العراق تايمز: تحقيق قيس عيدان
تحولت السيارات الحكومية والتي تصنف ضمن الامتيازات الممنوحة للمسؤولين في الدولة العراقية الجديدة، الى سيارات خاصة تستغل من قبل المسؤول وعائلته. الامر الذي بات يثير غضب وسخط الناس خاصة في ظل الازمة الحالية التي يعيشها البلد وفي شتى المجالات الخدمية والسياسية والامنية والاقتصادية. فليس من المعقول ان يقوم المسؤول بنقل احد اقربائه الى المطار بسيارة حكومية بغية تسهيل الاجراءات. ومسؤول اخر يحول السيارة الى الحكومية الفارهة الى سيارة توفير الخدمات والتسوق وغير ذلك كثير. مجلس الوزراء في اكثر من مناسبة اعلن عن منع سير السيارات الحكومية بدون ارقام كما وجه بتقليص اعداد السيارات المرافقة للمسؤولين من وزير ونزولا.
هدر المال وسرقته
عبد الكريم حاتم عسكري متقاعد يوضح أن هناك عشرات الاف من السيارات الحكومية مخصصة للمسؤولين الحكوميين بشتى مناصبهم البعض منها تحسب له مخصصات مقطوعة شهرياً مثل الوقود والزيت والتصليح. مبينا ان ذلك يختلف من وزارة الى اخرى فهناك اجور ب750 الف دينار وهناك 400 الف والاخر يستلم 250 الف دينار. موضحا: أن هذا السياق المعمول حالياً فى معظم دوائر الدولة جاء نتيجة عدم السيطرة على طلبات السواق والتحجج بمشاكل العجلة والعطلات المتكررة وغير ذلك . داعيا الى ضروة المعالجة السريعة والسيطرة على هدر المال العام.
سيارة مدير القسم
منعم هادي سائق فى وزارة الصحة بين أن العديد من دوائر الدولة تشهد وجود سيارة مع سائق مخصصة للمسؤولين بدءا من مدير قسم وصعودا. مبينا ان الكثير من هذه السيارات تستخدم خارج اوقات الدوام الرسمي ولقضاء الاشغال الخاصة والتسوق في بعض الاحيان. مسترسلا: ان هناك سيارة لمدير المستشفى والمعاون الاداري ومدير الحسابات ولكل واحد منهم سائق كما يوجد هناك عدد من السيارات مخصصة لتلبية احتياجات اقسام المستشفي لكن لو تحدثنا بصدق ان معظم الاحتياجات هي خاصة وان وجدت لتعد بعدد اصابع اليد أسبوعياُ وان جميع تلك السيارات تستلم اجور الوقود شهرياً والتصليح.
السائق والغرامة
العقيد المتقاعد الحقوقي ثامر حسن يوسف ذكر أن قانون المرور العام والاجراءات القانونية المعمول بها سابقاً ،حيث كانت هناك لجنة مختصة لمتابعة سير العجلات الحكومية بعد انتهاء الدوام الرسمي ولذلك وضعت وزارة الداخلية منذ منتصف الثمانينيات قواعد لتنظيم سير العجلات الحكومية بل واستحدثت خلال تلك الفترة مديرية مرور مختصة متفرغة لمتابعة مخالفات سواق تلك العجلات وفرض غرامات عليهم وفي احيان اخرى حجزهم . مضيفا: ان تلك المديرية المتخصصة ألغيت في التسعينيات وانيط واجبها بقواطع المرور في المناطق .
وبين الحقوقي يوسف : ان هناك ظاهرة لسواق عجلات الحكومية اذ يتقصد الكثير منهم مخالفة قواعد المرور وارتكاب المخالفات باعتباره "ابن الحكومة" . مطالبا بضرورة اعادة مديرية العجلات الحكومية مع وضع ضوابط صارمة لسير تلك العجلات في الشوارع . مع اهمية تحميل السائق المخالف مبلغ الغرامة التي تفرض على السيارة الحكومية.
مخصصات سيارة عاطلة؟!
