Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
سبل تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة في العراق
الثلاثاء, نيسان 14, 2015
نبيل جعفر عبد الرضا


نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم 

من أجل أن يعمل الاقتصاد العراقي بكامل طاقاته البشرية، لابد من تفعيل مهارات النصف الأكبر من القوى العاملة. فضلا عن تلافي الخسائر الاقتصادية التي يتعرض لها البلد، نتيجة انخفاض المشاركة الاقتصادية للمرأة. وقد بين تقرير عن التنمية في العالم عام 2012 الصادر عن البنك الدولي، أن تقليص الفجوة الإنتاجية بين العاملين من الذكور والإناث بنسبة تتراوح بين الثلث إلى النصف، أدى إلى زيادة إنتاجية العامل بنسبة تتراوح من (3 إلى 25)% في عدد كبير من البلدان. ولتقليص هذه الفجوة، هناك مجموعة من الإجراءات تضمن وصول المرأة إلى الموارد الاقتصادية، بما في ذلك الأرض، والائتمان، والتعلم والتكنولوجيا، والتدريب المهني و تشمل ما يلي:-
أولا: توفير البيئة القانونية المناسبة للتمكين الاقتصادي للمرأة العراقية :-
تشكل البيئة القانونية عاملا أساسيا لتمكين المرأة اقتصاديا، ويلاحظ في العراق أن الدستور والقوانين أعطيا الحق للمرأة في التملك والعمل دون أي تمييز، ولكن ذلك لا يكفي في ظل تقسيم العمل التقليدي والعنف ضد المرأة وغيرها من التحيزات القانونية التي تمنع تمتع المرأة بهذه الحقوق. إذ لتعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة، يجب توافر قاعدة قانونية تشجعها وتساعدها على العمل والتطور فيه. أي تغيير وتشريع قوانين جديدة ذات تأثير قوي وداعم للنهوض بواقع المرأة الاقتصادي، وعلى سبيل المثال من خلال الأتي:-
1- إجراء تقييم للوظائف يكون خاليا من التحيز إلى الذكور أو الإناث، لكي يتساوى الأجر للعمل ذي القيمة المتساوية، وليس العمل المتساوي في الكم والنوع والمؤدى في ظروف متماثلة. لمنع حدوث تحيزات عند تقييم أجور الوظائف، كتحديد الأجر المنخفض للوظائف التي تتركز فيها نسبة العاملات أكثر من العاملين أو العكس.
2- تحول مخصصات الأطفال إلى أجر الموظفة، وخاصة للسنوات الخمس الأولى من عمر الطفل. لتشجيعها على تحمل مسؤولية استهلاك الدخل وتوجيهه نحو الحاجات الضرورية التي تساعدها على المحافظة على صحتها وصحة طفلها.
3- تحديد إجازة الأمومة في القطاع الحكومي والقطاع الخاص إلى مدة لا تقل عن أربعة أشهر وبأجر تام، مع إضافة إجازة والدية بأجر تام تبدأ بعد انتهاء إجازة الأمومة، والأفضل أن تكون قريبة لها في المدة وتحتوي على شروط تفضيلية في حال أخذها الأب العامل. فضلا عن تشريع إجازة أبوة بأجر تام خلال الأيام الأولى لولادة الطفل. وذلك لتعزيز دور الأب العامل داخل الأسرة، ولتقليل التمييز غير المباشر الذي يمكن أن تتعرض له العاملة نتيجة كثرة الإجازات التي تستحقها وطول مدتها مقارنة بالعامل.
4- تعديل التشريعات كافة التي تحتوي على تقديم تحويلات نقدية دون شروط للمرأة (الدخل المقدم من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية)، واستحداث برامج تعمل على دمج المرأة في سوق العمل. لبيان أهمية العمل في إنعاش الاقتصاد وبوصفه واجب على كل مواطن عراقي راشد بغض النظر عن جنسه. أي الابتعاد عن تشريع بعض القوانين التي تحفز المرأة على عدم العمل بعدها معالة اقتصاديا مثل تقديم إعانات غير مشروطة للأرامل، أو تشجيعها للعودة للمنزل مثل قانون التقاعد المبكر، أو تعزز التمييز ضدها في سوق العمل مثل توفير إجازات خاصة للعاملة لا تقابلها إجازات خاصة للعامل قريبة لها في المدة والأجر. لما لهذه التشريعات من آثار سلبية كثيرة كإضعاف قدرة المرأة على الوصول إلى الوظائف المرتفعة الأجر ومراكز صنع القرار، وعيشها مدة طويلة من حياتها بإنتاجية وأجر منخفض، فضلا عن عدها مستفيدة سلبية من عملية النمو الاقتصادي.
