إزدياد الاوضاع وخامة في العراق و التطورات الدراماتيکية الاخيرة في نينوى و صلاح الدين و التهديدات المحدقة ببغداد، کلها تشير الى أن هناك من الامور الجسام التي لاتسر رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالکي، وليس هذا فقط وانما تجعل من موقفه حرجا جدا أمام الجميع.
حاول المالکي خلال ولايتين له أن يجمع کل خيوط اللعبة بيديه و أن يقوم بتوجيه الامور بالشکل و الصورة التي تخدم أهدافه و طموحاته المختلفة، لکنه إصطدم بأکثر من عقبة و واجه أکثر من أزمة و مشکلة بهذا الاتجاه، حتى وجد نفسه في نهاية المطاف في مواجهة الجميع دونما إستثناء ماخلا جمع قليل لايمکن أن يمثلوا کل أعراق و أديان و أطياف و شرائح الشعب العراقي، ومن يتابع الخط العام للسياسات التي إتبعها المالکي طوال ثمانية أعوام، يجد الکثير من المفارقات و الاکثر من العجائب و الغرائب والتي تدل کلها بوضوح أن الرجل لم يتمکن من تقديم مايمکن بوسعه التأسيس لعراق جديد بحق و حقيقة، بل انه قد ساهم بصورة او بأخرى بإعطاء إنطباع ان العراق الجديد هو عراق مبني على اساسا الولائات الطائفية و الحزبية و العشائرية وغيرها من الامور التي تتناقض و تتعارض مع المفاهيم الديمقراطية و الحضارية و بناء دولة القانون و مؤسسات المجتمع المدني.
الخطأ الکبير الذي إرتکبه المالکي باللجوء لخيار القوة لمعالجة الموقف في محافظة الانبار و التي أدت و قادت الى نتائج عکسية مغايرة تماما لما کان يتمناه و يطمح إليه، والذي زاد من الطين بلة، أن المالکي قد لجأ الى إستخدام القوة المفرطة ظنا منه بأنه بمقدوره من خلالها حسم الامور لصالحه و القضاء على خصومه والذي جعل الفرقاء السياسيين العراقيين يتوجسون ريبة منه، انه قد إستعجل کثيرا في اللجوء للخيار العسکري ضد الانبار و لم يستشير الاخرين وانما جعلهم أمام الامر الواقع، ولذلك فقد بقي لوحده في ساحة المواجهة ضد أهالي الانبار وقام بإيقاع أکبر الخسائر الروحية و المادية بين صفوفهم وهو يزعم بأنه يحارب الارهاب، وهو الامر الذي لم يحظى بتصديق و قبول الاغلبية.
تفجر الاوضاع في نينوى و صلاح الدين، ومااستجد و تداعى عنها من أمور و قضايا و مواقف، لايمکن فصلها أبدا عن حاصل تحصيل السياسات الفاشلة للمالکي أبدا، وان الذي يزرع الريح لايحصد سوى العاصفة، والعزف على الوتر الطائفي الذي بالغ المالکي فيه کثيرا قد أوصل الامور الى هذا المفترق، وان عودة النازحين من نينوى يؤکد بأنهم على استعداد للقبول بأي شئ ماعدا حکم المالکي الذي يرتابون منه و لايثقون، والحقيقة أن منصب رئيس الوزراء وعلى الرغم من أنه قد أصبح إستحقاقا شيعيا بموجب التقسيمات التي أعقبت سقوط النظام السابق، لکن مع ذلك ولأسباب أدبية و اخلاقية و إعتبارات سياسية شتى، لم يکن منتظرا أبدا أن يظهر رئيس الوزراء ذات يوم وکأنه رئيس وزراء طائفة محددة و ليس شعبا.
أخطاء المالکي أکثر من کثيرة و هي لاتعد و تحصى وان البحث في الاسباب و العوامل التي دفعت بالامور الى هذا المفترق الخطير، فإنه ليس هنالك من سبب و عامل رئيسي مؤثر کما هو الحال مع بقاء و استمرار المالکي في منصبه، انه بصراحة کاملة رأس الفتنة و اساس البلاء في العراق ولن تهدأ الامور طالما بقي في سدة الحکم!
مقالات اخرى للكاتب