موظفة فى قسم المصروفات في احدى دوائر وزارة الثقافة تكشف عن دفع مبالغ شهرية تسمى مخصصات وقود لموظفين خصصت لهم سيارة من قبل الدائرة لغرض الاستخدام الحكومي "والشخصي" . خصوصاً العاملين فى مكاتب المسؤولين فيها والبعض من هذه العجلات عاطلة او متروكة وحين يطالب قسم التدقيق بتأييد المسؤول تأتي الاجابة موقعة وكأن الامر طبيعي وتصرف المخصصات وهذا الامر يحدث بعلم الجميع .
في حين بين محمد جاسم وهو موظف قسم التدقيق فى احدى دوائر وزارة الصحة أن من المشاكل اليومية التي يواجهها عمل اقسام التدقيق فى معظم دوائر الدولة، قضية اجور ومخصصات السواق. مشددا ان الحكومة تصدر العديد من القرارات حالياً خاصة المتضمنة الغاء او تخفيض بعض المخصصات ومنها ما يتعلق بالسيارات والسائقين . وبين جاسم : هنا تبدأ المشكلة والبحث عن ترتيب اداري لغرض الاستمرار فى الحصول على تلك المخصصات وفي حال الرفض يضطر السائق الى عدم احضار الموظفين والتعذر بعطل السيارة وهذا مشهد يومي يتكرر في الكثير من دوائر الدولة.
الحكومة تغرم الحكومة
مديرية المرور العامة واثناء مراجعتي للموقع الخاص بها اكتشف وجود موقع ضمني يكشف عن الغرامات الخاصة بالعجلات الحكومية وبتبويب ثابت وكل حسب الوزارة المعنية . العميد عمار علي المتحث الرسمي في دائرة المرور العامة يوضح ان سير العجلات الحكومية يخضع لقانون المرور العامة ولجميع المركبات وعليه ان فرض الغرامة يكون من ضمن القوانين المعمول بها ولذلك تم تخصيص موقع خاص للغرامات المرورية لتكون الدائرة المختصة على علم بحجم المخالفات المرتكبة من قبل سائقي الدائرة .
وفي سؤال عن اعداد السيارات الحكومية حالياً اوضح علي: أن هناك سيارات تعمل ضمن الفحص المؤقت والاخرى مسجلة وهناك عجلات تم تسجيلها حالياً خصوصاً بعد توجيه رئيس الوزراء وهذا يتطلب الى مراجعة قسم الاحصاء . موضحا ان هناك تغييرا دائما فى الاحصائية النهائية .
صيانة بـ 100 مليار
الى ذلك كشف عضو اللجنة المالية في مجلس النواب مسعود حيدر، أن كلفة صيانة ووقود سيارات مسؤولي الدولة باستثناء اعضاء البرلمان تصل الى نحو 100 مليار دينار شهريا، فيما أكد أن قانون الخدمة الاتحادية سيحقق العدالة المرجوة.
وقال حيدر في تصريح صحافي، إن كلفة صيانة ووقود سيارات مسؤولي الدولة من رئيس الوزراء الى الوزراء الى المدراء العامون باستثناء اعضاء مجلس النواب تقدر ما بين 50 الى 100 مليار دينار شهريا.مضيفا: أن تقليل اعداد سيارات المسؤولين سيوفر لخزينة الدولة ما يقدر بمليار دولار سنويا.
غياب الاحصاءات
وتحدثت مع منتسب فى قسم اعلام وزارة الاعمار والاسكان بشكل ودي عن فكرة التحقيق والاضرار الناتجة عن الكم الهائل من العجلات وطلبت باذن الحصول على احصائية رسمية عن اعداد العجلات المسجلة فى الوزارة . اجابني ان التعليمات الاخيرة تمنع تقديم اي احصائية لوسائل الاعلام عموماً واذا ترغب بذلك فتقدم طلبا رسميا بغية استحصال الموافقات الرسمية بذلك وهي التي تقرر .
