طلب مني جاري أن أرافقه بصحبة جيران آخرين لكي يخطب فتاة لابنه ولقد لبيت له هذا الطلب، وتوكلنا على الله في اليوم التالي وذهبنا الى بيت أهل الفتاة فاستقبلونا بترحاب كبير، وقدموا لنا القهوة والمعجبنات على انغام الهلاهل والتبريكات، ويبدو أن الامر كان معدّاً سلفاً بين نساء العائلتين ولم يكن حضورنا الا ديكوراً اجتماعياً!العريس ابن جاري معلم في المدرسة الابتدائية القريبة وله هواية جلبها معه من بيئته الشعبية قبل أن ينتقلوا الى بيتهم الجديد الذي استأجروه وهي الصعود الى سطح الدار الى حيث برج الحمام فلا تسمع الا صفيره وتصفيق كفيه، ويبدو انه يبقى في السطح اكثر مما يبقى في مدرسته، وليس هذا هو بيت القصيد، وانما السؤال الذي طرحه رجل مسنّ من أقرباء العروس حين سأل والد العريس عن الوضع الاقتصادي لابنه فاجابه الاب.. الحمدلله (شايل روحه).قلت لنفسي كيف للانسان أن يشيل روحه، وهل الروح قطعة معدنية أو قلم رصاص لكي يرفعه الانسان بيديه، ولكني، رغم اني أعرف تماماً مغزى الجملة الا انني استهجنت العبارة التي ينبغي لها أن تدل على أن الفتى ذو وضع اقتصادي لا بأس به، وهذا هو المغزى الدلالي من العبارة، فجملة (شايل روحه) تعني أن الانسان ليس بحاجة لأحد كي يصرف عليه وانما هو يقوم بالصرف على نفسه فله والحمدلله لله راتب شهري يستطيع من خلاله أن يصرف على عائلته، قبل أن تقوم الدولة باستقطاع جزء منه واخضاعه للضريبة!!قلت لنفسي مرة اخرى ان عبارة (شايل روحه) أفضل ألف مرة من عبارة (شايف روحه) فالثانية تعني انه متكبر لا يتواضع للأخرين ويرى من نفسه سيداً على الآخرين، ذا كبرياء عالٍ متعجرفاً لا يقيم وزناً لمن هم في مستواه أو من هم دونه، وهذا لعمري مرض اجتماعي خطير اكبر من مرض العناية بالطيور فوق اسطح المنازل، والحمدلله أن جيراني المعلم (شايل روحه) وليس (شايف روحه)، والفرق بين العبارتين رغم تشابههما كبير جداً، وجعلنا الله ممن يشيلون روحهم لا ممن يشوفونها!
مقالات اخرى للكاتب