5- شمول العاملات في القطاع الزراعي والعاملات في الخدمة المنزلية وبالوسط العائلي، بالأحكام الخاصة بحماية المرأة العاملة في قانون العمل لسنة 1987 .
6- تشريع قوانين تساعد على تحقيق المرونة في وقت ومكان العمل. مثل استخدام العمل عن بعد كإضافة إلى مفهوم العمل التقليدي في تشغيل أعداد كبيرة من العاملين من منازلهم، أو إمكان العمل من البيت مرتين في الأسبوع مثلا وغيرها من الإجراءات التي تساعد العاملة أو العامل على التوفيق بين المسؤوليات العائلية والتقدم الوظيفي. 
7- تشريع قوانين للقضاء على العنف الذي تتعرض له العاملة داخل المنزل وفي موقع العمل، لتلافي التكاليف الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة الناجمة عن ذلك.
8- العمل بقانون الملكية التشاركية، الذي عملت به بعض الدول العربية مثل تونس والمغرب لضمان وصول المرأة إلى الأصول المادية.
9- إلغاء القوانين التي تظهر المرأة في العراق كمواطنة غير راشدة وغير قادرة على اتخاذ القرارات المهمة، لتنافيها مع واقع عمل المرأة في مراكز صنع القرار.
ومن الجدير بالذكر أنه لا يمكن العمل ببعض هذه القوانين دون الأخذ بنظر الاعتبار أثر ذلك في تحقيق البيئة القانونية المناسبة للتمكين الاقتصادي للمرأة. فعلى سبيل المثال أن تقليص مدة إجازة الأمومة دون تعزيز دور الأب العامل في أسرته قد يتسبب ذلك بأثر عكسي، أي لا يؤدي إلى تخفيض أعباء الأم العاملة والمساهمة في القضاء على السقوف الزجاجية التي تواجهها. بل على العكس يؤدي تخفيض مدة إجازة الأمومة فقط دون أي تغير آخر في القوانين أو في توفير الخدمات الخاصة برعاية الأطفال، إلى خلق تحديات ومشكلات جديدة ترهق العاملة وتكلفها اقتصاديا واجتماعيا. 

ثانيا: وضع موازنة لتحقيق المساواة بين الجنسين :-
تعد الموازنات الحكومية التي تصاغ استنادا إلى تقدير الاختلاف في أدوار واحتياجات النساء والرجال في المجتمع، أداة لزيادة المساءلة بشأن المسائل المتعلقة بالمساواة بين الجنسين. ولا يقصد بالمساواة هنا التساوي الحسابي بما يتعلق بالأرقام النقدية للموازنة، ولكن سد الفجوات في أوجه انعدام المساواة بين الذكور والإناث من خلال ما يخصص في الميزانيات الحكومية للإنفاق من أجل القضاء على اللاتكافؤ في النتائج. وهي لا تقتصر على إنشاء موازنات منفصلة لشؤون المرأة، بل الربط بين السياسات الاقتصادية من جهة والمخرجات الاجتماعية من جهة أخرى، وتفكيك عناصر الإنفاق العام وعناصر الإيرادات العامة حسب تأثيراتها المختلفة بالنساء والرجال في المجتمع تمهيدا لتقليل الفجوة بين الجنسين فيما يتعلق بالإمكانات المادية. إذ ترمي هذه الموازنات إلى تجسيد احتياجات المرأة خلال جميع مراحل عملية وضع السياسات، بما في ذلك التخطيط لإعداد الموازنة والتنفيذ والمتابعة والتقييم.
