أثر عبدالكريم قاسم في الحياة السياسية العراقية للعهد الجمهوري الاول (1958-1963)، بشكل كبير، وبأبعاد مختلفة ومتنوعة، وربما متناقضة، جعلت منه شخصية تثير الجدل على المستوى السياسي والاجتماعي.
فمن هو عبدالكريم قاسم ؟ وكيف انفرد بالسلطة ؟ وما هي ملامح شخصيته الاجتماعية وكيف اثرت في المجتمع العراقي ؟ وما هي ملامح شخصيته السياسية الفردية، وكيف انعكست على المجتمع العراقي ؟.
ولد عبدالكريم قاسم في 21 تشرين الثاني عام 1914 في محلة المهدية في بغداد، لاب عربي سني، وام كردية فيلية شيعية، ونشأ في منطقة تضم اعراقاً ومذاهب دينية مختلفة، وفرت له مناخاً سمحاً غير مشوب بتعصب عرقي، او تزمت ديني او طائفي.
عاش عبدالكريم قاسم طفولة تتميز بالحرمان وعدم استقرار، ففي العام 1922 انتقل مع اسرته الى الصويرة بسبب سوء احوال والده المادية الذي مارس الزراعة هناك، وفي الصويرة دخل عبدالكريم قاسم المدرسة الابتدائية، وعادت الاسرة الى بغداد في العام 1926 وسكنت محلة قنبر علي، ومارس الوالد مهنة النجارة.
تخرج عبدالكريم قاسم من الاعدادية في العام 1931 بتفوق، وعمل بعد تخرجه معلماً في مدرسة الشامية الابتدائية لمدة سنة، ليلتحق في العام 1932 بالكلية العسكرية، ويتخرج فيها عام 1934، وفي العام 1940 دخل كلية الاركان، وتخرج فيها في العام 1941 بامتياز. وتدرج عبدالكريم قاسم في الرتب العسكرية حتى وصل الى رتبة زعيم ركن بجدارة في العام 1955.
اهم الملامح التي يمكن الخروج بها من العرض المقتضب السابق هي:-
1. انه مختلط عرقياً ومذهبياً، فهو من اب عربي سني وام كردية فيلية شيعية.
2. نشأ في بيئة متنوعة عرقياً ومذهبياً ودينياً، ضمت العرب والكرد، والشيعة والسنة، فضلاً عن اديان اخرى.
3. نشأ فقيراً، في عائلة تنتمي الى الطبقة الدنيا، وعايش هموم تلك الطبقة، فضلاً عن معايشته هموم الفلاحين حين كان معلماً في الشامية، فضلاً عن ممارسة والده الزراعة عندما كان في الصويرة.
4. له مؤهلات عقلية ساهمت في تفوقه الدراسي، مع طموح جعله يترك التعليم وينخرط في الجيش، ويترقى بامتياز الى رتبة زعيم ركن.
تلك الملامح كان لها دور في صياغة وتشكيل الجانب الاجتماعي في شخصية عبدالكريم قاسم الذي لم ينعكس فقط على الجانب الاعلامي لخطبه التي كرر فيها اصله الفقير، فهو يذكر "انني ابن الفقراء، انني فقير، شخص فقير، وجدت وعشت في حي الفقراء، وقاسيت زمناً طويلاً من مرارة العيش"، بل تجاوز ذلك الجانب الى الجانب الفعلي في سياسته وقراراته التي استهدفت رفع مستوى حياة الطبقات الدنيا، وقد اشرنا سابقاً الى قرارات رفع المستوى المعاشي للطبقة العاملة، وقانون الاصلاح الزراعي.