكثيف الجهود الدبلوماسية في المحافل الدولية”//بالله عليكم اليس هذا هراء لا يمكن تصديقه يدخل في خانة العهر الدبلوماسي؟ وهل وزير الخارجية رمز لبطولة دبلوماسية كالتي فعلها (د فاضل الجمالي مع الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي في الأمم المتحدة)؟ هل استعاد العراق هيبته كدولة في عهده لها وزنها في الشرق الأوسط؟ ففي عهده عرفت الدبلوماسية العراقية المواقف الضبابية وفقدت حضورها العربي والإقليمي، وخير مثال التعامل مع دول الخليج وبالذات السعودية ودولة تركيا والتي وصلت الى حد الاستخفاف بنا وبدولتنا.//
ان الاستجواب كارت اخضر وبطاقة رابحة للوزير بسلامة عمله الوزاري؛ ان هو اثبت عدم مقصريته؛ وعلينا تجاوز هذه الرمزية الوهمية ومحاسبة أي من الرموز السياسية المزعومة حال اثبات تورطها بالفساد او الهدر بالمال العام، وان يتم استجواب أي مسؤول بضمان عدم خروج الاستجواب عن الصلاحيات المهنية والقانونية في النظام الداخلي للبرلمان ونصوص القانون.//
وسأذكر على عجالة بعض أوجه الفساد التي يحاسب عليها السيد الوزير الجعفري وأبرزها:::
الف- الفساد والبذخ في السفارات في الخارج يكاد يكون يساوي ميزانية دول مجاورة طيلة العشر سنوات الماضية الا يستحق ذلك استجواب الوزير، الم يكن هذا الفساد نتيجة مقصرية وزارة الخارجية وعدم الحزم مع الطرف الفاسد.///
باء- هناك اتهامات باتباع أسلوب المحسوبية والمنسوبية، من خلال تعيين أقرباء للسيد الوزير وأعضاء في كتلته السياسية بمناصب مرموقة في وزارة الخارجية، واكثر التعينات في وزارة الخارجية لم تتم بموجب قانون الخدمة الخارجية النافذ، بل ان غالبية مستشاري وزير الخارجية لم يعملوا بالسلك الدبلوماسي ولم يتخرجوا من معهد الخدمة الخارجية واكثر السفراء كذلك، بل ان الناطق باسم الخارجية ومفتش الوزارة لا تنطبق عليهم ضوابط التعين في الخارجية العراقية.///
جيم-الأداء الدبلوماسي للوزير ليس بالمستوى المطلوب فالعراق يعيش عزلة عربية وإقليمية بسبب اختيار وزير خارجية من خارج السلك الدبلوماسي ولأول مرة في تاريخ العراق يكون وزير الخارجية العراقي لا يتحدث باللغة الإنكليزية وجنسيته بريطانية؟، وهناك من يسال السيد الجعفري، هل يستقبله وزير الخارجية البريطاني لدى زيارته بريطانيا بصفته وزير خارجية العراق ام مواطن بريطاني أدى قسم الولاء لملكة بريطانيا وهو قسم قاسي؟؟؟؟
دال- هناك ملفات عديدة خاصة ملف السفراء فعندما تحدث الوزير عن وجود(32) سفير مزدوج الجنسية فتلك كارثة لا يجوز الاستمرار معها وضرورة وقفها وملف السفراء لي معه حكاية عندما كان فخامة الطالباني رئيس للجمهورية (شافاه الله)، كلفت في وقتها ومعي اخوة اعزاء اثنين يعملون بمعيتي في عهد حكومة المالكي الأولى بدراسة ملف 63 سفير من رئاسة الجمهورية من حيث صحة الشهادات والجنسيات الأخرى؛ وطلبت من رئاسة الجمهورية ان يكون امر التكليف سري ويكون امر الملف بعيد عن أعين الحلقات الإدارية خوفا من الاستهداف وتسريب المعلومات، واعطيت لي صلاحية كاملة بمخاطبة أي جامعة او مؤسسة او اكاديمية او كلية للتأكد من صحة صدور أي وثيقة، واستغرق امر دراسة الملف وتقديم النتائج حوالي ثلاثة اشهر، وتبين ان اكثر من أربعين سفير هناك شائبة تشوب شهادتهم إضافة لازدواجية جنسياتهم؛ فبعضها من جامعات غير معترف بها وبعضها لم تأتي اجابات صحة الصدور، والبعض الاخر ليس لها اصل في الجامعة او الكلية، وسلمت الملف لرئاسة الجمهورية وبه كافة المعلومات لكني فوجئت بعد مرور 15 يوم تم اصدار المراسيم الجمهورية واكثرهم لا زالوا يباشرون أعمالهم، واني اسال السيد الفاضل الجعفري ما هي اجراءاتك عندما استلمت ملف السفراء وفيه أخطاء كارثية لا يمكن تجاوزها؟ هل خاطبت مجلس الوزراء عن ذلك وطلبت استبدالهم وأحلت المزورين منهم الى القضاء؟؟؟؟ جيم-اكد النائب عادل نوري بوجود "إخفاقات في وزارة الجعفري على المستوى الدبلوماسي والإداري والمالي، وأن هناك فسادا مستشريا في سفارات العراق في الخارج، وهدرا لأموال الدولة، فضلا عن المحسوبية والوساطات في أروقة وزارة الخارجية ووجود أدلة وملفات تثبت وجود فساد إداري، وهدر للمال العام في الوزارة، والتفريط في الأراضي والقنصليات للدولة العراقية".//
دال-وإذا أردنا ان نسير باتجاه ما تداوله الاعلام والذي لا نعرف مدى صدقيته بان السيد الجعفري احتال على دائرة الضمان الاجتماعي التابع لبلدية لندن؛ عندما كان يستلم معونات الضمان الاجتماعي من جيب دافع الضريبة البريطاني الذي يشتغل ليلا ونهارا، والذي يعتبر جريمة تمس جيوب وحسابات دافعي الضرائب من المواطنين البريطانيين، ولا نعرف لماذا الاعلام البريطاني لم يركز على ذلك الا قليلا، وبخاصة الصحف البريطانية غالبيتها صحف استقصائية استخباراتية تعرف أمور مخفية عديدة.
مقالات اخرى للكاتب