وبما أن الموازنة، أهم أداة سياسية اقتصادية في يد الحكومات لإحداث تغيير أو لتكريس وضع راهن، فهي آلية قوية للتغيير. ويتوقف نجاحها على ما إذا كان من الممكن توليد الإرادة السياسية ضمن الحكومات لدعم عملية التحويل التي تخضع لها إعداد الموازنة التقليدية والإجراءات السياسية عن طريق إزالة التحيزات المتأصلة التي تجعل النساء والفتيات في موقف ضعيف اقتصاديا واجتماعيا. إذ لا يمكن أن تكون الموازنة الحكومية محايدة تجاه قضية نوع الجنس. فعلى سبيل المثال إن تخفيض الإنفاق على الصحة سوف يضر الإناث أكثر من الذكور نظرا لحاجاتهن الصحية الأكبر. وأن تخفيض الإنفاق على مياه الشرب النقية قد يلحق الضرر بالفتيات والنساء لأنهن عادة ما يتحملن العبء الزمني والجسدي لتوفير الماء النقي للأسر المعيشية عندما لا يكون متاحا بسهولة. وأن تخفيض الإنفاق على التعليم، قد يقلل من فرص الإناث في الانتظام والاستمرار في التعلم. فضلا عن التحيزات المباشرة في النفقات المالية كتوفير تمويل مثلا لتدريب النساء على الأعمال ذات الأرباح والأجور الضئيلة مثل الخياطة بدلا من تدريبهن على الأعمال ذات الأرباح والأجور المرتفعة مثل أدارة المشاريع التجارية، فقد يكون لمثل هذا التدريب مزايا آنية وحالية للنساء ولكنه في الوقت ذاته يكرس لعدم التكافؤ الاقتصادي بين الذكور والإناث داخل المجتمع. وكذلك يتسبب منح خصومات ضريبية مخصصة لدعم الأسر للزوج فقط في حين عادة ما يكون دخل الزوجة أقل من دخل الزوج، بزيادة الإضعاف الاقتصادي للمرأة.
إن الموازنة الساعية للقضاء على أوجه انعدام المساواة في الحصول على التعليم والصحة والتدريب والعمل والدخل، ستزيد إلى أقصى حد من فاعلية سياسات التنمية وتسهم في تحقيق نتائج إنمائية أكثر عدلا. ويرجع ذلك إلى التقليص الذي سوف يحدث في خسائر عدم التمكين الاقتصادي للمرأة. ومن أشكال الموازنات المراعية للنوع الاجتماعي ما يلي :-
1- تقديم الخدمات الإنجابية الأساسية مجانا والعمل على إمكان حصول جميع النساء عليها. ويشمل ذلك تقديم المواد الغذائية اللازمة للمحافظة على صحة الأم وطفلها لمدة محددة قبل الولادة وبعدها مجاناً.
2- تقديم حوافز مالية للفتيات في الصفوف الدراسية المنتهية والمنحدرات من أسر فقيرة، من خلال زيادة الراتب الشهري المقدم لهن مع كل صف منتهي جديد. نظرا لكون العقبات التي تعوق بلوغ التكافؤ بين الجنسين في مرحلة التعليم الابتدائي تزداد حجما في المرحلة الثانوية والجامعية، فالتعليم الثانوي والجامعي أكثر كلفة بكثير من التعليم الابتدائي. وأن لبرامج الحوافز المالية القدرة على توفير ترياق فعال لعلاج تسرب الإناث من التعليم، وانخفاض معدلات الزواج المبكر ومن ثم انخفاض معدلات الخصوبة، وزيادة فرص عمل المرأة وإمكان حصولها على دخل مرتفع، وتقليل أعداد الفقراء.
3- تحسين الخدمات العامة التي تسهم إلى حد كبير بتقليل عبء الواجبات المنزلية الكثيرة التي تؤديها المرأة، سواء من خلال وجود طرائق أكثر أمنا أم نظم سليمة للمياه والصرف الصحي والطاقة الكهربائية، وتوفير خدمات جيدة لرعاية الأطفال في أثناء وجود أمهاتهم في العمل مع خفض تكاليفها. وأن هذه الإجراءات سوف تنعكس على زيادة ملحوظة بقدرة النساء في تحقيق نجاحا في أعمالهن المدرة للدخل، يمكنهن من الحصول على أكبر عائد ممكن وتحسين مستواهن المعاشي.