الدكتور رياض مهدي يوضح أن المواقع الرسمية لعموم وزارة الدولة تنشر العديد من نشاطات معالي الوزير والزيارات التفقدية والاجتماعات فيما غابت نهائياً فكرة تحديث معلومات عن انشطة الموارد البشرية والمالية بغية الاستفادة منها في بحوث ودراسات خصوصاً في الاقسام التابعة لقسم الاحصاء في كليات الاقتصاد، مهدي يوضح اننا نطلب من طلبة الدراسات العليا ضرورة ان تكون البحوث ميدانية وان الوزارات المعنية يجب ان ترفد الجميع بالمعلومات لكن هذا هو واقع الحال.
مئات الالاف
مقدم فى دائرة المرور العامة رفض الكشف عن اسمه يشير أن هناك اكثر من مئتي الف سيارة حكومية تسير فى شوارع البلاد ، الاغلب من تلك العجلات مسجلة وهي تابعة حسب الترتيب الدفاع – الداخلية – الصحة – التعليم العالي – الاسكان – البلديات – الامانة – المواد المائية – وغيرها من وزارات وهيئات مستقلة اضافة الى الدوائر التابعة لمجلس الوزراء. موضحاً:ان هذه الاعداد الكبيرة لها مشاكل اكبر فى السير والاستخدام الشخصي بعد الدوام الرسمي بل وصل الامر الى الاستخدام العائلي. داعياً الى اعادة النظر فى القوانين الخاصة باستخدام المركبات بعد الدوام الرسمي والتفكير الجاد فى الاعداد الكبيرة .
فساد وصفقات
منتظر احمد موظف فى قسم الحسابات فى وزارة التجارة يوضح أن التعليمات الخاصة الحالية تمنع شراء السيارات لاي وزارة باستثناء الحالات الضرورية وان الدائرة التابعة لي لم تقم بشراء اي مركبة منذ اكثر من عام ونصف.
سنان علي موظف فى احد شركات تجارة السيارات يوضح ان البيع حالياً متوقف لدوائر الدولة باستثناء بعض الجهات. كاشفا: ان بيع السيارات لدوائر الدولة كانت السمة الوحيدة فى الارباح الكبيرة لاسيما ان هناك اتفاقا خارجيا يتم على اساس السعر الحقيقي والذى يكتب فى قائمة الحساب ويصل الامر الى تمرير صفقة كبيرة تصل الى المليون دولار عند شرار اكبر عدد من العجلات المتنوعة.
سيارات مصفحة
اللجنة المالية النيابية رفعت مذكرة إلى الحكومة المركزية تدعوها إلى بيع سيارات الدولة المصفحة، داعية في الوقت ذاته إلى بيعها بمزاد علني لزيادة دخل الدولة.
وقالت عضو اللجنة ماجدة التميمي إن هناك مذكرة داخلية في اللجنة المالية تدعو الحكومة إلى بيع السيارات الحكومية الفائضة عن الحاجة للموظفين. مشددة على ضرورة بيع السيارت المصفحة التابعة الى الدولة بسعر عادل للجميع والابتعاد عن المجاملات والمحاصصة، مؤكدة رفضها الدعوة في حال كان البيع بالتقسيط.
رئيس اللجنة المالية البرلمانية أحمد الجلبي دعا في وقت سابق، الحكومة المركزية إلى بيع السيارات المصفحة الفائضة عن الحاجة إلى الموظفين، مشيراً إلى أن بيع السيارات الفائضة سيعيد للدولة مبلغ قدره 2 مليون دولار.
ميزانية خاصة
من جهتها طالبت النائبة حمدية الحسيني، ببيع السيارات الحكومية في "مزاد علني"، مشيرةً الى أن صيانة هذه السيارات ووقودها يضغطان بشكل مباشر على الموازنة. وقالت الحسيني في بيان تلقت (المدى) نسخة منه، ان على الحكومة ان تقوم ببيع السيارات الحكومية في المزاد العلني باستثناء من درجة وزير واعلى والسيارات الخدمية، عازية سبب ذلك الى كونها تكلف الدولة اموالا باهظة.
وأضافت الحسيني أن صيانة هذه السيارات ووقودها يضغطان بشكل مباشر على ميزانية الدولة ويحتاجان الى ميزانية خاصة بهما، داعية الى وضع مقترحات بديلة لتنظيم موارد ميزانية العام المقبل دون معوقات ولتغطية كل أبواب الصرف.
المصدر: المدى