لا أعتقد، أن أحد يمتلك شيئاً من الحس الإنساني سمع بقصة الطفل الكوردي البريء تيمور ولم يتأثر بها.
تيمور الذي أُعدم أمام عينيه مجموعة من الاطفال والنساء في صحراء مدينة السماوة، عام 1986، ضمن سلسلة الاعدامات الجماعية التي كان يقوم بها نظام صدام حسين ضد شعب كوردستان العراق ( عمليات الانفال )، وقد كانت شقيقات تيمور ووالدته بينهم.
فقد نجى الطفل تيمور بأعجوبة، من حفلة عرس الواوية، بعد ان جرح، وتظاهر بالموت، ( أمام الابطال الذين كانوا في حالة نشوة وسعادة، مزهوين بنصرهم، بعد أن تأكدوا من قتل النساء والاطفال، لانهم اي الابطال، سيحصلون على تكريم القيادة ).
من هو تيمور أحمد عبد القادر
تيمور طفل كوردي عراقي مسلم، لم يكمل عامه العاشر، كان يعيش في كنف والديه إلى جانب شقيقاته في بيتهم في قضاء كالار التابع لمحافظة كركوك، ( إداريا تابع للسليمانية حاليا )، هجم عليهم مجموعة من جهاز الاستخبارات، أعتقلوهم مع مجموعة من العوائل، أودعوهم في سجن ـ طوب زاوار ـ في كركوك حوالي ثلاثين يوم، بعد ذلك نقلوهم في شاحنات كبيرة لنقل البضائع الى صحراء مدينة السماوة الجنوبية، حيث أعدت لهم مقابر جماعية، توفى بعضهم في الطريق خنقاً، كما ذكر تيمور.
وصلت الشاحنات المحملة بالاطفال والنساء إلى الصحراء، كانت الشمس تلملم نفسها على عجل، ربما لانها لا تريد أن تشاهد عرس الواوية.
انزلوهم من الشاحنات.
بدأوا برميهم في الحفر بشكل جماعي.
ثم فتحوا النار عليهم.
على الصراخ والبكاء من الامهات والاطفال.
قتلوهم جميعاً، بزهو وعنفوان..
إلا الصغير تيمور الذي أخترقت جسده النحيف رصاصة، فـ تظاهر بالموت.
حكنة دويج قديسة في الطريق
بعد أن هدأت مدافع ( الرجال ..الرجال ) بدأ تيمور بعملية الزحف المضنية إلى حيث لا يعلم..
زحف تيمور، ثم زحف دون ان يلتفت الى جراحه، فقد كان الخوف والرعب سيد الموقف.
شاهد تيمور من بعيد على ضوء القمر
شيء اسود يتحرك
اقترب اكثر، فتبين أن السواد كلاب مخيفة سرعان ما أنتبهت أليه.
الكلاب اندفعت نحو القادم وهي تزمجر، لكن سرعان ما اكتشفت أنه طفل يبكي ومذعور.
تركت الكلاب الطفل دون ايُ إزعاج.. وسارعت إلى إين إلى حيث العظيمة حكنة دويج.
راحت الكلاب تعوي، تنبح بقوة أمام خيمة القديسة.
طلبت السيدة من أبنها حسين أن يخرج ليعرف سبب عوي الكلاب بهذه الطريقة؟
عاد حسين الى والدته :
- أمـاه..
السيدة حكنة : - ما الامر؟
- أمـاه أن الكلاب تخبرنا أن هنالك طفل، طفل يبكي..
خرجت العظيمة دويج مسرعة، وصلت إلى الطفل إحتضنه.. أدخلته إلى خيمتها ألبسته ملابس عربية.
أسرعت في حرق ملابسه الكوردية، خوفا من عيون صدام المنتشرة، كما ذكرت.
( حكنة دويج الزيدي سيدة عراقية عربية لم تدخل مدرسة، لا تقرأ ولا تكتب، لكنها بعملها الإنساني، وتحديها لنظام صدام في إحتضان الطفل تيمور، رغم أنها تعلم جيدا، لو وصل الخبر لجلاوزة النظام، فأن عائلتها وقرية العيشم ستُباد بالكامل ـ ظهرت انها قديسة ).
يقول تيمور:
- ما زلت أتذكر تلك الليلة الرهيبة، الحزينة، بعد أن ادخلتني والدتي إلى خيمتها، لم تتركني لحظة واحدة، جلبت لي الطعام والشراب، وأخذت تمسح على رأسي، وتكلمني بحنان رغم أني لا أعرف العربية،
كنت أُحدق في عينيها الجميلتيين، غفوت على صوتها الناعم ودموعها التي كانت تحاول إخفائها عني.
يضيف تيمور:
- عند الصباح الباكر نقلتني والدتي السيدة حكنة إلى قرية العيشم خوفاً علي من الدخلاء، فتم معالجتي.
عشت معهم واحداً منهم، بل كنت المفضل والمميز عندهم، وقد طلبت والدتي ( هكذا يسميها ) من أبنتها الكبرى أن تعلمني اللغة العربية.
يضيف تيمور:
- لا يمكن لي نسيان الخوف والقلق الدائم الذي سببته لهم، لكنهم حافظوا علي بسرية.
أن قصة الطفل تيمور، هي واحدة من الآلاف القصص التي كان يعيشها الإنسان العراقي في زمن صدام حسين، لكن المميز في قصة ـ تيمور الانفال والقديسة حكنة ـ هي أنها أصبحت عنوان ورمز للاخوة بين الشعبين الكوردي والعربي في العراق ( بزي برايه كورد وعرب )