4- تقديم التحويلات النقدية المشروطة للمرأة الفقيرة من أجل الحصول على الخدمات الأساسية، بشرط أن ترسل أطفالها إلى المدرسة بانتظام وتقوم بالفحوصات الصحية (ولاسيما النساء الحوامل) وتشارك في برامج التدريب الخاصة بإنشاء المشاريع الصغيرة وإدارتها بنجاح. وينبغي أن تسفر التحويلات النقدية المشروطة عن وجود مسؤولية أفضل تتحملها المرأة لأنها تمتلك النقود التي تجعلها تختار مقدما الخدمة. ومن ثم لهذه البرامج أثر في إكساب المرأة مهارات التفاوض من أجل الحصول على رعاية فائقة النوعية، وتحسينات كبيرة في صحة الأطفال المولودين حديثا نتيجة لارتفاع جودة الرعاية قبل الولادة وارتفاع المستوى التعليمي لأطفالها، فضلا عن تمكنها من البدء بمشروعها الخاص وإدارته. ويستمر تقديم التحويلات النقدية المشروطة عند التزام المشتركة بالبرنامج بالشروط، مع متابعة تطور مشروعها ونجاحه خلال مدة محددة كي تتمكن من الخروج من الفقر وانتفاء الحاجة للتحويلات النقدية. أي إن هذه البرامج تثبت نجاحها فقط عندما تتوقف حاجة المتلقية للمزيد منها.
وبناء على ما سبق يتضح أن وضع موازنة مراعية للنوع الاجتماعي تتسبب بتكلفة في الأجل القصير، إلا إنها تؤدي إلى كفاءة أكبر في الأداء الاقتصادي وإلى مؤسسات أفضل، مع تحقيق منافع ديناميكية في الاستثمار والنمو، أي تقليص الإنفاق العام وزيادة الإيرادات العامة في الأجل الطويل.
ثالثا: استخدام سياسات المشتريات العامة :-
يمكن أن تشكل سياسات المشتريات العامة (أو الحكومية) أداة قوية تستخدمها الحكومة لمكافحة التمييز في العمل عبر إقامة معيار مبني على الإنصاف للفوز بالعقود العامة. فيمكن على سبيل المثال أن يشكل حكم أو سياسة مبنية على المساواة في الأجر والتوظيف، شرطا أساسيا لفوز الشركات بعقد مع الحكومة، واستخدمت بعض دول العالم هذه السياسات مثل سويسرا. وكذلك يتم نشر الوعي بأن مساواة أكبر في العمل هي في مصلحة أعمال الشركات، وذلك لأسباب عديدة هي :-
1- تستفيد الشركة من مجموعة واسعة من المواهب حيث تنتقي عمالها.
2- يجذب الاستخدام غير التمييزي بين الجنسين مرشحين أفضل.
3- تجري عملية انتقاء العمال بمصداقية أكبر، حين تكون شفافة وترتكز على الجدارة.
4- في حال التنوع بين العمال فإن الأعمال ستستفيد من التنوع في الخبرات والمهارات، وتمثل مستهلكي السلع والخدمات التي تقدمها الشركة بشكل أفضل.
5- إذا ما ذاع صيت صاحب العمل على أنه يوفر فرصا متساوية، فإن ذلك يسمح بتعزيز صورة جيدة تعمل على جذب الأكفأ من العمال والعاملات وتزيد من مبيعات الشركة.

