بغداد ــ في واحدة من ملفات الفساد الكثيرة التي تتورط شخصيات سياسية حكومية أو مقربة من نوري المالكي، تم الكشف اليوم الثلاثاء عن قيام شخصيات ومسؤولين في حكومة المالكي بإستيراد سكر مسموم من إحدى الشركات الوهمية وبأسعار تفوق السعر العالمي.
وبين تحقيق صحافي أجرته صحيفة محلية عراقية ونشرته اليوم الثلاثاء، عن قيام الحكومة العراقية مؤخرا بالتعاقد مع شركة تجارية وهمية، مسجل أن مقرها في دولة الامارات العربية المتحدة، لتجهيز 300 الف طن من مادة السكر بقيمة 222 مليون دولار، وبسعر يفوق الاسعار العالمية بـنحو 200 دولار للطن الواحد، وهو ما يعني تكليف موازنة الدولة نحو 60 مليون دولار يمكن ان تكون من حصة مسؤولين كبار في الدولة وشركاء لهم في شركات وهمية.
وتوضح المعطيات المتوفرة ان الصفقة تمت بطريقة الاحالة المباشرة من دون وجود شركات منافسة، وقد تم منح الشركة التي وقع عليها الاختيار عشرة بالمائة من قيمة العقد قبل البدء بالتسليم.
وكان قرار مجلس الوزراء في جلسته 45 التي عقدت بتاريخ السادس عشر من تشرين أول الماضي، تضمن "اقرار توصية لجنة الشؤون الاقتصادية بشأن قيام وزارة التجارة بالتعاقد مع شركة المؤيد للتجارة العامة الإماراتية بصفتها الوكيل المخول لشركة الخليج للسكر الإماراتية استثناء من الفقرة 1 من قرار مجلس الوزراء رقم 37 لسنة 2011 والموافقة على قيام وزارة التجارة بشراء كمية 300 الف طن + 5 بالمائة من مادة السكر بمبلغ إجمالي مقداره (222.9) مليون دولار".
ويرى متخصصون أن التوصية تضمنت الكثير من المخالفات الواضحة مما يدل صراحة على أن الحكومة تعرف بوجود فساد في الصفقة قبل التوقيع عليها، حيث أن الصفقة تمت عن طريقة الإحالة المباشرة من دون وجود عطاءات لشركات اخرى منافسة وبأسلوب المناقصة المعمول به في العقود المشابهة. كما أن الإحالة رست على شركة وسيطة لتجهيز مادة السكر تدعي احتكارها التعاقد مع شركة أخرى هي (شركة الخليج للسكر) والتي تقوم بشراء المواد المتعاقد عليها من الاسواق العالمية. ولم يتضمن المحضر الاشارة الى سبب الاحالة على شركة وسيطة، ولا سبب عدم التعاقد مع شركة الخليج نفسها، فضلا عن عدم التطرق لاسباب الاعراض عن التعامل مع البورصة العالمية للسكر عن طريق طرح مناقصات دولية.
وبعد نحو العشرين يوما من قرار الإحالة لمجلس الوزراء، قرر نوري المالكي تخويل وزير التجارة تسديد دفعة مقدمة تبلغ 10 بالمائة من قيمة صفقة السكر مع شركة المؤيد، مقابل كفالة مصرفية تقدمها الشركة من المصرف العراقي للتجارة تعادل مبلغ السلفة النقدية الأولية ضمن إجراءات التفاوض مع شركة المؤيد للتجارة العامة الإماراتية ويكون شرط التسليم المتفق عليه مع الشركة الإماراتية على أساس (مدفوع الكلفة والتأمين والشحن لغاية الوصول الى ميناء أم قصر)، وأن يتحمل البائع أجور التفريغ في ميناء أم قصر. وبذلك تكون الحكومة قررت تسديد ما قيمته 22 مليون دولار لشركة المؤيد للتجارة العامة كدفعة اولى من قيمة العقد الكلي.
ويبدو أن الحكومة لم تكلف نفسها البحث والتقصي عن الشركة الوسيط وهي شركة المؤيد للتجارة العامة، حيث أنه ليس للشركة أي وجود فعلي وإنما هي على الورق فقط ولا تملك موقعاً الكترونياً، وكل ما تم العثور عليه حول هذه الشركة لا يتعدى بيانات مقتضبة تتضمن اسم الشركة وصندوق بريدها في امارة الشارقة ورقمين لهاتف وفاكس، خلافا لـ (شركة الخليج للسكر) التي تمتلك موقعا الكترونيا يتضمن بيانات وافية عن السجل التجاري للشركة وخارطة تعاملاتها وعدد العاملين فيها، كما يتضمن ايضا عنوان الشركة الكائن في منطقة جبل علي التجارية في دبي.