من منتصف حلم مطرز بفتى اشقر ايقضها، كي تدفنها وتنام. لكانها.. بعد ابرام مراسيم الدفن، على اكمل وجه، جافاها الكرى، وظلت يقظة، تكوي ثراه الندي بالوان اللعنات الارقة.
دارت بها الصباحات، تتلاحق مثل امواج في حضن العاصفة اسكت الترهل ضجيج انوثتها الكافية لاغراء بغل، فنصحها الطبيب بأن تأخذ سماعة الهاتف في جماع كفه، وتزويل احب الارقام الى نفسها، مما حمد وعبد عل كلمة شوق حرى تطفئ سعير الايام الخوالي في جسدها المعزول.. ليشفى.
استقصت الارقام كلها من كل زاوية مهملة في اركان الحي حتى اشتكى من جورها قرص الهاتف، واشتكت اسلاك البدالات .كان بودها ان تتوسع الى الاحياء والمدن المجاورة، وباقي المحافظات والدول الصديقة والشقيقة جريت اتصالات ودية بالدخان، مع الهنود الحمر لم يجيبو عليها وقرعت طبولاً لقبائل افريقية، ذابت بين مجاهل الغابات حاولت ان تهاتف القوقاز الفرينسيسكيين والنور واقواماً جمالية في تجز تحملها وازعجت الجيران كثيراً.
بالغت في تجريب تلك الوصفة منتظرة الشفاء فلم تنله اذ تزايد ارتخاء بدنها وظلت حيويتها في ميل دائم للصخور فاعطاها الطبيب اقراصاً مغلفة بدخان احمر موار:
- ابلعي واحدة، وانت تديرين قرص الهاتف، خمس مرات متتالية بالاصبع الوسطى، من كفك اليسار
*****
اول تعارفهما، كانا طالبين في المربع الكارتوني المهمل بعناية":
- الارجوان، نوع من الازهار لااعرف شكله لكن ان جميلة.
ومات الى جوارها في السرير، منتصف الليل ولم يعرف شكل الارجوان،.... لحظة اقتحب معها روح الزوجية باخلاص: ادفينيني وعاود النوم " كانت اخر ذكرى تمر بخلايا عقله الذي تيبس في الجثمان الهامد بعد ان اثير الروح من الارض عبر البرزخ للسماء: " ما شكل الارجوان
*****
ظلت تتأرجح طوال سنوات الدراسة فوق سياج الاقسام الداخلية للبنات، ينتابها شرف شديد يمزق ثيابها ويحطم الابواب ويكسر صنابير الماء كلما سمعت مشرفة الاقسام الداخلية صوت اصطحابها، قالت: ارجوان تم بنوبة شرف شديد تبلغ سع ارهاصات، على عمود النور المنتصب عند بوابة الاقسام الداخلية للطلاب حيث الفتية يذاكرون دروسهم منتصف الليل، استعداداً للامتحانات وهو بينهم يتأملها منتشياً، يظنها تعنيه لوحده وقد نسي الكتب مفتوحا بيده يقرأ مالا يراه: " لغسل الدماغ يجاء بنوع من معجون الاسنان، ومائدة طعام نظيف مغطاة بشرشف اخضر رسمت على حواشيه مصائر المستضعفين، بماء الزعفران.
وبحضور رجل اسمه حمزة يؤتى به تبركاً م صامولة براغ من النوع الرخيص لاتدخل في التجربة انما تلقى بعناية في ركن مهمل من الطاولة تسويفاً للامور حيث فكتها النوبة، وعدته بصنع مربى التين، قرباناً لحبها الذي لن يزول ولم تف بوعودها حتى فرق الموت بينهما مرة واحدة والى الابد.
يومها صنعت مربى الخوخ والعناب اثارة لشهوته الناضحة من العينين، واكلته هي وزميلاتها في اقسام البنات وقرآن الفاتحة على روحه.
شق حافة القبر مطلاً برأسه:
- مع انني كنت على مرمى صيحتين من نافذة الاقسام.
*****
جرجر اذيال العزلة، منكفئاً، بموضعه في السماء حيث حط الموت به، واقام مع المنتظرين شيئاً فشيئاً شخص بصره نحو السماء حديداً.
