قال تعالى :(( قل هل يستوي الأعمى والبصيرُ أفلا تتفكرون )) التفكرُ في أي أمرٍ يُحيط بالإنسان في حياته التي يعيشها منذ بلوغه يعني الوصول إلى طريق الصواب ومعرفة الحقائق التي ترقى بالفرد لأن يكون أبياً عزيزاً سالكاً لطريق الحق ومتبعاً عين الحقيقة التي أرادها الله له لكي يرقى بنفسه للحياة الكريمة التي ترفع من شأن إنسانيته ، وهناك فرقٌ كبير بين أن يتبعَ الإنسان الرحمن ، وبين أن يتبع الشيطان ، وما يمرُ به بلدنا العراق الآن يندى له الجبين وترتعد له المفاصل حينما نجد كثرة المتبوعين من رجال دين وسياسة وأهل سطوة ومال ونفوذ والكلُ منهم يدعي أنَه الحق وأنّه عين الصواب لذا يتوجب على الآخرين إتباعه ، وهناك صلة وثيقة وكبيرة توجب علينا الوقوف والتفكر بدقة لنجيب عن عدة أسئلة في أذهاننا منها مَن صنع المتبوع وصفق له حتى أوصله إلى درجةٍ كبيرةِ من خلالها ظنّ أنّه الصواب … الجواب طبعاً هو التابع الذي تبعه وسار خلفه ، نستنتج من ذلك تماماً أنّ سبب هذا هو غياب الوعي الحقيقي عن الفرد إضافةً لعدة أسباب أخرى دفعته لأن يمجد المتبوع حتى إن رآه على خطأ أو غير مؤهلٍ لأن يكون أهلاً لما تمثل به سواء كان رجل دين أو سياسياً حاكماً…. التابعون ذهبوا خلف المتبوعين ونسوا أن حضن الوطن هو المتبوع الذي لا يفنى ولا يتغير مهما دارت الأيامُ والسنين ، فكيف لرجلٍ بالغٍ عاقلٍ مبصرٍ وهو يتبع رجلَ دينٍ فاسقٍ أو يتبع سياسياً سارقاً أو حاكماً جائراً ، وفي ظل ما يحيط ببلدنا ونحن نرى كثرة أتباع فلان وكثرة أتباع فلان وكأن من أتبعوه هو المنقذ الأوحد لهذه الأمة حتى وصل بنا الأمر إلى التقاتل فيما بيننا من أجل المتبوع … ولا أدري هل هذا المتبوع الذي بلغت درجته أن يُضحى من أجله بالنفس هل هو نبي أو مرسل منزه من الخطأ ؟… إنه من المخزي أن يكون الإنسان تابعاً ومُقاداً إلى رجالاتٍ عاثوا في هذا العراق الفساد وحللوا إراقة الدماء وسرقوا أموال الشعب المسكين حتى وصل الأمر ببعض أفراد المجتمع إلى عدم إمكانية شراء علبة دواء أو شراء وجبة طعام … فبربكم أيعقلُ أن رجلاً مدعياً الدين والقيادة والرزانة يصرح أمام العالم أجمع ان 30 الف دينار تكفي العائلة العراقية لمدة شهر … والأدهى من ذلك هناك من يتبعه وأعطى صوته الانتخابي له ، والكثير من الأمثلة التي يطول الشرح فيها ، ولابد من ذكر أن ما أراده الاستعمار وصل إلية حينما درس وخطط لتفرقة هذا الشعب والأمة وتهديم المشتركات الأساسية فيه أولها مشترك الوطن الموحد وثانيها الدين الذي يرقى بالنفس الإنسانية فلغة فرق تسد كانت هي الهدف الرئيسي لهم وبالفعل أثمرت ثمارها فما ترى منا سوى التفرقة بالفكر والانقياد إلى متبوعٍ هم أوجدوه أو كان من صنعهم أو مستعمر لديهم … حقاً نجح الاستعمار في تفريق هذه الامة لسبب واحدٍ وهو الجهل وعدم وجود الوعي الكافي للتصدي لهذا المخطط المبرمج وفق مقتضيات مصالحهم ومنافعهم ، وفي ظل هذا الانهيار التام بسبب أتباع فلان وفلان ما حصدنا وما جنينا سوى الخراب والدمار والتشتت والتكتل والتفرقة التي نخرت هذا الوطن الذي أصبح ملك التابع وكأنه نبيٌ مرسل ، من العيب على الفرد العاقل الرشيد أن يكون مقاداً ومسيراً حسبما يريد التابع الفاسق …. اتبعوا الوطن والدين الحقيقي الذي جاءنا به الرسول الأعظم ص وحافظوا على أوطانكم فالموآمرة كبيرة جدا ومخطط لها بحياكة كبيرة منذ زمن ليس بالقصير وسلام على من اتبع الهدى وترك الشيطان الأكبر وأعوانه.
مقالات اخرى للكاتب