رابعا: دور الآلية الوطنية في تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة العراقية :-
تأسست في العراق عام 2004 آلية وطنية خاصة للنهوض بواقع النساء هي وزارة الدولة لشؤون المرأة. وقد نالت دعما ماديا وتقنيا من المجتمع الدولي وقامت بتحقيق تقدم متواضع، ولكنه مهم. إذ تبنت إستراتيجية وطنية للعمل على إدماج قضايا النوع الاجتماعي في الخطط والبرامج التابعة للمؤسسات الحكومية، وتشمل تدريب موظفي الدولة على زيادة الوعي ومراعاة قضايا النوع الاجتماعي وحقوق المرأة. وتحقيقا لتلك الأهداف قامت الوزارة بتعيين ممثل للنوع الاجتماعي في كل وزارة، كما تعمل الوزارة مع المنظمات النسوية الدولية والوطنية لزيادة الوعي حول حقوق المرأة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وكذلك أبدت اهتماماً خاصاً بتمكين المرأة في الريف العراقي، نظرا لتضاعف أوجه الحرمان والتمييز الذي تعاني منه مقارنة بالمرأة في الحضر. مما دفع الوزارة إلى تشكيل اللجنة العليا للنهوض بواقع المرأة الريفية في 30 تشرين الثاني من عام 2011. إلا إنه لا تزال تجربة الوزارة محدودة النتائج والأثر، ويرجع ذلك بشكل رئيس إلى قلة الموارد المادية والبشرية المتاحة لها. إذ لم تخصص لها ميزانية مالية مستقلة كنسبة من الموازنة العامة للدولة، فهي تعتمد على الجهات المانحة كمصدر وحيد لميزانيتها. في حين أن تخصيص الآليات الوطنية بالموازنة العامة، يعكس واقعية حرص البلدان على مدى التزامها السياسي تجاه قضايا المرأة. ومن ثم أدى ذلك إلى قلة العناصر المدربة التي تتطلبها برامج الوزارة، وعدم وجود فروع أو مكاتب في المحافظات لمعالجة قضايا المرأة في العراق ما أضعف قدرة الوزارة على تنفيذ مهماتها. فضلا عن محدودية الموارد، يرجع انخفاض دور الآلية الوطنية في تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة في العراق كما نراه إلى ما يلي:-
1- معظم الوظائف التي تخصصها برامج الوزارة للمرأة وتعمل على تدريبها عليها هي وظائف تتركز فيها النسبة القليلة من المشاركات في النشاط الاقتصادي، وتعد امتدادا لتقسيم العمل التقليدي بين الجنسين، ولا تؤدي إلى التحسن المطرد لوضع المرأة الاقتصادي، بل في أفضل الأحوال تؤدي إلى إخراجها من الفقر فقط نتيجة مواجهتها منافسة شديدة في الأسواق المحلية. مثل الخياطة المنزلية والطبخ المنزلي والحلاقة النسائية والتمريض.
2- على الرغم من أن المسؤوليات المنزلية التي تقع على عاتق المرأة تسهم بدرجة كبيرة في إبطاء أو تعطيل تقدمها الوظيفي واحتلالها مراكز صنع القرار، يلاحظ أن برامج الوزارة لم تتضمن أي تدابير لتقليص وقت العمل المنزلي. بل على العكس من ذلك تضمنت إستراتيجية الوزارة تعليم الفتيات بمراحل مبكرة من أعمارهن الفنون المنزلية. وذلك يتعارض مع هدف إدماج بعد النوع الاجتماعي في سياسات وخطط الدولة، والذي هو تقليص الفجوة بين الجنسين في مختلف مراحل الحياة. فضلا عن الأثر السلبي لنوعية التعليم الذي يحدد خيارات الأطفال المستقبلية حسب جنسهم، من كون أن الإناث يقضين الوقت الأكبر من حياتهن داخل المنزل في أعمال غير مأجورة أما الذكور فهم معيلون الأسرة. مما يؤدي إلى انخفاض مكاسب تعليمهن المادية والبشرية، وتشجيعهن على عدم الالتحاق بالمدرسة والزواج المبكر. وذلك يعني إضعاف أثر برامج التدريب والتوعية التي تقدمها الآلية الوطنية في مساعدة المرأة على التمكن اقتصاديا، أي تمكين المرأة على الوصول إلى الوظائف مرتفعة الأجر دون زيادة الأعباء التي تتحملها إلى درجة الإجهاد الصحي.
3- اقتصرت برامج تسهيل حصول المرأة على الخدمات المالية على القروض الصغيرة، إلا أن التمويل الأصغر النموذجي ذو أثر أكبر في إخراج المرأة من الفقر. نظرا لاحتوائه على حزمة متكاملة من الخدمات والمنتجات المالية من الإقراض والادخار والتأمين وتحويل الأموال. فإنه يحتوي على حوافز أكبر تجعل من النساء يرغبن في استمرار التعامل مع هذه المؤسسات، لما توفره من إدارة لظروف حياتهن الصعبة إلى أن يصبحن قادرات على التعامل مع المصارف.