غب اسبوع من توطد العلاقة بينهما ارتضت تقدمها لخطبتها بأعتباره ليس سيئاً ".
فتقدم.. جاء على حصان اسود ذي قدم عرجاء كلما حاول امتطاءه يبرك نائخاً في العجز عن حمله، وحينما وافق ابوها اردفها خلفه، مثل جوال جئ بخرق ثياب مهلهلة، وطاف بحبعا العالم. حملهم ثلاثتهم على ظهره، خلال الطواف، هي والحصان والجوال المفترض في سياق القصة.
*****
ظلت وحدها في مرمتها غرفة النوم، ارملة تشبه قطيع يطرق عليه الذئب الباب
- انا احكم
وحين تفتح الباب، وتجده الذئب تخبئ متوزعة:
نعجة نعجة تختبئ في الساعة ويكشط العقربان بشرتها مع مرور الوقت فتترهل حتى مجيء الام ونصراف الذئب.
ونعجة تختبئ في دور الكهرباء.. تصعقها بالغرغرينة والتكلس والسرطان فتترهل بشرتها حتى مجيء الام وانصراف الذئب.
ونعجة تختبئ في الزفت تلسعها فورته ملتتصقاً على بشرتها فتترهل حتى مجيء الام وانصراف الذئب.
تذكرت ساعات احتضاره حين اطبق الموت على جدران الغرفة المطلية بدهان اخضر.. فستقي يلمع مستجيباً لضياء النيون شديد البياض انطبقت من حوله السماء على الارض فافترض خرماً بينمها، حاول ان يتنفس منه فاغلقت دونه ونامت ريثما يموت.
حضر مراسيم الدفن اساتذته، في العلبة الكارتونية الملقاة بعناية" ونزيلات الاقسام الداخلية وفتية المذاكرة.. جاؤا صفاً في مسير مهيب يحملون عمود النور وقد اطفأوا بوابة الاقسام العتيقة " الغسل الدماغ يجاء بمعجون اسنان نظيفة، وشرشف وزعفران، مع صامولة براغ لاحاجة بنا اليه ".
كللوا قبره بالارجوان، جرياً على دأب الطبيب اخذت سماعة الهاتف بجماع كفها وزولت خمسة ارقام بأصبعها اليسرى تذكرت ان هذه النصيحة لم (يعطياها) الطبيب على بعد، فاجمعت لان ذلك يربك حبكة القصة.
*****
قبل انقضاء ايام العدة كومت الواح السرير، فوق خندق بوابة القصر المرجاني المنيف، وسط جزيرة قلبية الفيروز، خضراءه.. في اعماق البحر لتمر عليها فرسه البيضاء، الموشاة بتطريزات حمر، ذات حواش ذهبية لامعة، ينتصب فوق سرجها الماسي، بقوامه المهيب استلقى على السرير الملائكي، وقد توزعت خطوط سماوية حول محزماته.. انتثر شعر غرته السبط، رخياً كالحرير تداعبه بهدوء فتشار تلملم حطام الابواب وشظايا صنابير الماء وتعب الاقسام الداخلية العتيقة.
حدثها عن هواية عمره الرازح تحت طيش اربعة عشر ربيعاً في النساء والدلال.
- لا اسرق سوى الاشياء الضخمة التي تصدر جعجعة توقظ الليل من اقصاه الى اقصاه.
وحدثته عن احتضاره، ساعة ضيق الخرم بانفاسه، عندما طلب تمراً منها، وهي في عز النوم فمدت يدها تحت السرير والقمته نعالاً، لاكه ومات: " ثمانية دهور وثعبان الوجد ينساب من تحتي، بانياب مزدوجة، فالطع المستحيل كما تطلع المومسات القبل، لقد ايقظت بي جرحاً غائراً من قلبي للسماء حيث الموتى صفاً بانتظار القيامة، وبصره شاخص حديد.
لحظتها انساب ثعبان ذو انياب مثلثة، غاب في جحره بين بلاطات الارضية وتقدم عنها مسخ، موغل في المغادرة يحمل اشياءاً ضخمة ذات جعجعة مهولة ايقظت اطراف الليل.
لم تكن خائفة منه، بل قلقة عليه خذ كل شيء تتوسله البقاء.