يعيش المواطن في اغلب دول العالم آمنا مطمئنا , مكفولا من قبل السلطة التي يعيش تحت ضلها وضل القوانين التي تكفل عيشه وحمايته , إلا في دولة تمتلك كل مقومات الحياة التي لو عملت عليها , تجعل من مواطنيها سعداء آمنين الا وهي بلد الرافدين أو ارض السواد كما يصفون والتي صارت أرض السواد بمصطلح ومنظور جديد.
ولو بحثنا في مجالات الحياة وصنوفها الشتى التي يمكن من خلالها ايجاد الضمانات للفرد والأسرة العراقية فلم نجد ما يدعوا الى تحقيق شيء من خلال روافدها الكثيرة كونها لم تعد تعطي اي ايماءة نحو مستقبل واعد أو بصيص لطموح من طموحات الشعب , ولم تجود سوى ببعض المؤتمرات والدعايات المنتشرة هنا وهناك والتصريحات الاعلامية لمسؤولين كل حسب صنفه.
فالطرق المتعثرة في ايجاد مخرج للتنمية الاقتصادية لم تزل تنوء في الحضيض من مواقعها الابتدائية بل بالتي كانت اعلى من مواقعها الان فعادت الى مستوى ادنى , فلم نجد للعاطل فرصة عمل في مصنع بني حديثا او مصنع كان فأعيد ترميمه وتشغيله بل بالعكس ما يحصل فالمعامل التي كانت يدور عجلها عطلت تماما ودرس ما فيها ولم تعد سوى بعض من خردة وكومة من عمال عبارة عن بطالة مقنعة ينتظرون قانون التقاعد لينطلقوا بعيدا عن المكائن والآلات الصدئة التي تركت ذكريات مؤلمة في صفحات حياتهم.
أما ما نأكله فقد صار معجزة من معجزات عصر النفط والعولمة ولم تستطع حكومة بأكثر من ثلاثمائة عضو برلماني وثمة وزراء وكومة احزاب ان تخرج بمشروع زراعي يستطيع ان يوقف البصل المستورد والفجل والطماطم والألبان بكافة مشتقاتها والتي مصدرها وموادها الأولية تنتشر في العراق من شماله الى جنوبه , وكأن هناك اتفاق على أن لا نزرع ولا نصنع الاجبان والألبان وعلينا توزيع ما لدينا من عملة صعبة على دول الجوار من الاصدقاء والأشقاء بدلا من أن نصنع هذه الفقرة التي يمكنها أن تستوعب آلاف العاطلين وتعيل آلاف الأسر العراقية وتضمن لقمة العيش بكرامة وتحافظ على عملة.
أما السيطرة التجارية والحفاظ على توازن السوق , فلم نجد من ذلك بصيص ينير شعلة في طريق الامان من تفاقم الاسعار وجشع التجار والمسوقين , ففي كل موسم من مواسم العبادة والأعياد والمناسبات والصيام ترتفع الاسعار للمواد الغذائية الى مستوى ليس بالسهل على الاسرة المحدودة الدخل التعامل معها , فمثلا اللوبيا والباقلاء والفاصوليا والعدس والحمص ارتفعت اسعاره الى الثلث زيادة على اسعاره القديمة ولم تعود الى طبيعتها .
أما الجودة في المستورد ورداءة المواد الداخلة الى العراق فحدث ولا حرج فلا رقابة ولا متابعة ولا شرطة اقتصادية بالرغم من اعدادها الهائلة , ولا قانون يحمي المستهلك والمنتج المحلي سوى الورق الذي لا يحمل سوى المطبوع عليه لا ينفع ولا يضر.
والغريب في الأمر هناك مشروع يقال أنه ضمن أعالة من لا معيل له من كبار السن من الجنسين وهو تخصيص راتب شهري لكل من تلك الفئات من العراقيين وهو مشروع عمل فيه في زمن مضى وعدل في زمن تفاقم الاسعار وتغيير السلطة ليكون متماشيا مع حاجة الفرد المستوفي لتلك الشروط !!!! , ولم يكن الراتب يتجاوز ( 50 ) الف دينار شهريا يدفع كل ثلاثة اشهر , يا للعجب من دولة يعيش ابناءها بهذا المبلغ لشخص مسن يحتاج الطبيب على الأقل في الشهر مرة واحدة فهل يكفي ايتها الحكومة المبجلة هذا المبلغ لعيادة واحدة شهريا ؟؟ ومن اين يأكل هذا لو لم يكن راتبه يكفي لعيادته ؟؟.
وبالرغم من بلد الرافدين أو ارض السواد تمتلك كل ما يمكن استغلاله في بلدان العالم من مواد تصنيعية أولية وزراعية متكاملة المواصفات , لكن الآلة الحقيقة لتدوير عجلات تلك الماكينة المتكاملة بمواصفاتها لم يكن لها وجود أو انها تلفت وانتهت مقوماتها بعد ان تناحر ابناء هذه الأرض على الكراسي وصار المفكر والباحث والمطور في زاوية ميتة لا حراك فيها بل انه حتى لم يكن يحصل على وعد بحماية نفسه من شرور اصحاب المقامات وأجندات الغير المستفيد من دولارات النفط .
فكيف بعد هذا يمكننا القول والبحث في ما يضمن حياة ابناء الرافدين ويحقق ثمة أمل منتظر منذ الأزل فلا شيء يتفق مع حياة ولا حياة لها وجود مثلنا باقي المجتمعات .
مقالات اخرى للكاتب