4- تضمنت إستراتيجية وزارة شؤون المرأة زيادة رواتب شبكة الحماية الاجتماعية دون شروط معينة، وذلك يعزز فكرة أن المرأة عبء اقتصادي أما على الدولة أو على الأسرة.
5- بينت الوزارة أن الأولوية للأرامل والمطلقات في معظم برامجها، لكونهن ليس لديهن معيل من ذكور الأسرة. في حين يلاحظ من النقاط السابقة أن أثر برامج التوظيف والتدريب والإقراض، في تقليص الفجوة الاقتصادية بين الذكور والإناث ضعيف. مما يعني استمرار حاجة النساء إلى إعالة اقتصادية من جانب، واستمرار حاجتهن عندما يفقدن معيلهن إلى البرامج التي تقدمها الوزارة. أي عدم توافر معالجات جذرية لعدم تمكن المرأة اقتصادياً في العراق.
6- حدد الزواج المبكر في إستراتيجية الوزارة بالسن تحت 16 سنة، غير أن مختلف المنظمات الدولية تحدده ما بين (15 – 19) سنة. وذلك يعوق معالجة المشكلات المتعلقة بهذا المؤشر من أضرار صحية وارتفاع تسرب الإناث من التعليم وانخفاض مشاركتهن الاقتصادية وزيادة عدد الفقراء...إلخ. 
ومما لا شك فيه أن وجود آلية وطنية للنهوض بالمرأة هو وسيلة ضغط لإدماج قضايا النوع الاجتماعي في سياسات الحكومة وخططها وبرامجها ومتابعة صياغة هذه السياسات وتنفيذها. فضلا عن دورها في نشر التوعية للتأكيد على أن مشكلة عدم تمكن المرأة اقتصاديا لا تحمل تبعات مضرة على مستوى المرأة نفسها وأسرتها فقط، بل أيضا على مستوى كفاءة أداء اقتصاد الدولة ككل. ولا يعني التمكين الاقتصادي للمرأة تزويدها بالموارد المادية فقط، بل إعطاؤها القوة والمساعدة الكافية من خلال مجموعة متكاملة ومتنوعة من البرامج والقوانين والخطط والسياسات، من أجل ضمان وصولها إلى هذه الموارد بالشكل الذي يعزز ثقتها بنفسها لكونها قادرة على تحسين مستواها الاقتصادي، في الوقت نفسه تعد فيه قوة دافعة لعجلة نمو وتطور البلد.
لابد من التأكيد على أهمية تنمية قدرات صانعي السياسات ومتخذي القرار بهدف إجراء تحليلات من منظور النوع الاجتماعي. وينبغي لعمليات وضع السياسات واستعراض التشريعات وتخصيص الموارد أن تسترشد بمدى تأثيرها في الرجال والنساء. والتأكيد أيضاً على أهمية تشكيل فريق عمل في كل وزارة من الوزارات يتعاون مع الوحدات المعنية بالمرأة وتكافؤ الفرص، وتكون مهمته الأساسية إدماج قضايا النوع الاجتماعي في الوزارة المعنية. والمهمة الرئيسة التي تضطلع بها وزارة الدولة لشؤون المرأة العراقية تتمثل في تدريب هذه الفرق على مهارات التخطيط والمتابعة والتدقيق من منظور النوع الاجتماعي، ورفع التقارير الدورية حول مدى تحقق الأهداف المحددة في خطة العمل بالاعتماد على التحديث السنوي للبيانات المصنفة بحسب نوع الجنس. وينبغي تصميم السياسات والبرامج بشكل يوسع فرص النساء وخيارتهنّ بدلا من حصرهن فقط بالأدوار التقليدية المرتبطة بالأمومة والعمل المنزلي. كما ينبغي لهذه السياسات والاستراتيجيات أن تشمل أيضا الرجال بشكل يكسر القوالب النمطية ويفسح المجال أمام الرجال والفتيان للاضطلاع بدور أكثر فعالية في مجال تقديم الرعاية.



مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.44769
Total : 101